أحدث الأخبار
  • 12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد
  • 12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد
  • 12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد
  • 12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد
  • 12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد
  • 12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد
  • 12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد

الحياة داخل علبة!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 30-11--0001

عائشة سلطان
تفاجئني بعض الأسئلة، توقفني وتربكني، تجعل تلك الإجابة السهلة جداً أكثر من عصية، بعض الأسئلة ضرورية كالحياة نفسها، وأزعم بأن الحياة تصير كالماء حين لا نطرح عليها أية أسئلة، والماء برغم ضرورته إلا أنه بلا لون ولا طعم ولا رائحة، ليست الأسئلة فقط، فحتى بعض الإجابات أيضاً تبدو حارقة ومؤلمة، ولكنها تحتاج إلى رحلة عميقة في المعنى، وما يقود إليه ذاك المعنى كي نفهمها جيداً، تذكرت واحدة من قصص الأطفال كنت قد قرأتها منذ زمن طويل، يسأل الملك ابنته الوحيدة عن مقدار حبها له، فتجيبه بأنها تحبه كالملح! وهنا تتدخل زوجة والدها لتلعب على التباسات المعنى، فتوغر قلبه ضد ابنته، فيطردها ولا يعود يحتمل صحبتها، وتعاني الكثير جراء تلك الإجابة الحقيقية، وحين يفهم الملك المعنى الذي يحيل إليه الملح، يكون قد مضى زمن طويل على شقاء الفتاة!
 سألتني صديقة: متى آخر مرة رأيت فيها البحر؟ فتفاجأت بأنني لا أتذكر متى كان ذلك، وسألتني متى رأيت نجوماً تلتمع في السماء، فأكملت سؤالها، بل قولي متى كانت آخر مرة رفعت فيها رأسي لأتأمل السماء ليلا؟ هل لا يزال الناس يتأملون السماء ويعدون النجوم ويتصايحون، كما كنا نفعل صغاراً، حين كنا نشير إلى ذلك النجم الساطع ونقول ببراءة مضحكة “تلك نجمتي”؟ أتذكر فيما بعد أننا كنا نجلس في فناء البيت في بعض الليالي التي تنقطع فيها الكهرباء، ولتمضية الوقت، كنا نستلقي، هكذا ببساطة، كل يتوسد رجل أخيه أو حضن والدته، وكنا نتحدث لا نرى بعضنا، لكننا نبحلق في السماء، ونرى أن النجوم صارت أقل التماعاً، تلك الليالي لم تعد موجودة والكهرباء ما عادت تنقطع ولله الحمد!

بعضهم يحسدك لأن الكهرباء لا تنقطع عندك، في حين أن الكهرباء زائر عزيز لديه، بالكاد تأتيه لساعة أو ساعتين، وبعضهم سيتهمك بالبطر، لأنك تتمنى الظلام، لتمارس غراماً مع السماء والنجوم الساطعة، في حين أن الناس ما عادت تعرف فائدة النجوم التي في السماء أصلاً! بينما أنت لا تتحدث انطلاقاً من منطق سلبي لا يرى النعم الظاهرة والسابغة التي يتمتع بها، بقدر ما للحديث صلة بعلاقة الإنسان بما حوله، بالطبيعة وبالتفاصيل، وبحياة مختلفة خارج العلبة، نعم العلة التي نتحرك فيها طيلة الوقت، بحيث لا نتمكن من رفع رؤوسنا لنرى السماء، وبحيث لا نمشي في الشارع لنتذوق معنى حياة الشارع، وهنا فمفهوم حياة الشارع لا يقصد به المفهوم السلبي أو السيئ بقدر ما يقصد به تفاصيل الحياة والناس والعلاقات والحركة بشكل عام !

أُعطي شاب قلماً وورقة وطُلب منه أن يرسم شكل الحياة التي يعيشها، فرسم علبة كبيرة بداخلها علبة أصغر فأصغر وهكذا! وحين طلب منه أن يشرح ذلك، قال لهم: المنزل المغلق علبة مقفلة علينا، حين نخرج منها فإننا لا نتحرك سوى بضع خطوات لندخل علبة أخرى هي السيارة مثلا، ثم نغادرها لعلبة أخرى هي مؤسسة العمل ونعود لعلبة السيارة لنغادرها لعلبة كبيرة هي المركز التجاري أو... إن أغلب الناس لا يتحركون خارج هذه العلب وهم -لاعتيادهم - لا يجدون في الأمر أي إشكال من أي نوع، في حين أن هذا النوع من الحياة - الحياة داخل علبة- يفقدك الكثير من شروطك الإنسانية دون أن تنتبه، فيتحول الأمر إلى اعتياد يلغي الضروري والمفترض والإنساني، تماماً كأولئك الذين يسكنون على مقربة من المطارات ويعتادون على ضجيج الطائرات ثم وبالتدريج لا يعودون يشعرون به!