في مقال له في صحيفة “واشنطن بوست” قال الصحافي الأمريكي المعروف ديفيد إغناطيوس إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحاول تخفيف الأضرار التي تسببت بها حملة التطهير التي قام بها قبل أسبوعين وأحدثت هزات داخلية وخارجية وعلى أمل أن تؤدي إلى استقرار البلد والمنطقة.
وكتب إغناطيوس عن طموحات الأمير ابن سلمان وبرامج الإصلاح التي أعلن عنها وكان من ضمن من روجوا لرؤية 2030 التي أعلن عنها ولي العهد العام الماضي، وتهدف لفطم المملكة عن النفط وبناء اقتصاد متنوع. ونقل عن مصدر في السعودية أن لجنة مكافحة الفساد في السعودية ستتبع “عملية التفاوض بخصوص الاعتراف بالتهمة” المتعارف عليها وهو ما يقوم به عادة المدعي العام قبل أن يحول القضية إلى المحكمة المعنية. وقال إن هدف اللجنة هو إرسال رسالة قوية بأن الفساد لن يسمح به “بغض النظر عن المنصب أو المكانة”.
في إشارة لحملة اعتقال تمت يوم 4 نوفمبر طالت أكثر من 200 أمير ومسؤول في الحكومة وسابق ورجل أعمال بتهم الفساد. ويقول إغناطيوس إن الحملة ربما وسعت قاعدة الدعم لمحمد بن سلمان بين الشباب السعوديين الساخطين على الأمراء البارزين من العائلة المالكة، إلا أن المحذور في هذه اللعبة هو ردة فعل العائلة المالكة لأنها خالفت السياسة التوافقية التقليدية في حل قضايا الفساد خارج المحاكم.
وأشار الكاتب إلى إعلان رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري من الرياض. وخطورة هذه الاستقالة التي قال مصدر لبناني للكاتب إنها جاءت بطلب من محمد بن سلمان أنها تسهم في زعزعة الاستقرار في لبنان وتساعد على تقوية حزب الله هناك وهو عكس ما يريده السعوديون.
قصة الحريري
ويعلق الكاتب قصة الحريري أقنعت واشنطن والرياض أن المصلحة تكمن في الحفاظ على استقرار البلد لا زعزعته وحتى إن كان هذا يعني التعاون مع حزب الله الذي يمثل الحزب المهيمن. ونقل الكاتب عن مسؤول سعودي قوله إن بلاده تسعى للعمل مع أمريكا لدعم المؤسسات اللبنانية مثل الجيش وهو ما من شأنه أن يضعف حزب الله وداعمته إيران. ويبدو أن محمد بن سلمان أدرك أن محاربة حزب الله لعبة طويلة الأمد وليست قصيرة.
وكشف الكاتب عن أن استقالة الحريري وما نظر إليه أنها إقامة جبرية فرضت عليه جعلته بطلا في لبنان ورمزا لسيادة بلده، مما قد يمنحه نفوذا أوسع عندما يعود إلى بيروت. وحسب مصادر لبنانية نقل عنها الكاتب فقد يحث مؤيدو الحريري حزب الله على سحب مقاتليه من اليمن كبادرة تضامن. مقابل قيام الحريري لحشد الدعم الدولي للاقتصاد والجيش اللبناني.
الاعتقالات فاجأت حتى بعض المقربين منه
ويرى الكاتب أن الاعتقالات الواسعة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان هزت المملكة والمنطقة وفاجأت حتى بعض المقربين منه. إلا أن التحذيرات كانت موجودة قبل هذا، في إعلان الملك سلمان في 10 مارس 2015 وفي أول خطاب له بعد توليه العرش. كما أن عمل محمد بن سلمان في الأعمال الحرة قبل توليه مناصب رسمية جعلته حسب زعم الكاتب أن يركز على مكافحة الفساد كما في تصريحاته في مايو هذا العام التي هدد فيها أن ملاحقة الفساد ستطال من يتورط فيه مهما كان مقامه.
فمن قضايا الفساد التي يتم التحقيق فيها بيع أرض في جدة حيث دفعت الحكومة ضعف سعر السوق وذلك لرشوة مسؤول كبير. وفي حالة أخرى شراء وزارة التعليم لتذاكر طيران بمبالغ كبيرة لمئات آلاف الطلاب الذين يدرسون في الخارج لتوفير رشاوى للمسؤولين.
أرض الفساد
ويعلق الكاتب أن انتشار الفساد بشكل واسع جعل بعض المراقبين يفترض أنه جزء من طريقة حكم آل سعود. و “بعد أن زرت السعودية أول مرة عام 1981، كتبت سلسلة من المقالات لـ ” وول ستريت جورنال” حول تقويض الرشاوى لقطاعي النفط والدفاع. وفي العقود التي تلت ذلك كانت عمليات التطهير أقل ظهورا ولكن الفساد استمر”.
وفي الوقت الذي رآى الكثيرون أن حملة التطهير هي تحرك سياسي لتقوية مركز ابن سلمان وتحمل معها مخاطر كبيرة إلا أن أميرا كبيرا قال للكاتب إن البلد ليس بالهشاشة التي يعتقدها بعضهم. ورأى أحد مؤيدي محمد بن سلمان أنه “لا يمكن للفساد أن يبقى البلد مستقرة. ولكن تطهير البلد من الفساد سيجعلنا مستقرين”. وهذا طموح قيم ولكن على محمد بن سلمان أن يكون حذرا عندما يفجر قنابله ألا يفجر نفسه كما يقول إغناطيوس.