أثارت تصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية ردود فعل سريعة فلسطينية وعراقية. واعتبر بن سلمان في مقابلته التي أجراها صحافي يحمل جنسية إسرائيلية وخدم ضابطا في الجيش الإسرائيلي، إن لليهود حقا على أرض أسلافهم، كما جمع في «محور الشر» كلا من إيران وحزب الله، مع التنظيمات السلفية المتطرفة كـ»القاعدة» وتنظيم «الدولة الإسلامية»، وكذلك جماعة الإخوان المسلمين وحركة «حماس» الفلسطينية.
وأكد بن سلمان «أعتقد أن كلا الشعبين، في أي مكان، لهم الحق في العيش في أرضهما بسلام، وأعتقد أن الفلسطينيين والإسرائيليين لديهما الحق في العيش على أرضهما»، وهو ما علّق عليه المفاوض الأمريكي دنيس روس أن القادة العرب في السابق قبلوا بحقيقة وجود إسرائيل لكنهم لم يعترفوا «بحق» لها على «أرض الأجداد اليهود» وهو خط أحمر لم يتجاوزه أي زعيم عربي حتى الآن.
وقال الصحافي إن الأمير خالد، شقيق ولي العهد، وسفير المملكة في واشنطن، حضر اللقاء وكذلك عدد من مستشاري ومساعدي بن سلمان، وإنهم كانوا يتجهمون حين كان ينحرف عن النص المعد له.
واحتفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية بتصريحات بن سلمان، وأشادت بإشارته لوجود مصالح مشتركة كثيرة بين السعودية وبين إسرائيل وأنهما قادرتان على العيش بسلام، متجاهلا واقع الاحتلال الفلسطيني والمجزرة في غزة. وبادر عدد كبير من وسائل الإعلام الإسرائيلية لإعادة نشر المقابلة كاملة. وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم» المقربة من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إن «المخفي أعظم»، مشيرة لاحتمال عقد صفقات بيع أسلحة إسرائيلية للسعودية ومنوهة أن تصريحات بن سلمان غير مسبوقة ولم يدل بمثلها زعيم عربي في الماضي بمن فيهم الراحل أنور السادات.
غير أن عددا كبيرا من المعقبين الإسرائيليين في مواقع وسائل الإعلام وفي منتديات التواصل الاجتماعي عبّروا عن استخفافهم ببن سلمان وتصريحاته. وقال أحد المعقبين إن إسرائيل ليست بحاجة لاعترافات بن سلمان ولا تستمد شرعيتها منه فيما قال آخر على موقع صحيفة «هآرتس» إنه استخدم كلمة إسرائيليين بدلا من يهود. وقال معلّق في موقع « يسرائيل هيوم « إن زعماء العرب يصطفون في طابور للتقرب من إسرائيل ومن رئيس حكومتها نتنياهو واليسار فيها يشعر بالحرج وبالضيق.
أما المعلّق السياسي في القناة الإسرائيلية العاشرة رفيف دروكر فقال أمس ساخرا: «عندما سيبارك بن سلمان للسيسي بفوزه الأسطوري سيسمع من رئيس مصر القول» أهلا وسهلا بك بنادي المعجبين بإسرائيل».
وعلى المستوى الفلسطيني لم تصدر تصريحات رسمية لكن مصدرا فلسطينيا مطلعا قال لـ «القدس العربي» إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لم يفاجأ بالتصريحات وإنه يستخدم عبارات قاسية جدا كلما وردت أسماء قادة عرب على لسانه. وتابع المصدر « الرئيس عباس يعلم علم اليقين أن بن سلمان وغيره من قادة العرب المتعاونين مع إسرائيل متواطئون مع واشنطن وتل أبيب على القضية الفلسطينية ومستعدون للتنازل عن رام الله وليس القدس فقط لكنه يراهن على أن شعوبهم تردعهم ويعجزون عن تجاوزها من خلال تعاون عملي بما يعرف بصفقة القرن».
ووصفت كتلة «الصادقون» النيابية، الثلاثاء، ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بـ«المعتوه» بعدما اعتبرته تصريحا مسيئا منه «لمقام الإمام المنتظر»، فيما طالبت الدول الإسلامية بمقاطعة السعودية لغرض تأديبها وعدم تجاوزها على مقام العقيدة المحمدية.
وقال بن سلمان في مقابلة مع مجلة «ذا اتلانتيك» إن «النظام الإيراني يريد نشر فكره المتطرف، الفكر الشيعي المتطرف (ولاية الفقيه). وهم يعتقدون أنهم إن قاموا بنشر هذا الفكر فإن الإمام الغائب سيظهر وسيعود ليحكم العالم من إيران وينشر الإسلام حتى الولايات المتحدة».
رئيس الكتلة حسن سالم، قال إن «تصريح بن سلمان حول عقيدة الإمام المهدي جاءت للاستخفاف بالعقيدة المحمدية وسائر مذاهب المسلمين»، داعيا «الدول الإسلامية بمقاطعة دولة الإرهاب والتطرف المتمثلة بابن سلمان والسعودية التي تسعى إلى فرض الفكر الصهيوني».
وأضاف ان «الدول الإسلامية يقع على عاتقها تأديب المنحرف خلقيا ومذهبيا محمد بن سلمان لتجاوزه على مقام الإمام المعصوم»، مبينا أن «قضية الإمام المنتظر لم تقف عند الدول الإسلامية فحسب بل هي قضية لكل العالم وعليهم الدفاع عن قدسيتها ونبذ الفكر الوهابي السعودي».
كذلك، انتقد نائب مقرب من رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي تصريحات بن سلمان، مؤكدا أنها «تعبّر عن عقيدة منحرفة»، بحسب صحيفة "القدس العربي".