بينما يوافق 26 يونيو "اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب"، وتدعو الأمم المتحدة فيه إلى إنهاء جميع أشكال التعذيب والمعاملة القاسية، تواصل سلطات أبوظبي تقديم صورة وردية عن سجلها الحقوقي، في وقت لا تزال فيه تحتجز العشرات من النشطاء والإصلاحيين والأكاديميين خلف القضبان، رغم انتهاء فترة محكومياتهم، وسط صمت رسمي وتعتيم إعلامي.
وفي هذا السياق، أعلنت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في الدولة – وهي هيئة حكومية – أنها بحثت مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان سبل "تعزيز التعاون" في مجالات التدريب وتبادل الخبرات، بدعوى تطوير منظومة حقوق الإنسان في الدولة.
وأكد رئيس الهيئة، مقصود كروز، خلال لقائه وفد المفوضية في أبوظبي، أن الإمارات ملتزمة بالاستفادة من التجارب الدولية لتعزيز المعرفة والقدرات المؤسسية في هذا المجال.
وفي خطوة أخرى لتجميل صورتها الحقوقية سيئة السمعة، نقلت وكالة أنباء الإمارات "وام" إشادة منسوبة للمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة والفتيات، ريم السالم، خلال الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان، وصفت فيها ما أحرزته الإمارات في تمكين المرأة والمساواة بين الجنسين بأنه "استثنائي"، وأثنت على ما سمّته "الإرادة السياسية القوية" للدولة في هذا المجال، مشيدة بالإصلاحات القانونية ومشاركة المرأة في الحياة السياسية والاقتصادية.
لكن هذه التصريحات – رغم أهميتها – لا تغطي على الواقع الحقوقي القاتم في الدولة، حيث لا تزال سلطات أبوظبي تتجاهل نداءات المنظمات الحقوقية الدولية بالإفراج عن معتقلين رأي انتهت محكومياتهم منذ سنوات، من أبرزهم شخصيات أكاديمية وشيوخ كبار وقيادات تربوية فاعلة في المجتمع.
كما وثّقت تقارير أممية ومنظمات غير حكومية استخدام أبوظبي لأساليب التعذيب وسوء المعاملة في السجون، وفرض العزلة والحرمان من الرعاية الطبية والمحاكمات العادلة.
يأتي هذا التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي والممارسات الفعلية ليعزز الانتقادات المتزايدة بأن أبوظبي تسعى إلى تحسين صورتها دوليًا من خلال واجهات رسمية ومؤتمرات دولية وشهادات انتقائية، في وقت تواصل فيه تقييد حرية التعبير، وقمع النشطاء، وتجاهل التزاماتها الحقوقية الأساسية أمام المجتمع الدولي.