أحدث الأخبار
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد
  • 08:32 . "قمة بغداد" تحث المجتمع الدولي على الضغط لوقف الحرب على غزة... المزيد
  • 06:35 . "معرفة دبي" تعلق عمليات التقييم والرقابة بالمدارس الخاصة للعام الدراسي القادم... المزيد
  • 12:26 . الاتحاد الأوروبي يبحث مواصلة تعليق عقوبات على سوريا... المزيد
  • 12:19 . الجابر لترامب: الإمارات سترفع استثمارات الطاقة بأميركا إلى 440 مليار دولار بحلول 2035... المزيد
  • 11:12 . نيابة عن رئيس الدولة.. منصور بن زايد يرأس وفد الإمارات إلى القمة العربية في العراق... المزيد
  • 11:09 . سبع دول أوروبية تطالب الاحتلال بوقف حرب الإبادة في غزة وإنهاء الحصار.. وحماس تشيد... المزيد
  • 11:05 . إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن بالقدس المحتلة... المزيد
  • 11:03 . حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" تغادر الشرق الأوسط بعد الاتفاق مع الحوثيين... المزيد
  • 09:45 . الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على موانئ يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين... المزيد
  • 09:02 . مفاوضات إسطنبول.. اتفاق أوكراني روسي على تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار... المزيد
  • 08:54 . استشهاد 93 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر الجمعة... المزيد
  • 08:53 . متجاهلا الإبادة اليومية.. عبد الله بن زايد يدعو لإطلاق سراح أسرى الاحتلال وإيجاد بديل لحكم حماس... المزيد
  • 07:37 . دمشق تختار الإمارات وألمانيا لطباعة عملتها الجديدة بعد تحسن العلاقات وتخفيف العقوبات... المزيد
  • 07:28 . بعد رفع العقوبات الأمريكية.. موانئ دبي تضخ 2.9 مليار درهم في ميناء طرطوس السوري... المزيد
  • 07:17 . الإمارات والولايات المتحدة تعززان التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة... المزيد

