أحدث الأخبار
  • 12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد
  • 12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد
  • 12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد
  • 12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد
  • 12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد
  • 12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد
  • 12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد

ربيع ثاني وثالث: عيش… حرية… عدالة اجتماعية

الكـاتب : شفيق ناظم الغبرا
تاريخ الخبر: 12-10-2019


ربيع ثاني وثالث: عيش… حرية… عدالة اجتماعية | القدس العربي

كل المؤشرات تنبئ بأننا نجلس على بركان ينفجر على مراحل ودفعات. وفي كل دفعة جديدة تبدو كرة الثلج واضحة المعالم، إذ تنتقل بين المكان والآخر لتصل لمناطق جديدة لم تصلها من قبل. تتدفق الأخبار مؤكدة بأن سكان الإقليم العربي ليسوا سعداء بينما يتعايشون بسلبية مع أنظمة قمعية وقلما سياسية بسبب خلوها من صيغ تنظر للمصلحة العامة كهدف أساسي من أهداف الدولة، بل وقلما تتطلع تلك الأنظمة لمصلحة المواطن كأولوية. في هذا الإقليم سيطرة لشخصيات تتمتع بالسلطة لأجل السلطة والسيطرة لأجل السيطرة مما يـؤدي لمجتمعات مفككة قابلة للانفجار.
في مصر وبسبب غلق المساحات السياسية بما فيها الحزبية والوطنية النقدية والمعارضة بكل مدارسها برزت ظاهرة محمد علي. بل تحول خطاب محمد علي، بين يوم وليلة، لرسالة إنذار للنظام. فمصر في بداية جديدة لحراك يبحث عن العيش الكريم والحقوق والدولة المساءلة.

 اما في العراق فقد انفجر كل شيء من جراء تراكمات نتجت عن الفساد المتحكم بالدولة، لقد أخرج الشعب العراقي غضبه وكبته ضد قوى الفساد وضد النخب التي لم تقم بأدنى عمل لإعادة بناء العراق منذ سقوط نظام صدام حسين. لهذا مهما صدقت اعمال بعض قادة الدولة كالرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، الا ان الحالة العامة للمؤسسة العراقية الرسمية والأحزاب السياسية المسيطرة مليئة بالتناقضات. إن الرد على المظاهرات والمطالب بالماء النظيف والكهرباء والحقوق والعدالة بالرصاص هو ما وقع تماما في سوريا في 2011. ما يقع الآن في العراق دليل على عمق التمرد الشعبي الذي وصل لكل الأوساط الشيعية كما والسنية ودليل آخر على سعي العراقيين لأجندة وطنية تخرجهم من تحكم الخارج (الدور الإيراني) وفساد الداخل.
أما الحراك الجزائري فهو يطرح المزيد من المقاومة في وجه الحكم العسكري كما ويطرح بقوة أسسا لانتقال ديمقراطي. في الجزائر تطورت هوية وطنية مكتملة وتجربة تاريخية مع العنف تفرض الحوار وفتح المساحة لنظام سياسي أكثر تمثيلا. بينما في السودان وصلت المفاوضات بين الجيش والمدنيين المعارضين لموقع متقدم في إطار طرح الشراكة في العمل الحكومي. 

إن دور الجيوش في السياسة في مصر والسودان والجزائر لم يعد مقبولا بسبب تحول دوره من الدفاع عن الوطن الى التجارة والمقاولات وبيع المأكولات ونشر الفساد. إن دفع الجيوش للعودة لثكناتها ليس من وحي الخيال، بل أصبح حراكا واضح المعالم في عدد من البلدان العربية بما فيها مصر. إن نجاح نموذج واحد للتغير كفيل بالإطاحة ببقية النماذج العسكرية.

