منذ إعلان وزارة التغير المناخي والبيئة عن "المبادرة الوطنية للوجبات المدرسية" قبل نحو عامين، ظلّ هذا المشروع حاضرًا في النقاش العام لما يحمله من وعود كبيرة على مستوى الصحة والتعليم والتنمية المستدامة.
المبادرة التي تهدف إلى توفير وجبات صحية مجانية لجميع طلاب المدارس الحكومية بحلول عام 2025، حظيت عند إطلاقها بترحيب واسع من الأسر والمجتمع، باعتبارها خطوة تعزز المساواة بين الطلاب وتدعم تكوين عادات غذائية سليمة للأجيال القادمة.
لكنّ مسار التنفيذ لم يخلُ من التحديات. المرحلة التجريبية التي كان من المقرر إطلاقها في العام الدراسي 2023-2024 لم تُنفذ، وهو ما أعاد فتح باب التساؤلات داخل المجلس الوطني الاتحادي وخارجه حول مدى جاهزية الجهات المعنية لتطبيق البرنامج ضمن الإطار الزمني المحدد.
النقاش الأخير تحت قبة المجلس الوطني، بين العضو سمية السويدي ووزيرة التغير المناخي والبيئة آمنة الضحاك، أعاد الموضوع إلى الواجهة.
السويدي شددت على أن المبادرة ضرورة وطنية تتقاطع مع قضايا صحية خطيرة، أبرزها ارتفاع نسب السمنة والسكري وأمراض القلب بين الأطفال واليافعين، فضلًا عن كونها مبادرة ذات أبعاد اقتصادية وبيئية واجتماعية، تسهم في دعم الإنتاج المحلي وتقليل هدر الطعام وتعزيز العدالة بين الطلاب.
الوزارة من جانبها أكدت أنها تعمل على تحديث الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، بما يشمل مراجعة الأدوار والمسؤوليات وتعزيز القيمة الغذائية للمحاصيل المحلية. لكنها لم تحدد بوضوح متى ستدخل المبادرة حيز التنفيذ العملي، وهو ما دفع البعض إلى المطالبة بخارطة طريق واضحة وجدول زمني معلن.
الحديث عن الوجبات المدرسية المجانية ليس جديدًا، بل يرتبط بعضوية الإمارات في "تحالف الوجبات المدرسية" الذي يضم 70 دولة، ويهدف إلى ضمان حصول كل طالب على وجبة صحية بحلول عام 2030.
على المستوى الدولي، تشير الأرقام إلى أن أكثر من 388 مليون طالب استفادوا من برامج التغذية المدرسية في 2020، ارتفعوا إلى 418 مليونًا في 2022، ما يجعل السؤال ملحًا حول موقع الإمارات من هذه التجربة العالمية.
بين الحماس الشعبي والرسمي من جهة، والبطء في التنفيذ من جهة أخرى، تبقى المبادرة الوطنية للوجبات المدرسية مشروعًا مؤجلًا تتجدد حوله الأسئلة في كل دورة برلمانية تقريبًا.
وبقدر ما تعكس هذه التساؤلات قلقًا مشروعًا، فإنها أيضًا تعبّر عن رغبة جماعية في رؤية المبادرة تتحول من وعود وأهداف استراتيجية إلى واقع ملموس داخل الصفوف المدرسية.