أحدث الأخبار
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد
  • 12:11 . الكويت والأردن يبحثان تعزيز التعاون الثنائي وتطوير الشراكة... المزيد
  • 12:09 . عُمان تجدد التزامها بدعم الأمن البحري وتعزيز التعاون الدولي... المزيد
  • 12:08 . المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال غزة "تصعيد خطير وغير مقبول"... المزيد
  • 12:04 . "الإمارات للدواء" تعتمد علاجاً مبتكراً لمرضى "الورم النقوي المتعدد"... المزيد
  • 12:03 . الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران... المزيد
  • 11:03 . الحوثيون يهاجمون أهدافا إسرائيلية بحيفا والنقب وإيلات وبئر السبع... المزيد
  • 12:29 . قرقاش ينسب لأبوظبي الفضل في اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا... المزيد
  • 12:23 . 673 شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي بنمو 61% خلال عام... المزيد

فن توزيع الخرائط

الكـاتب : محمد الدحيم
تاريخ الخبر: 22-11-2014

بين ذاكرة الماضي، واستشراف المستقبل، توجد مسافة ومساحة هي الأهم، إنها لحظة الآن، التي تشكل مركز الحركة. إن موقفنا من التأريخ وأحداثه لم يكن واضحاً، أو على الأصح هو موقف مؤدلج - سياسياً ودينياً - بشكل معقد، وبطريقة تستدعي الماضي لإدارة الحاضر ورؤية المستقبل، فالقدَامة فضيلة شبه مطلقة، أو هي شرط في الفضيلة! فالبيت القديم، والبلدة القديمة، والرأي القديم، والأكلة الشعبية... إلخ، كلها أفضل من حاضر اليوم وبالطبع إلا مركوباته! لأنها «مريحة»!

وفي المقابل فإن القرار تجاه المستقبل قراءة وإدراكاً، وتخطيطاً ورؤية ليس أكثر وضوحاً، حتى ملَّ الإنسان من مصطلح «استراتيجي» وبدأ يشك فيه، فهل نحن نتوجه إلى مستقبلنا مشاركين في صنع أحداثه؟ أم أننا نساق إليه بقوة الحركة وسرعتها، لنكون نحن ضحايا ظروفه المعرفية والاقتصادية، ووقود ناره العسكرية، أي كما نحن الآن! بين «الانتماء والارتماء» يتحتم الرشد، ويتوجب الوعي في واقع متغير، يتيح لنا الفرض وفي الوقت نفسه يصنع لنا الفخاخ!

الوعي وليس إلا الوعي بوصلة الاتجاه الصحيح، «فالشرق صار غربياً إلى حد كبير، والغرب هو الآخر لم يعد غربياً تماماً، وعالم لم تعد فيه البوصلة قادرة على التمييز بين الجهات الأربع»، حال كما تصفها الدكتورة أم الزين بنشيخه.

لذا وعلى حد تعبير «دولوز» علينا أن نتعلم «فن توزيع الخرائط» ولن يكون ذلك من دون أن نعمل على فك المرهون، وفي المقابل أيضاً، أن نعمل على المشاركة أو صناعة رهاننا الوجودي، مهمتان ليست إحداهما أسهل من الأخرى، لكنه عمل الوعي المُفكر واللامفكر فيه الذي يستطلع المواقع ويرسم الخرائط. المرهون بعلائق الماضي والقديم - بالطبع ليس المقدس - يجب فك رهانه وتحرير قيده بطرح أسئلة الوجود، أسئلة الحضارة والتقدم، وليست أسئلة السخرية والاستهجان والنكران، لأن لكل أحد طريقته في تشكيل المفهوم وفي تحول قناعاته، والأسئلة الصحيحة وحدها هي أجوبة صحيحة، وفي الوقت الذي ندرك فيه أن كسر هذا القيد وفك المرهون ليس خياراً بارداً بل هو خيار ضاغط على الفرد والمجتمع والمؤسسة، فإننا أيضاً لا نجد مسوغاً للعنف والعنف المقابل، ولا نجد مسوغاً للبعد والاستبعاد عن المفاعلة الفكرية والميدانية، لأن ما لا تتاح له فرصة العلن سيفعل في الخفاء! المؤكد أنه لا توقف لعمل الأفكار بما أن طبيعتها التطور والاستمرار أما الراهن المتقدم - ولو على حد زعمه - فهو الوحيد الفاقد للأثر حين لا يدرك أن الناس هم ميدان العمل وكوادره، وأن العقل البشري هو من سيدعمه، وليس قوة الجاه والمال والسلطة، - أي - أن نخبويته ربما تخذله أو هكذا فعلت. الراهن سابق في المعرفة والرؤية، وهو كذلك آني ومسؤول، ولن يكون واقعياً بلا واقع، وإلا كان «مثل العروضي له بحر بلا ماء»!

الراهن ليس سيفاً على ماضيه ومجتمعه، وليس ويلاً يكيل الشتائم لحال هو يعرف كيف تكومت ولم تتكون! هذا إن كان يعرف، وإلا فالمصيبة أعظم. الراهن يحمل المصباح ويزرع الأفكار في حدائق المستقبل وحقول الأجيال، ليس منا من يروّج للإحباط، ويسوّق للقهر، فتلك بضاعة مرفوضة مقبورة. الراهن حين يكون كذلك فإنه يترك المجال للمرهون أن يصنع فعله ويترك أثره، وهكذا حصل، فهل نضيع نحن بين الراهن والمرهون؟

سؤال كان أم تساؤلاً فالإجابة واحدة: أن الأزمة حاضرة والحلول مؤجلة، والشكوى مستمرة، والدعوى قائمة، والمدعى عليه غائب، والضحية أنا حين أكون أنت، وأنت حين تكون أنا. وإذا كان لـ«المرهون بماضيه» عذره الكامن في طريقة تفكيره أو تشكيل تربيته، أو معطيات بيئته، فما بال «الراهن» وهو وليد اللحظة وحاضر الفرصة، ما باله ضاع وأضاع، واستدرجته منتديات الفوضى وملتقيات الهدر والهذر وشبكات العنكبوت، وهل أوهى من بيت العنكبوت؟!

لماذا غابت المشاريع الفاعلة؟ ولماذا تراجعت الأفكار الحضارية أو فُككت؟ ليس المرهون إلا عذراً للراهن وشماعة لتدهوره، فك الله أسرهما أو كفى من شرهما.