أما في سوريا فقد قامت المعارضة المسلحة منذ أسابيع بتوحيد جهودها ضمن إطار جديد، بينما تخلت الولايات المتحدة عن حلفائها الأكراد، بنفس الوقت تتقدم تركيا في الشمال نحو المنطقة الآمنة. المشكلة السورية ليست قابلة للحل في المدى المنظور أو المتوسط وذلك بسبب الخارج والداخل. فحتى الآن لم تتبدل حالة الشعب السوري في ظل ملايين اللاجئين. في سوريا لن تحل الأزمة بلا نظام مساءل يضمن الحياة الكريمة والحقوق لكل الناس. وهذا غير ممكن بلا تغيير أساسي في بنية النظام السياسي وفي بنية الرئاسة.

 في سوريا أن نظام الأسد يعاني الآن من عمق اكتشاف السوريين وخاصة أنصاره لمدى الكارثة التي ألمت بسوريا. سوريا في هذه المرحلة واقعة بقوة تحت النفوذ الروسي الذي يمسك بملفها، ستراوح سوريا في مكانها لأمد غير معلوم.
أما حرب اليمن والأحداث التي أحاطت مؤخرا بالمملكة العربية السعودية فتتكثف منذ قصف أرامكو ومنذ مقتل الحارس الشخصي للملك سلمان الفغم ومنذ الهجمات الحوثية الأخيرة في الاراضي السعودية بما في ذلك انقسام الجنوب عن الشمال ودور الامارات المتحدة في المشهد اليمني. 

هذا المشهد يشير لاستمرار الأزمة اليمنية الراهنة كما هو حال الحرب الأهلية الليبية وذلك بتداخل عوامل الداخل مع الخارج. ومع ذلك تبرز بين الحين والآخر إشارات إيجابية عن تفاوض إماراتي سعودي مع إيران. هذه المفاوضات التي تهدف للتهدئة قد تنجح خاصة بعد انكشاف هشاشة الوضع العربي في ظل التراجع الأمريكي وقرارات ترامب المفاجئة.
كل شيء في هذا الاقليم متحرك، كل شيء ينبئ بغضب السكان ورفضهم للواقع وخوفهم من المجهول. الحراك العربي، او الصيغة الثانية من الربيع العربي، يحركها الاقتصاد وخاصة الفقر والبطالة والجوع والمستقبل المغلق المرتبط بالتهميش والظلم. إن الاحتكار السياسي، وغياب للحوار العلني والمساءلة وسيطرة الجيوش على السياسة، وانتشار الفساد والجشع والفقر وزيادة عدد نزلاء السجون تنذر بالمزيد من الحراكات والثورات.
نحن في إقليم قادته يحكمون مدى الحياة، فجمهورياته لا تتغير الا بالانقلاب والثورات، وملكياته تزداد تكلسا أمام رغبات المجتمع بحريات وحقوق ومساءلة. المرض الرسمي العربي انتقل للمجتمع وللمؤسسات وللإدارة وللسلطات على كل مستوى. أصبحت الثقافة العربية سلطة رقابة، وسلطة عقاب وتحكم وسلطة تقييد حريات وحد من الحقوق. قد لا يكون في العالم اليوم مجتمعات فيها هذه الدرجة من التحكم من قبل السلطات كما يوجد في المجتمعات العربية.
الجيل الجديد ثار في 2011، لكن ثورته انحسرت بفضل القمع، ولهذا لازال الجيل يبحث عن توازن جديد بين المصلحة العامة وبين الحرية وبين الحقوق وبين سلطة المواطن وحدود سلطة الدولة. 

لقد تم جمع كل السلطات العربية في سلطة الاستبداد والفساد وهي السلطة التي يثور عليها الجيل الصاعد. هذا الجيل لازال يبحث عن دولة حقيقية تؤدي واجباتها وتقوم بوظائفها، وهو يريدها مختلفة عن الدولة الراهنة التي اقتصرت واجباتها على الشكليات والإعلام الموجه والقمع والسجن والإهانة وشراء الصمت وسرقة المال العام وإفساد المجتمع.