كشف موقع «ميدل إيست آي» الستار عن قمة عُقدت أواخر 2015 على متن يخت في البحر الأحمر، وشارك فيها ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان، الذي كان آنذاك ولي ولي العهد، وولي عهد البحرين سلمان بن حمد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، بالإضافة إلى منظم القمة رجل الأعمال الأميركي اللبناني جورج نادر، وعرض فيها هذا الأخير على القادة المجتمعين تشكيل تحالف إقليمي من ست دول عربية، يمكن أن تعول عليه الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ تركيا وإيران في المنطقة.
عراب القمة جورج نادر من المقربين لولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ويوصف بــ «ذراع الإمارات في البيت الأبيض». وكان قد ألقي القبض عليه في ثمانينيات القرن الماضي بتهمة لا داعي لذكرها هنا، كما أنه أحد المتهمين في ملف التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية. وتشير جميع المعلومات المنشورة عنه إلى أن شخصيته المشبوهة تؤهله لتنظيم مثل هذه القمم والمباحثات، كما أن دوره في تنظيم القمة يذكِّر بقول الشاعر:
«إذا كان الغراب دليل قوم *** سيهديهم إلى دار الخراب».
القادة العرب المشاركون في قمة اليخت تحدثوا، وفقاً لما نُشِر في الموقع، حول مواجهة تركيا وإيران، وإدارة تشكيل المنطقة بما يسمح بهيمنة السعودية والإمارات عليها. ومما لا شك فيه أن هذا حلم كبير، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل هذه الدول الست قادرة على تحقيق هذا الحلم؟
لا أحد يمكن أن يمنع هؤلاء القادة من أن يحلموا، إلا أن مجرد الحلم شيء وتحقيقه شيء آخر؛ لأن تحقيق حلم يحتاج إلى عوامل عديدة، لا يكفي في بعض الأحيان أن يكون صاحب الحلم غنياً، كما أن هناك أشياء لا تشترى بالمال.
الدول المرشحة لعضوية التحالف المقترح هي الإمارات والسعودية والبحرين ومصر، أي الدول الأربع التي قطعت جميع علاقاتها مع قطر، بالإضافة إلى الأردن وليبيا التي لم يشارك ممثلها في قمة اليخت. والظاهر أن ليبيا المرشحة للانضمام إلى تحالف جورج نادر الإقليمي هي «ليبيا حفتر».
هل يمكن أن يكون هذا التحالف بديلاً عن مجلس التعاون لدول الخليج أو الجامعة العربية؟ أشك في ذلك، لأن التحالف المقترح وإن خُيِّل للناظر في الوهلة الأولى كعدة دول، إلا أنه في الحقيقة دولة واحدة، وهي الإمارات العربية المتحدة. وأما البقية فتدور في فلك أبوظبي، باستثناء الأردن التي يبدو أنها على خلاف مع دول الحصار الأربع فيما يتعلق بــ «صفقة القرن». جورج نادر يقول إن الولايات المتحدة يمكن أن تعوّل على هذا التحالف، إلا أن الواقع يقول إن الدول المرشحة لعضوية التحالف هي التي تعول على الولايات المتحدة. وإن كان المقصود تمويل مشاريع ترمب في الشرق الأوسط، فإن بعض تلك الدول، كمصر، هي نفسها بحاجة إلى «الرز المتلتل».
وسائل الإعلام التي نشرت تقارير حول قمة اليخت وصفتها بــ «السرية»، غير أن مواقف الدول المشاركة في القمة المذكورة من تركيا ليست بسرية، بل هي مكشوفة ويعرف الجميع رغبتهم في مواجهة تركيا، ووقف صعود دورها في المنطقة بأي طريقة.;