قالت مجلة "ليزانروكوبتيبل" (Les Inrockuptibles) الثقافية الفرنسية إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يقدم نفسه للغرب بأنه أكبر مصلح ومحدث للمملكة في حين أن سياسته تبين عكس ذلك وتنشر الفوضى في المنطقة.
وانتقد بيار بوشو في مقاله بعنوان "كيف يخدع بن سلمان وسائل الإعلام؟" الحوار المطول المنشور الأسبوع الماضي في صحيفة نيويورك تايمز الذي أجراه الكاتب الأميركي توماس فيردمان مع ولي العهد السعودي والذي امتدح فيه سياسة بن سلمان في محاربة الفساد.
وتضمن المقال تغريدتين للمحاضر في جامعة إيدنبرة توماس بيريت، قال فيهما إن الربيع العربي جاء كحاجة ملحة للديمقراطية، وأن هناك الكثير من اللبس في التعليقات على ولي العهد السعودي، "فكيف يمكن لشخص أن يكون مصلحا ونقيضه في نفس الوقت".
تلميع الصورة
وأورد الكاتب أن المملكة العربية السعودية بدأت منذ عام 2016 حملة إعلامية للترويج لصورتها وأشار في هذا الإطار إلى مقال بجريدة لونوند الفرنسية في مارس 2016 ركز على استهداف السعودية لفرنسا حيث استفادت الوكالات المختصة في مجال التسويق من ملايين الدولارات التي قدمتها الرياض لتحسين صورتها في الخارج.
وعرج المقال على مختلف التحولات التي شهدتها المملكة خلال الفترة الأخيرة بدءا من رؤية 2030 الاقتصادية، مرورا بالسماح للمرأة بالقيادة ووصولا باعتقال عدد من رجال الأعمال والأمراء بتهمة محاربة الفساد في إطار خطة ولي العهد لتحديث المملكة، وتساءل الكاتب ما المقصود بالتحديث للمملكة؟
ستفيان لاكروا وهو باحث في مركز الأبحاث الدولية في باريس يرى أن "ولي العهد السعودي أدرك بأن المجتمع يتغير، حيث توجد في السعودية منذ زمن أغلبية صامتة مؤيدة لحق المرأة في القيادة"، وأن ابن سلمان "لم يقم سوى بمسايرة جريئة لمجتمع يتطور".
أما فيما يتعلق برؤية 2030، فيرى نفس الباحث أنه إذا كان تشخيص محمد بن سلمان صحيحا، فإن حلوله تثير الاهتمام للوهلة الأولى قبل أن يلفت الاهتمام إلى أن كل ما تضمنته تلك الرؤية من أفكار، حررها أشخاص في مكاتب مؤسسات استشارية في الولايات المتحدة، وهم على دراية بسيطة بالواقع السعودي، وأضاف أن "هناك شكوكا كبيرة عندما يتعلق الأمر بالنتائج المستقبلية لهذه الرؤية".
وجرت العادة في المملكة أن يكون هناك توازن بين الأقطاب في السعودية مما يسمح بتنوع الآراء ووجود نقاشات في المقاهي كما في وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع تويتر.
مملكة الاعتقالات
لكن وخلال العامين الأخيرين هيمن الطابع الاستبدادي وتضاعفت في المملكة موجة الاعتقالات إذ عملت السلطات السعودية على تقليد بعض الدول في محيطها القريب وعلى رأسها مصر حيث يقبع الآف النشطاء في السجون.
وفيما يخص تهم الفساد، فإن الأمر يثير الضحك، فالظاهرة تعم بنية العلاقات الاقتصادية في المملكة وكذلك التشابكات بين القطاعين العام والخاص.
ويقول ستفيان لاكروا بهذا الخصوص "إن النظام السعودي يعاني من الفساد، ووفق هذه السياسية تسير الأمور بين الفاعلين المحليين.. وفي سياق كهذا فإن الجميع متهم بالفساد، ومن الواضح أن وضع بعض الشخصيات في السجون واستثناء شخصيات أخرى، يرجع إلى أن الأمر قرار سياسي". ولحد الآن فالمملكة لم تنشر اللائحة الرسمية للشخصيات التي جرى إيقافها على خلفية تهم الفساد، والموضوع ككل محاط بالتعتيم.
ويرى صاحب المقال أن الأزمات التي فجرتها سياسية محمد بن سلمان خلال العامين الأخيرين سواء حرب التحالف العربي في اليمن بقيادة السعودية أو علاقتها المتوترة مع إيران أو الأزمة الخليجية المترتبة على حصار قطر وأخيرا استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض وما أثارته من ردود فعل، كلها أمور لا تشجع على القول بأن ولي العهد السعودي يلهم بوجود ربيع عربي جديد، بل على العكس من ذلك فهو أول محاربيه.