قالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالشارقة، كارين يونغ بمقال نشره موقع “بلومبيرغ”، إن العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، والأحداث التي شهدتها مدينة القدس المحتلة وحي الشيخ جراح، أعاقت الأمل الاقتصادي لاتفاقات التطبيع بين أبوظبي وتل أبيب.
وذكرت الباحثة، المشاعر المعادية لإسرائيل المنتشرة في دول الخليج ستكون بمثابة اختبار لعمق ومتانة التعاون الاقتصادي الذي وعدت به اتفاقيات "إبراهيم" والتي كان الهدف منها فتح أبواب التجارة والاستثمار، إلا أن هذا الصيف لن يكون كما حلم به قطاع الشركات ورجال الأعمال في أعقاب حرب غزة الرابعة والعنف بين اليهود والعرب داخل "إسرائيل".
وكانت التوقعات المبكرة متفائلة، بحسب الباحثة، فقد قدرت وزارة المالية الإسرائيلية إمكانات التجارة الثنائية مع الإمارات وحدها بنحو 6.5 مليار دولار في السنة. وفي مارس الماضي، أعلنت الإمارات عن خطط لصندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار، في مشاريع في “قطاعات استراتيجية” في الاقتصاد الإسرائيلي، بما في ذلك التصنيع والطاقة والرعاية الصحية.
وكان هناك حديث أيضا عن مشاريع مشتركة في أجزاء أخرى من الشرق الأوسط، حيث تمتلك الإمارات استثمارات كبيرة بينما تتخلف "إسرائيل" كثيرا. وسيتم توثيق هذه المشاريع من خلال “العلاقات بين الناس” – على وجه التحديد، العلاقات الجديدة بين رواد الأعمال والمستثمرين الإماراتيين والإسرائيليين.
وترى الباحثة أن البوادر الأولية من السياحة كانت جيدة، ذلك أنها مؤشر رئيسي للتأثير الاقتصادي للاتفاقيات، حيث وصل أكثر من 50.000 إسرائيلي إلى دبي خلال عطلة رأس السنة اليهودية الجديدة. وكانت إسرائيل تأمل في جذب 100.000 سائح سنويا من الإمارات. وأعلنت شركة الاتحاد للطيران، شركة طيران أبوظبي، عن رحلات جديدة إلى تل أبيب.
وفي الشهر الماضي فقط، بدأت إسرائيل والإمارات محادثات بشأن ممر سفر خال من الحجر الصحي للأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل ضد كوفيد-19/ وكل هذه الخطط كانت قبل اقتحام شرطة الاحتلال الإسرائيلية للمسجد الأقصى في القدس، أحد أقدس الأماكن الإسلامية، مستخدمة القنابل الصوتية والرصاص المطاطي ضد المتظاهرين الفلسطينيين.
وفي العالم العربي، أثار هذا والعنف الذي تلاه، غضبا واسع النطاق، زادت حدته خلال حرب غزة، مشيرة إلى أن الغضب العربي، قد يدفع بدوره، الإسرائيليين إلى إعادة التفكير في رحلة إلى دبي أو أبوظبي أو المنامة. منذ وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي في حرب غزة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، اندلعت أعمال عنف جديدة في المسجد الأقصى.
وترى الكاتبة أنه من الصعب التنبؤ كيف ستتأثر التجارة والاستثمار. فبين سبتمبر 2020 الى مارس 2021، كانت التدفقات متواضعة وتميل إلى الانتقال من الإمارات إلى "إسرائيل" أكثر من العكس.
وبلغت استثمارات رأس المال الإسرائيلي في الإمارات أقل من 25 مليون دولار في مجالات مثل الرعاية الصحية والاستشارات وتجارة الماس والذكاء الاصطناعي. كان استثمار رأس المال الإماراتي في إسرائيل أكثر منه ثلاثة أضعاف، بنحو 80 مليون دولار، ولكن في ثلاثة مواضع فقط – في الذكاء الاصطناعي، وإحدى شركات الدفاع، والضيافة والنقل.
وجاءت الاستثمارات الإماراتية في "إسرائيل" حتى الآن من شركات مرتبطة بكيانات حكومية، مثل مبادلة، صندوق الثروة السيادية الإماراتي، ومن شركات خاصة ذات ملكية موحدة. وهذا يجعلها تقاوم الضغط لفك الارتباط مع "إسرائيل"، طالما استمرت حكومة أبوظبي في الوقوف وراء الاتفاقات.
ووفق رأي الباحثة، فإنه بالنظر إلى المشاعر القوية المعادية لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن الأعمال الإماراتية ستكون حذرة بشأن المشاريع المشتركة.لكن المستثمرين من القطاع الخاص الآخرين قد يكونون أكثر عرضة للمزاج العام السائد.
وأشارت إلى أن حملات وسائل التواصل الاجتماعي المؤيدة للفلسطينيين تمثل نوعا جديدا من الضغط على الشركات، بالنظر إلى المشاعر القوية المعادية لإسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فإن الأعمال الإماراتية ستكون حذرة بشأن المشاريع المشتركة.
وقد يجعل قرار صندوق الثروة السيادية النرويجي بالتخلي عن الشركات المرتبطة بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية الأمر محرجا بالنسبة لأصحاب الاستثمارات الخليجية، الخاصة والسيادية، الذين يأملون الاستفادة من المواقف الأكثر تهاونا لحكوماتهم، وفقاً لرأي الباحثة.
وتقول الباحثة يونغ إن الأمل الاقتصادي لاتفاقات التطبيع يستند، إلى حد كبير، على المشاريع الخاصة وعلى علاقات تجارية تتطور من تلك العلاقات بين الأفراد. وربما تكون أحداث الأسابيع الثلاثة الماضية قد أعاقت التقدم على تلك الجبهة المهمة من "اتفاق العار".