تناولت صحيفة “الغارديان” البريطانية في افتتاحيتها، الجمعة (4|1)، الأوضاع في المملكة العربية السعودية وبالأخص ملف الحريات الذي يشهد انتهاكات لا حصر لها منذ تولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد، زمام الأمور.
وترى الصحيفة أن المملكة التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، لديها أسوأ سجل في العالم حين يتعلق الأمر بالحرية الدينية والحريات المدنية وحقوق المرأة.
وتقول إن ذلك لم يكن ليتغير كثيرا لو أن العاهل السعودي الملك سلمان (82 عاما)، الذي ينظر إليه باعتباره شخصية محافظة، كان المسؤول. ومع ذلك، فإن الملك غير مسيطر على الأمور وليس هو من يدير البلاد فمنذ أن صعد إلى العرش قبل أربع سنوات تقريباً، دفع ابنه محمد بن سلمان لإدارة المملكة. وتضيف الصحيفة أنه من المؤكد أن بن سلمان قد هز الأمور بدءا من شن الحروب في الخارج، وإثارة أزمة مع كندا بسبب انتقادها لملف حقوق الإنسان في المملكة، وصولا إلى القتل المروع للكاتب الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول.
وتقول “الغارديان” إنه كان من المفترض أن يتزين عهد الأمير الشاب برؤيته التي روج لها على أنها ستجلب الحداثة للمملكة، لكن تبين أنه من النرجسيين الخطرين لا من الإصلاحيين. ومما لا شك فيه أنه لا يمكن أن يتحمل أن ينسب الفضل لآخرين في نقل المملكة من عقلية القرون الوسطى، ولهذا سمح للنساء بقيادة السيارات العام الماضي، ولكن قبل شهر من رفع الحظر، شن حملة اعتقالات بين صفوف نشطاء كانوا قد دأبوا لسنوات على الدعوة إلى التغيير.
وتشير الصحيفة إلى المعتقلة لجين الهذلول التي تعد واحدة من أبرز هؤلاء النشطاء السعوديين والتي شاركت في مؤتمر القمة الإنساني الأول للشباب في عام 2016 إلى جانب ميغان ماركل. وتلفت إلى أن أخبار اعتقال الهذلول تسربت قبل بضعة أيام من زواج ماركل والأمير هاري.
وتضيف الصحيفة أنه منذ نوفمبر كانت هناك تقارير موثوقة تفيد بأن النشطاء الذين لم توجه إليهم تهم رسمية بعد، تعرضوا للتعذيب على أيدي السلطات السعودية، وهو ما نفته الرياض.
وتسخر الصحيفة في افتتاحيتها من الأحوال السائدة في المملكة في ظل حكم ابن سلمان، فتقول: إنها أضحت مكاناً يمكن أن يوافقك فيه ولي العهد على حبسك، وضربك، وإيهامك بالغرق، وصعقك بالكهرباء. فالقتل والتشويش هما عقوبات محفوظة لأولئك الذين يختلفون معه.
وتضيف الصحيفة أنه على الأقل في السعودية القديمة، واجه المنتقدون حملة قمع فقط. وتشير، في هذا السياق، إلى أن طلب برلمانيين بريطانيين مراجعة أوضاع النشطاء السعوديين المعتقلين يجب أن يؤخذ على محمل الجد من قبل الرياض.
ويقود النواب في هذا المطلب كريسبين بلانت، عضو البرلمان المحافظ الذي دافع عن المملكة، كذلك نائب عمالي كان يمجد السعودية “الحديثة ، التقدمية”. وترى “الغارديان” أن منح هؤلاء “الأصدقاء” حق الوصول إلى الناشطين والسماح لهم بمقابلة المسؤولين عن احتجازهم سيكون الخطوة الأولى نحو استجابة مناسبة من جانب السعودية للانتقاد الدولي لسجلها في مجال حقوق الإنسان، مضيفة أن على الرياض أيضاً أن تشير إلى أن إطلاق سراح النشطاء أمر مطروح.
وتختم الصحيفة بالقول إن السعودية الجديدة ليست هي نفس السعودية القديمة.. بل أسوأ. ففي العام الماضي، بدأت السلطات السعودية في السعي إلى فرض عقوبة الإعدام ضد المنشقين غير المتهمين بالعنف، ولهذا السبب لا ينبغي لبريطانيا أن تضع صفقات التجارة والأسلحة قبل حقوق الإنسان. فإذا كان ابن سلمان يريد أن تكون السعودية أكثر ليبرالية وحداثة، فعليه أن يتراجع عن مثل هذه السياسات الرجعية والانتقامية.