أثارت التصريحات "الصادمة" التي صدرت عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود، حول القضية الفلسطينية واعترافه بوطن لـ"إسرائيل"، موجة غضب فلسطينية كبيرة، وسط اتهامات وتحذيرات من الدور "المشبوه" الذي تقوم به الرياض لتصفية القضية وشرعنة الاحتلال ضمن مخطط "صفقة القرن".
وفجر ولي العهد السعودي مفاجأة غير مسبوقة من أي زعيم أو مسؤول عربي، حين صرح لمجلة "ذا أتلانتيك" الأمريكية، أن "الشعب اليهودي له الحق في العيش بدولة قومية أو في جزء من موطن أجداده على الأقل، وأن كل شعب في أي مكان له الحق في العيش بسلام".
وأضاف في حديثه الذي نشر الاثنين (2 أبريل 2018)، أن لـ"الفلسطينيين والإسرائيليين الحق في امتلاك دولتهم الخاصة، لكن في نفس الوقت يجب أن يكون لدينا اتفاق سلام لضمان الاستقرار للجميع ولإقامة علاقات طبيعية"، مشدداً على أن بلاده "ليس لديها مشكلة مع اليهود"، قائلاً: "نبينا محمد تزوج امرأة يهودية، جيرانه كانوا يهوداً، ستجد الكثير من اليهود في السعودية قادمين من أمريكا وأوروبا".
موقف حركة فتح
حركة "فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، كان لها موقف صارم من تصريحات ولي العهد السعودي، واعتبرت أن ما صدر عنه "لم يكن في محله، وقد يفتح باب التطبيع على مصراعيه".
عاطف أبو سيف، الناطق الرسمي باسم الحركة، قال في تصريحات للموقع الإخباري "الخليج أونلاين": "أي أفكار يمكن أن تفتح باب التطبيع العربي مع "إسرائيل"، في ظل جرائمها المتواصلة بحق شعبنا، ستكون في الإطار غير الصحيح، ويجب معالجتها بشكل فوري ودون أي ضرر".
ويوضح الناطق باسم حركة "فتح" أن الهدف الأول الذي تريده "إسرائيل" هو إعلان الدول العربية التطبيع الكامل معها، "وهذا الأمر شجعها على رفض إتمام عملية سلام تستند لكل الحقوق الفلسطينية، بعد أن أخذت ضوءاً أخضر من الدول العربية لتطبيع قادم".
ويلفت أبو سيف النظر إلى أن المطلوب من الدول العربية ليس فتح باب التطبيع، وإطلاق التصريحات التي "تنعش" الاحتلال الإسرائيلي، وعقد لقاءات سرية معه، بقدر حاجتنا إلى خطوات تدينه وتقدم قادة المحتل للمحاكم الدولية على الجرائم التي ترتكب بحق الفلسطينيين ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية.
موقف حركة حماس
القيادي البارز في حركة "حماس"، وصفي قبها، أكد أن تصريحات الأمير بن سلمان تأتي ضمن مخطط خطير يهدف لتصفية القضية الفلسطينية، وتعبد الطريق لإقامة علاقات علنية وتطبيع كامل بين الدول العربية و"إسرائيل".
قال: "ما تحدث به ولي العهد السعودي كان كالصدمة ويعكس النفسية الانهزامية التي يعيش بها، ومسخاً للانتماء العربي والإسلامي، ويتساوق مع الابتزاز الأمريكي الحاصل من خلال "صفقة القرن" لتضييع الحقوق الفلسطينية لحساب المطامع الإسرائيلية".
"هذه التصريحات الخطيرة وغير المسبوقة، تفتح باب التطبيع على مصراعيه مع "إسرائيل" بشكل علني، وتمهد للدول العربية الأخرى لسلوك نفس طريق الذي تسير عليه الرياض في تحسين العلاقات مع المحتل على حساب الحقوق والثوابت الفلسطينية"، يضيف قبها.
