أحدث الأخبار
  • 08:42 . مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية... المزيد
  • 07:46 . "التربية" تعلن التقويم الأكاديمي للمدارس الحكومية والخاصة 2025 – 2026... المزيد
  • 07:44 . شرطة أبوظبي تحذر من استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لترويج المخدرات... المزيد
  • 12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد
  • 12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد
  • 12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد
  • 12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد
  • 12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد
  • 12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد
  • 12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد

المواجهة التاريخية الشاملة لا المؤقتة

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 28-08-2014

موضوع "داعش" و"النصرة" وبقية المنظمات الجهادية التكفيرية المماثلة، سواء على المستوى الوطني أم المستوى العالمي العابر للحدود، ما عاد يكفي التعامل معه ومواجهته بمقال صحفي هنا أو بخطاب إعلامي هناك . فمواجهة علة خطرة، على مستوى الصحة والاجتماع، إن لم تكن شاملة، فإنها لن تجدي .
لنذكر أنفسنا أولاً بأنه في خلفية الموضوع تكمن إشكالات كبرى . هناك أولاً الجانب الديني المتمثل في القراءات التخمينية المتزمتة لنصوص قرآنية منتقاة مفصولة عن سياقها التاريخي وأسباب نزولها، وفي أشكال من الفكر الفقهي المتخلف والذي لأسباب دنيوية ألبسه أصحابه أثواب القداسة، وفي التاريخ الطويل للاستعمالات الانتهازية للدين ورموزه في صراعات الملك والسياسة والاستحواذ على الغنائم .
هناك ثانياً ثقافة التسلط والقمع في البيت والمدرسة والمسجد والحزب ومؤسسات المجتمع والحكم المؤدية إلى سلوكيات الطاعة العمياء والاتكالية والخوف، وتبرير كل ذلك من خلال ترديد الأمثال الشعبية الشائعة المتجذرة المتلاعبة بحقول الإيمان والغيب والأخلاق والأوهام والتطلعات والأشواق الروحية في الإنسان .
هناك ثالثاً الحزازات والولاءات القبلية والطائفية المذهبية والعائلية والجهوية التي لم يستطع لا الإسلام الجامع ولا قيم الحداثة الديمقراطية محوها من حياة العرب السياسية والاجتماعية . . جميع تلك الإشكالات، وغيرها الكثير من المواضيع والسلوكيات المشوهة لإنسانية الإنسان ومجتمعاته، والتي جميعها تقف وراء ظاهرة جنون الجهاد التكفيري، لن تكفي لمواجهتها عبارات الشجب والغضب المؤقت والقلق الكاذب المنافق عند هذه الحكومة أو تلك أو عند هذه الجهة الاستخبارية أو تلك .
لماذا الأمر كذلك؟ لأن الدراسات والتحاليل النفسية والسوسيولوجية تؤكد بأن تلك الإشكالات والعوامل الدينية والثقافية والسلوكية والسياسية التي زرعت ظاهرة الجنون الديني الماثل أمامنا هي نفس الإشكالات والعوامل الكامنة في عقل ووجدان أغلبية كبيرة من سكان أرض العرب . والفرق الوحيد بين هذه الأغلبية من الملايين وبين البضعة ألوف من حاملي رايات "داعش" و"النصرة" وفروعهما هو أن تلك الإشكالات والعوامل قد تفجرت وظهرت كممارسات غريزية همجية إلى السطح عند أولئك الأتباع، بينما
هي ما زالت في حالة الكمون والتخفي في أعماق الكثيرين منا بانتظار الفرص والظروف الملائمة لتنفجر وتظهر على السطح في أشكال لا حصر لها من الهمجية والجنون العنفي .
وهناك رابعاً بالطبع قضايا الفقر والقمع الأمني والبطالة والتهميش والتمييز وغيرها الكثير .
هذا المشهد العربي العام المملوء بما انتهت صلاحيته التاريخية، الموبوء بما لا يتوافق وبما لا يمكن أن يتعايش مع متطلبات العصر والكثير من قيمه الإنسانية المعقولة المجربة، هو الذي يجب التوجه نحو معالجته بصور شاملة جدية عميقة شتى، حيثما يتجلى، ولدى كل حامليه وناصريه، ابتداء من الوالدين اللذين يعكسان كل أمراض محيطهما الاجتماعي ويعيدان إنتاج الموروث الحضاري ويدخلان كل ذلك في عقل ووجدان أطفالهما، مروراً بالأستاذ المدرسي أو الجامعي الممارس اجترار التراث، مروراً بعالم الدين المهووس بادخال كل ما هو هامشي غريب وشاذ وغير منطقي في فضاءات الدين البسيطة السامية المستنيرة المتسامحة، وانتهاء بشتى أنواع السياسيين المتاجرين بالدين في أسواق السلطة والأطماع والنهب والفساد .
ذلك التحليل النفسي والسوسيولوجي والفلسفي للفرد والجماعة، الذي سيكشف أوهام الثقافة العربية اليقينية، المطلوب معالجته للتراث كناقد ومتجاوز وتفاعله مع الحداثة بندية ونقد وإضافات إبداعية . . . هذا التحليل لا يمكن أن يتم وينضج إلا في أجواء الحرية والأنظمة الديمقراطية التي طرح شعاراتها الكبرى شباب ثورات الربيع العربي في بداياتها .
قدر الجيل العربي الجديد أن يناضل، دون هوادة ودون التفات إلى المثبطات التي تلقى أمامه، من أجل انتقال أمته التاريخي نحو الديمقراطية، ليس فقط لأنها مهمة بذاتها، وإنما لأن وجودها شرط للبدء بذلك التحليل النفسي - السوسيولوجي الذي سيكشف المسكوت عنه من أجل أن تصحو الأمة العربية وتستجمع قواها لتواجه العوامل الكثيرة التي فرخت "داعش" و"النصرة" وأخواتهما في الماضي والحاضر، والتي إن لم تعالج بمستوى تاريخي جمعي ستفرخ مستقبلاً أولادهما وأحفادهما .