أحدث الأخبار
  • 12:10 . ماكرون: فرنسا والسعودية تقودان مساراً ملزماً للاعتراف بفلسطين... المزيد
  • 12:09 . الشرع يصدق على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب السوري... المزيد
  • 11:34 . استطلاع: أغلبية الأمريكيين يؤيدون الاعتراف بفلسطين ودعم المدنيين في غزة... المزيد
  • 10:50 . رغم مخالفته الشريعة وهوية الدولة.. تسجيل 43 ألف عقد "زواج مدني" في أبوظبي منذ 2021... المزيد
  • 10:48 . انخفاض درجات الحرارة وفرصة أمطار غداً في بعض المناطق... المزيد
  • 09:58 . قرقاش: الإمارات ثابتة في دعم حقوق الفلسطينيين وأهالي غزة... المزيد
  • 09:58 . انتخابات تاريخية للمجلس الإسلامي في إثيوبيا بمشاركة أكثر من 13 مليون ناخب... المزيد
  • 02:03 . التربية: إلغاء امتحانات الفصل الثاني وتطبيق منهج الذكاء الاصطناعي... المزيد
  • 02:03 . الكرملين: بوتين أطلع ولي العهد السعودي على نتائج محادثاته مع ترامب... المزيد
  • 02:02 . مقتل 27 على الأقل في هجوم على مسجد أثناء صلاة الفجر شمالي نيجيريا... المزيد
  • 10:09 . لجنة برلمانية بريطانية: أبوظبي تمارس قمعًا عابرًا للحدود وانتهاكًا لسيادة المملكة المتحدة... المزيد
  • 10:08 . "إسرائيل" تصادق على خطط احتلال غزة وتستدعي عشرات الآلاف من جنود الاحتياط... المزيد
  • 10:07 . برعاية أمريكية.. الكشف عن مباحثات "سورية ـ إسرائيلية" في باريس لخفض التصعيد بجنوب سوريا... المزيد
  • 05:42 . ترامب يعلن عن ترتيبات للقاء بين بوتين وزيلينسكي... المزيد
  • 05:37 . بوركينا فاسو تعلن منسقة الأمم المتحدة شخصا غير مرغوب فيه... المزيد
  • 05:35 . عشرات الشهداء بينهم 5 أطفال في هجمات إسرائيلية على غزة منذ الفجر... المزيد

الأزمة اجتماعياً

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 20-06-2017


لطالما تمتعت دول الخليج بثروة اجتماعية استثنائية، الترابط العائلي والثقافي بين الشعوب الخليجية قل نظيره عالمياً، لا يكاد يخلو بيت في الخليج من صلة قرابة في دولة خليجية أخرى، وكل القبائل تقريباً ممتدة عبر الحدود الخليجية، وهذا غير أن الارتباط الثقافي بين أبناء هذه الدول عميق، العادات الاجتماعية واللهجات والأنماط الاجتماعية متقاربة إلى حد كبير يجعل من الصعب أحياناً التمييز بينهم، كل ذلك كان دافعاً لهذه الدول لأن تكون رابطاً سياسياً يستفيد من هذه الروابط ويبني عليها، ولكن كما هو الحال في العلاقات السياسية العربية، هذا الترابط السياسي كان متأخراً وبشكل كبير عن نظيره الاجتماعي، بعد عقود من العمل السياسي المشترك وصلنا إلى نقطة عدنا فيها إلى ما قبل المربع الأول، اليوم على المستوى الشعبي، الأمل في منظومة خليجية متماسكة أصبح ضرباً من الخيال، شعوب الخليج اليوم انخفض سقف توقعاتها إلى أن لا تتصاعد الخلافات فقط.
المشكلة في هذه الأزمة أن الساسة في الدول التي افتعلت الأزمة لم يكتفوا بإثارتها على المستوى السياسي، بل كان هناك حرص كبير على الزج بالشعوب في أتون الخلاف، تم ذلك من خلال العديد من الإجراءات، منها مثلاً طرد المواطنين القطريين ومنعهم من الدخول إلى أراضيهم، ومنع مواطنيهم من الدخول إلى الأراضي القطرية في خطوة تهدف على ما يبدو إلى كسر الروابط الاجتماعية بين العائلات المشتركة، وضرب اللحمة الشعبية الخليجية في مقتل، كما تم الدفع بصناع الرأي العام في دولهم لتوجيه الشارع إلى معاداة قطر، وفي الوقت نفسه أصبح مجرد التعاطف مع قطر جريمة يعاقب عليها القانون، وبالتالي أصبح الإنسان العادي في الدول المقاطعة لا يرى إلا ما يرون، ويصعب عليه أن يمد بصره إلى رواية أخرى في أي اتجاه، كل ذلك صنع تحدياً شعبياً خطيراً أمام الثروة الاجتماعية الخليجية.
اليوم بدأنا نرى ثمار هذه الممارسات من خلال توتر العلاقات داخل الأسر الخليجية المختلطة، وانقطاع التواصل الطبيعي بين أبناء البيت الواحد، أما إذا وصلنا إلى أقنية التواصل الاجتماعي الحديثة فنرى حرباً ضروساً على قطر وشعبها وكل ما ينتمي لقطر، هذه الحرب يقودها أصحاب الحسابات الأمنية والوهمية، وزج فيها بالناس العاديين مع تغييب الوعي وتغليب الرواية الرسمية للمقاطعين، ولكن السؤال الأهم هو ما الذي يمكننا أن نتوقعه على المستوى الاجتماعي في حال استمرت الدول الثلاث في موقفها المتصلب؟
ابتداءً سنلاحظ انخفاضاً في التواصل الاجتماعي بين العائلات في دول المجلس المقاطعة وقطر، سيؤثر ذلك على الزيجات المتبادلة وعلى الزيارات واللقاءات وحتى على المواقف الشخصية، كذلك فإن التواصل الثقافي بين العلماء والأكاديميين والدعاة والمثقفين والفنانين في الدول المختلفة سيضعف إذا لم يتوقف، الإمارات مثلاً أصدرت قراراً مؤخراً يمنع مثقفيها من التواصل مع أي شخص أو فعالية لها علاقة بقطر على المستوى الثقافي، واستثنت القطريين من فعالياتها الثقافية، كذلك سنرى حالة من الفتور بل والعداء تحل محل التواصل الإيجابي بين الأصدقاء الذين درسوا معاً في البعثات المختلفة أو في دول الخليج، والذين عملوا معاً وجمعتهم الظروف المختلفة، اليوم تطلب منهم دولهم عدم التعاطف مع قطر أو القطريين، وبالتالي سيصعب «إظهار» المواقف الشخصية المتعاطفة إلا في نطاق شخصي ضيق، ومع تفاقم نتائج الأزمة ستتحول هذه المواقف إلى حالة عامة.
على الساسة في الدول الثلاث أن يعرفوا أنهم لا يشقون الصف سياسياً فقط، بل يهدمون بنية اجتماعية تسبق وجود الكيانات السياسية في المنطقة، واللعب على وتر القبائل وقطع الصلات العائلية لن يعود إلا بالوبال على هذه الدول نفسها، كنا نتمنى أن تكون هذه الأزمة كغيرها صراعاً بين الساسة يكون فيه الشعوب متفرجين كما هي العادة، ولكن يبدو أن من أفلست مشاريعه السياسية لم يجد أمامه إلا تخريب العلاقات الاجتماعية سلاحاً.;