أحدث الأخبار
  • 04:42 . ترامب يصل أبوظبي في آخر محطة خليجية... المزيد
  • 02:33 . الإمارات تدعو أطراف الأزمة الليبية إلى الحوار وتجنب التصعيد... المزيد
  • 01:24 . ترامب من قطر: لا أريد أن تتخذ المفاوضات النووية مع إيران "مسارا عنيفا"... المزيد
  • 01:24 . ارتفاع أسعار الخضار والفواكه بنسبة 80% بسبب موجات الحر وارتفاع تكاليف النقل... المزيد
  • 11:09 . مدارس خاصة في الشارقة تُلزم أولياء الأمور بسداد الرسوم قبل اليوم ومطالبات بمرونة في الدفع... المزيد
  • 11:08 . مسؤول إيراني رفيع: طهران مستعدة للتخلي عن اليورانيوم مقابل رفع العقوبات... المزيد
  • 11:05 . رئيس الدولة يبحث مع وزير دفاع السعودية في أبوظبي تطورات المنطقة... المزيد
  • 11:04 . رئيس الوزراء القطري: لا نتوقع تقدما قريبا في المفاوضات بين حماس و"إسرائيل"... المزيد
  • 08:50 . الذكاء الاصطناعي في مجمع الفقه... المزيد
  • 07:26 . الإمارات ترحب بإعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا... المزيد
  • 05:55 . ترامب يصل الدوحة في ثاني جولاته الخليجية... المزيد
  • 01:18 . البيت الأبيض: ترامب يدعو الشرع للانضمام إلى اتفاقيات "التطبيع مع إسرائيل"... المزيد
  • 01:16 . ترامب يجتمع مع الشرع في الرياض بحضور ولي العهد السعودي وأردوغان عبر تقنية الفيديو... المزيد
  • 01:03 . تحذير من التعامل مع مكاتب غير مرخصة لاستقدام العمالة المساعدة... المزيد
  • 12:42 . الاحتلال الإسرائيلي يصدر تحذيرا بإخلاء ثلاثة موانئ غربي اليمن... المزيد
  • 12:38 . ولي العهد السعودي يفتتح القمة الخليجية الأميركية بالرياض... المزيد

إدانة قابيل قبل «الدواعش»

الكـاتب : أحمد أميري
تاريخ الخبر: 14-09-2014


نشر أحدهم في «تويتر» صورة قال إنها لواجهة كنيسة في إيطاليا، تبدو فيها منحوتة لرجل يحمل سيفاً بيد، ورأساً مقطوعة باليد الأخرى، وكتب المغرد (الحاصل على الدكتوراه) معلقاً: «داعش الأوروبية». وبعد دقائق، انهالت هذه النوعية من التعليقات: «يتهمون المسلمين بقطع الرؤوس!.. هذه ثقافة أوروبا التي يحاولون إلصاقها بنا.. أوروبا أول من سنّ هذه السنة السيئة وعليهم وزرها إلى يوم الدين.. هؤلاء هم أساتذة داعش».

وبعد العثور على آثار داعشية قديمة على جدران أوروبية، نستطيع القول إن «داعش» لم تعد مشكلتنا، فما هؤلاء «الدواعش» إلا امتدادٌ لسلف أوروبي الهوية، مسيحي العقيدة، ولا ينقصنا الآن إلا أن نعلق تلك الصورة فوق رؤوسنا ونلقي عليها نظرة كل ليلة قبل أن ندخل في نوم عميق.

وقبل أيام، كتب أحدهم (يعد من أشهر كتاب الأعمدة العرب) مقالاً حشد فيه أرقام ضحايا الحروب بين دول الغرب المسيحي، وضحايا حروب جورج بوش، وضحايا الهمجية الإسرائيلية، ثم تساءل مستنكراً: «لا نسمع اليوم إلا عن داعش والإرهابيين الآخرين؟!»، مؤكداً أن «إرهابهم (أي الدواعش) نقطة في بحر الإرهاب الآخر».

أعتقد أنه لا شيء يزيد في حلكة الظلام الذي نعيش فيه مثل هذه الطريقة البائسة من التفكير، الشائعة جداً، إذ لا يمكن إدانة إجرام «داعش»، الذي تخطى كل حدود، والتي لم يعد أفرادها يستحقون الإشارة إليهم كبشر، إلا بإنكار كل الجرائم التي وقعت منذ بدء الخليقة! ومن باب أولى، أن ما دون النحر، كالقتل «الرحيم» بالرصاص، وسبي النساء، وفرض الجزية، وتهجير البشر، وهدم المقدسات، تمضي كلها برداً وسلاماً على عقولنا من دون حتى محاكمة فكرية للفاعلين، فأي محاكمة يجب أن تبدأ بالمتهم الأول: قابيل، وإلى أن يأتي دور «الدواعش» نكون قد دخلنا في العصر الجليدي.

ومن يستمع إلى خطاب هؤلاء يعتقد أننا (باعتبارنا المعنيين بتلك التغريدات والمقالات) لم نسمع قط بالإرهاب الديني المسيحي (الذي كُتبت عنه الروايات وألفت فيه الكتب)، ولا بمحاكم التفتيش الإسبانية (التي نذكرها كلما تذكرنا الأندلس، والتي نذكرها بدورها كلما تذكرنا الماضي، والذي نذكره أصلاً لأننا نعيش فيه)، ولا بالمآسي التي حصلت في الحربين العالميتين (التي نعرف أسماء ضحاياها فرداً فرداً)، ولا بالحروب الأميركية الأخيرة (التي سالت بحار من الحبر في إدانتها)، ولا بالإرهاب الإسرائيلي المستمر منذ عقود طويلة (الذي هو حديث يومي).

لكننا اليوم أمام مأساة جديدة، وإرهاب غير مسبوق ينتمي إلينا، ويتحدث بلساننا، ويرفع شعارات تخص مقدساتنا، ويروج لفكره بين أبنائنا، بل إن ضحاياه هم من أبناء هذه المنطقة وليسوا من قارة بعيدة.. فما هو المطلوب منا فعله الآن؟ نكتب مقالة عن خطر «داعش» ونخصص لها فقرة واحدة فقط، وبقية الفقرات نتحدث فيها عن النازية مثلا؟! ولنفترض من الأساس أن عصابة أوروبية ظهرت الآن وأخذت تنافس «داعش» في الإجرام، فهل هذا يغير من الحقيقة شيئاً؟! هل يغير هذا حقيقتنا نحن؟! وأوضاعنا نحن؟! وضياعنا نحن؟!

حين أكون ضمن متحدثين في مؤتمر بشأن «داعش» يعقد في جامعة غربية، فإنني قد استعرض أمام الحضور جوانب من تاريخ أتباع بقية الأديان مع الإرهاب، لأوصل رسالة إلى الحضور بأن الإرهاب لا دين له. أما أن تنشر «داعش» فيديو نحر صحفي أميركي، وتقرأ في التعليقات أشخاصاً يتحدثون عن مجازر الفرنسيين في الجزائر قبل نصف قرن، فهذا إن لم يكن تغطية على الجريمة، فإنه ينم عن خلل كبير في طريقة التفكير.