صناعة المجتمع المتحضّر

الكـاتب : سالم سالمين النعيمي
تاريخ الخبر: 04-09-2018

صحيفة الاتحاد - صناعة المجتمع المتحضّر

مفهوم الحضارة له تاريخ كتبه طرف واحد فقط ليعمّم على البشرية أجمع، وليساهم لاحقاً في انطباعات سممّت مفاهيم عديدة، وزرعت الفرقة والصراعات بين الثقافات المختلفة للأبد، حتى أصبحت الوسيلة التي تتعاطى فيها الشعوب مع ماضيها وحاضرها ومستقبلها وآلية الحوار المقبولة لديها. والمرتكزات لمفهوم التحضر الذي تتبناه هي أحد أسباب التغريب الرئيسة التي أحدثت شرخاً عميقاً في رؤيتها لنفسها وللخارج.
فهناك برمجة تاريخية للسلوك والجانب المادي الذي يجب أن يحظى بتقدير كبير ويوصف بالتحضّر، وبأنه منتج جماعة بشرية متحضّرة، ما نتج عنه احترام أو ازدراء أقوام بشرية لأقوام أخرى، والنظرة الدونية والاستعلاء، أو الإعجاب والانبهار والتقليد وانتقاد التقاليد المحلية، والذي ينال من مجتمع ما. وفي نهاية المطاف، الجميع يخضع لمبدأ القوة بمختلف جوانبها الحياتية لدى سائر الأمم عند تحديد مفهوم الحضارة.
كما يبين لنا الواقع سيكولوجية الانجذاب لأنماط الحياة في الثقافة المهيمنة ونموذجية قوالبها كضرورة للتقدم إلى الأمام. فهل الحضارة منهج فكري يتمثّل في إنتاج مادي ومعنوي وأخلاقي، وهو مثلث صناعة الحضارة؟ وإذا ما كان الفكر الإنساني عبارة عن معرفة متراكمة ساهمت فيها كل الثقافات في العالم في فترة ما من تاريخ الإنسان على الأرض، فكيف نقول حضارة غربية أو عربية وغيرها، ولا نقول حضارة إنسانية لاستحالة أن يكون التحضر كلياً في أي مجتمع، وإنما جزئي.
فإذا كنت تنظر إلى شخص آخر مختلف عنك بأنه أقل قيمة منك، وأنك أفضل منه لنسب أو عرق أو منصب أو دين، أو كموقع جغرافي، أو مكسب مادي، فأنت بلا شك إنسان همجي غير متحضر! وإذا كنت تعتبر القتل والسرقة وغيرها من الجرائم أعمالاً مقبولة بغض النظر عن المسوغات والحجج، فأنت تعاني نقصاً حضارياً حاداً! وهناك العديد من السلوكيات التي لا حصر لها التي تجعل منك إنساناً«بعيداً» كل البعد عن التحضر إذا كانت في ممارساتك اليومية. ولذلك يجب ألا تستخدم كلمة حضارة لوصف المجموعات الثقافية التي تتمتع بمستويات عالية من التعقيد الاجتماعي والتنظيم، وتتنوع لديها الممارسات الاقتصادية والثقافية فقط، كون ذلك تقدماً أو تفوقاً في مجال معين، وليس تحضّراً بما أنه ينصب على التحسين والحركة التي في الغالب انتقائية، وليست جماعية تماماً نحو عالم أفضل، يتجاهل فيه الإنسان أخيه الإنسان في الجزء الآخر من العالم، بل في المجتمع الذي يعيش فيه، والتركيز على فائزين وخاسرين، وهو نقيض التحضّر، حيث يكون غالب أفراد المجتمع مساهمين حقيقيين في تخفيف معاناة الإنسان في شتى أصقاع المعمورة.
فتملك معظم المجتمعات المتقدمة سلطة مركزية تعمل كحكومة، وتضع القوانين والتشريعات والسياسات والاستراتيجيات والنظم وتنفّذ القوانين، وتنظّم حياة المجتمع، وتنشر شعارات المساواة بين الجميع والمعاملة العادلة. ويعتبر الحصول على الغذاء، والمياه النظيفة، والتعليم والصحة والتخصص الوظيفي، ووجود بنية تحتية حديثة وخدمات ذكية ومكان آمن للعيش وتوفر السلامة، وكل عناصر تنفيذ القوانين وحماية المواطنين، هي سمات مميزة للمجتمع المتقدّم.
ولن يكون متحضّرًا إذا لم يكن للفرد حق إبداء الرأي، وحرية التعبير والعيش بأسلوب الحياة المناسب له هو، طالما أن أسلوب حياته لا يؤثر، ولا يمس سلباً حياة الآخرين بصورة مباشرة، ولا تفرض إرادة السلطة على الشعوب قسراً، فالحضارة ترتبط بالتطور الاجتماعي الأخلاقي، وأن يسود العدل والمساواة بين الجميع، واحترام حق الآخر في أن يعيش الحياة التي اختارها لنفسه، فلا يحرم شخص من فرصة وظيفية ما لكون سلوكه الشخصي مرفوضاً من مجتمعه على سبيل المثال.
ولطالما تحدثنا عن التعايش السلمي بين الشعوب، ولو وصلت تلك الشعوب فعلياً لمستوى تحضّر مقبول، وبذلت جهوداً لمنع تحوّل اختلافاتهم لخلاف، لما تحدثنا عن ذلك اليوم. فالمجتمع المتحضّر فيه تقدير لعطاء الإنسان للإنسانية ككل وليس لشخصه وعائلته فقط وبني جلدته ودينه ومجتمعه، وحيث لا يشعر الفقير بمرارة الطبقية، وتكون ممارسة الفن والثقافة محل تقدير في المجتمع، ويكون التعليم أرقى مهنة والأكثر دعماً في المجتمع، والمفكرون والفلاسفة ورجال الجانب الروحي التنويريون هم أهم عناصر المجتمع المتحضّر وليس المهنيين مهما كانت قيمة الخدمة المقدمة منهم والدرجة العلمية التي يحملونها، فالمنصب والنفوذ المالي والشهادة العلمية لا تمنح الشخص صفة التحضّر والرقي الفكري والأخلاقي.