ويشير القيادي في حركة "حماس" إلى أن السعودية تهدف من خلال تصريحات قادتها حول القضية الفلسطينية ودعم "إسرائيل" إلى تشتيت الموقف العربي والإسلامي الداعم لفلسطين ونضال شعبها في مواجهة المحتل، مضيفاً: "هذه التصريحات تعد خنجراً مسموماً في الموقف العربي والإسلامي تجاه قضية فلسطين، وسيكون لها انعكاسات خطيرة للغاية".
كما قال نائب رئيس المكتب السياسي السابق لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق عبر تغريدة على "تويتر": "واهم من يعتقد أنه يكسب الأميركيين والصهاينة الغاصبين بعبارات ملتبسة أو بتنازلات يحسبونها هينة، ابتغاء مرضاتهم وكسبهم أو تحييدهم، هم واهمون".
موقف الجهاد الإسلامي
"موقف مُستجد على الساحة العربية سيعطي شرعية إضافية للاحتلال الإسرائيلي على أرضنا المحتلة، الذي بات الآن حليفاً للرياض"، هذا ما بدأ به خضر حبيب، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، حديثه للتعقيب على تصريحات ولي العهد السعودي حول القضية الفلسطينية وموقفه من "إسرائيل".
وأضاف في تصريحات لـ"الخليج أونلاين": "كل تصريحات الأمير بن سلمان المتعلقة بالقضية الفلسطينية مرفوضة جملةً وتفصيلاً، ولا يمكن لأي فلسطيني أن يقبل بها، خاصة أنها تأتي في وقت خطير وحرج للغاية لما يحاك من مخططات لتصفية القضية".
حبيب أشار إلى أن تصريحات بن سلمان تأتي وتتساوق مع الجهود الأمريكية لطرح "صفقة القرن" التي رفضها الفلسطينيون، مؤكداً أن العرب يعطون "إسرائيل" الضوء الأخضر للاستمرار في احتلالها وعدوانها.
ووجه القيادي في حركة الجهاد الإسلامي رسالة إلى ولي العهد السعودي، مؤكداً فيها أن "الفلسطينيين متمسكون بأرضهم وحقوقهم، وسيفشلون كل المشاريع التي تهدف لتصفية وتغييب قضيتهم العادلة".
وبعد الانتقاد للتصريحات الأخيرة التي صدرت عن محمد بن سلمان، حول "إسرائيل" وحق شعبها في العيش على أرض فلسطين، طالب عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، رباح مهنا، الدول العربية باتخاذ موقف واضح ضد تصريحات ولي العهد السعودي وعدم السير عليها.
وأكد مهنا، أن الموقف السعودي تجاه قضيتنا لا يجب أن يكون دافعاً لباقي الدول العربية والإسلامية لتحذو حذوه في السعي للتطبيع العلني مع "إسرائيل" وشرعنة احتلالها لأرضنا المحتلة.
مواقف فصائلية أخرى
بدوره، قال نائل أبو عودة رئيس المكتب السياسي لحركة المجاهدين: إن "التصريحات التي تنادي بالتطبيع مع إسرائيل وتعطي شرعية للاحتلال بالعيش بسلام على أرض فلسطين تتماهى مع مصالح العدو في المنطقة"، معتبراً أن تصريحات السعودية "تهدف لتصفية القضية الفلسطينية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني وثوابته".
وأضاف أبو عودة: "تصريحات ولي العهد السعودي تؤكد وجود مؤامرة كبيرة تعطي الضوء الأخضر للقيادة الإسرائيلية لارتكاب مجازر أخرى بحق الشعب الفلسطيني".
وختم حديثه بالقول: "مسيرات العودة الكبرى التي خرج فيها عشرات الآلاف من أبناء شعبنا الفلسطيني تأتي تأكيداً لرفض هذه المؤامرات التي تحاك ضد قضيتنا ومقدساتنا، وتأكيداً لحقنا في العودة إلى أراضينا المحتلة".
كما ورفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين تصريحات ومواقف ابن سلمان جملة وتفصيلا.