أحدث الأخبار
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد

سؤال الأخلاق والسياسة في بلاد العرب

الكـاتب : علي محمد فخرو
تاريخ الخبر: 03-11-2016

هناك سؤال طرح عبر القرون: هل على الأخلاق أن تتبع السياسة، أم أن على السياسة أن تتبع الأخلاق؟ في الحالة الأولى تكون المبررات السياسية هي التي تحكم المواقف والقرارات والقوانين، بينما في الحالة الثانية تكون القيم الأخلاقية هي الحاكمة للمواقف والقرارات والقوانين، حتى لو كان ذلك على حساب منافع أو مقتضيات سياسية ملحة وضاغطة.
عبر تاريخ الفكر السياسي طرحت أسئلة فرعية كثيرة تنتمي لهذا الموضوع البالغ الأهمية. فإذا كنا سنطلب من الفرد أن يعيش حياة أخلاقية فاضلة، فلماذا لا نطلب من الدولة وسلطاتها أن تعيش حياة أخلاقية فاضلة؟ وبالتالي إذا كنا سنعتبر السرقة التي يقوم بها فرد قضية أخلاقية، فإن المنطق أن لا نقبل بأن نصف قيام أعضاء البرلمان بالسرقة قضية سياسية، ويصفها البعض بأنها فساد سياسي، في حين أنها رذيلة أخلاقية.
ولكن ينبري البعض بالقول بأن مشاكل السياسة ليست دائما، ولا حتى جزئيا، نابعة من مشاكل أخلاقية، فلماذا إقحام الفلسفة الأخلاقية في حقل الفلسفة السياسية؟ ويذكرنا هؤلاء بأنه في حين أن الأخلاق تتطلب أن لا يضار أحد في المجتمع لأي سبب كان، فإن الضرورات السياسية كثيراَ ما تفرض التضحية بالبعض من أجل مصلحة الوطن، بل يذكرنا بما يعرف في عالم السياسة «باليد الوسخة» المتمثلة في ضرورة الكذب وإخفاء الأسرار وأحيانا ضرورة التجسس على هذه الجهة أو تلك، وهي بالطبع ممارسات لا تقرها الفلسفة الأخلاقية.
نحن أمام موضوع ليس بالأكاديمي ولا بالفلسفي كما توحي تلك المقدمة. إنه موضوع الساعة في أرض العرب، في هذه اللحظة التي يعيشها العرب. وهو موضوع يتحدى كتاب السياسة وممارسيها على المستويين الحكومي والمدني. ذلك أنه باسم الواقعية، وباسم إعلان موت عصر اليوتوبيات والإيديولوجيات، يتخطى البعض الخطوط الحمر القومية وتنقلب الحياة السياسية إلى ممارسات انتهازية لا تخضع إلا لمعايير النفعية والاصطفافات الطائفية والتحالفات مع الخارج. من هنا غياب المعايير الأخلاقية، إضافة لغياب المعايير القومية والأخوة الإسلامية والمسيحية، في التعامل مع السلطات الصهيونية في فلسطين المحتلة وأنظمة استخباراتها. من هنا أيضا التأييد بالمال والسلاح والتدريب لقوى تكفيرية تستبيح لأغراض وتقتل الأبرياء وتشوه براءة الطفولة. من هنا أيضا التطبيق لأفكار ماكيافيلي الشهيرة التي شرعت بأن الغاية في السياسة تبرر الوسيلة، وسيلة المناورة البارعة اللاأخلاقية التي يجب أن يكون هدفها الأساسي الحفاظ على الأمن والنظام، أي الاستقرار السياسي، حتى لو كان ذلك على حساب كرامة البشر وحقوقهم الإنسانية والعدالة في توزيع الثروة والسلطة والمكانة.
من هنا فاجعة ارتداد بعض المفكرين والمناضلين القدامى، ممن رفعوا رايات أحلام أمتهم في وحدتها وتحررها وعدالة مجتمعاتها، الذين تبنوا ما اعتبروها الواقعية العاقلة الناضجة، واللاأخلاقية في كثير من جوانبها، وبذلك خانوا أحلام وآمال أمتهم وخانوا ضمائرهم.
تلك، وغيرها كثير، ظلال قاتمة في مرآة الواقع السياسي العربي. إنها انعكاس لأزمة أخلاقية ضميرية تسمح لأن تصافح الأيدي العربية من تلطخت أياديهم بدماء شعب العراق من أمثال توني بلير وجورج بوش، وتسمح بأن يجلس بعض المسؤولين العرب مع مجرمين صهاينة من أمثال نتنياهو، ممن قلبوا فلسطين إلى أرض الدماء والدموع والخراب والسجن الكبير. هكذا تتجاهل قيمة أخلاقية تتمثل في التعاضد الإنساني ويداس على قيمة أخلاقية وطنية تتمثل في الانتصار للأخ المظلوم والمنكوب. ويزيد من فداحة الأمر أنه في الوقت الذي يداس فيه على تلك القيم في أرض العرب تزداد الأصوات المطالبة بأخذها بعين الاعتبار وتفعيلها على الأخص بالنسبة لقضية فلسطين، وذلك عبر الكثير من بلدان غير العرب.
يستطيع الإنسان أن يتفهم ظروف العجز عند هذا النظام العربي أو ذاك، ويستطيع تقدير ضرورة استعمال أسلوب الأخذ والعطاء في الساحات الدولية، وبالتالي يستطيع الإنسان تفهم عدم قدرة الأنظمة العربية على المقاومة والرفض بالنسبة لكثير من قضايا العرب. فالمآسي التي يعيشها العرب شلت الإرادة وأضعفت القدرات. لكن ما لا يمكن فهمه هو حجم التخلي، وتبرير ذلك التخلي، عن أقدس القيم الأخلاقية الفاضلة في التعامل مع الكثير من الملفات السياسية في وطن العرب باسم الواقعية وقلة الحيلة.