أعرب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، الشيخ يوسف القرضاوي، عن انزعاجه من أهداف وعنوان المؤتمر الذي عقد مؤخراً في الشيشان، بعنوان "من هم أهل السنة والجماعة؟" واصفاً المؤتمر بأنه "مؤتمر ضرار"، مستغرباً من نفي البيان الختامي "صفة أهل السنة عن أهل الحديث والسلفيين".
وقال رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، في بيان: إنه "قد أزعجني هذا المؤتمر(الذي حمل عنوان من هم أهل السنة والجماعة؟) بأهدافه وعنوانه، وطبيعة المدعوين إليه والمشاركين فيه، كما أزعج كل مخلص غيور من علماء الإسلام وأمته، فرأيت أن أصدق ما يوصف به أنه مؤتمر ضرار"، مؤكداً أن المؤتمرين "ما تعاونوا على بر أو تقوى، كالذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين".
وأضاف منتقداً انعقاد مؤتمر: "برعاية رئيس الشيشان التابع لحكومة روسيا، في الوقت الذي تقتل فيه الطائرات والصواريخ الروسية إخواننا السوريين، وتزهق أرواحهم، وتدمر بيوتهم فوق رؤوسهم بدعوى محاربة الإرهاب، الذي هم صانعوه، وهم أحق بهذا الوصف، وهو أليق بهم".
واستطرد موضحاً: "إن أمتنا التي تمددت جراحاتها، وتشعبت آلامها، لم يعد لديها من رفاهية الوقت، لإعادة الخلافات التاريخية القديمة بين مكونات أهل السنة والجماعة، في الوقت الذي تئن مقدساتها، وتستباح حرماتها، وتسيل دماؤها في فلسطين وسوريا واليمن، وغيرها"، مؤكداً أن "الخلافات العلمية الفرعية في مسائل العقيدة" قد تم تجاوزها، مستدركاً "فإذا بهؤلاء الذين يعيشون خارج العصر يريدون إثارتها وتأجيجها من جديد، وشغل الأمة بماضيها عن حاضرها، وبأمسها عن يومها ومستقبلها، وتمزيق الأمة أحزاباً وشيعاً، في الوقت الذي يجتمع عليها أهل الشرق والغرب، وينسق فيه أعداء الأمس، لينقصوا بلادهم من أطرافها".
وتساءل القرضاوي عن عدم اعتراض أي "ممّن نصبوا أنفسهم ممثلين لأهل السنة والجماعة" حول "ما تقوم به إيران وأذنابها، من مليشيات حزب الله في سوريا، والحوثيين في اليمن من قتل واستباحة وتدمير، وبعث الدعاة في أفريقيا وآسيا لتضليل أهل السنة، ولا كلمة إنكار لما تقوم به روسيا، ومن يدور في فلكها، ولا عجب".
ووصف البيان الذين تصدروا المؤتمر بـ"علماء السلطان" و"شيوخ العار" لكونهم "سكتوا عن دماء المسلمين المراقة ظلماً وعدواناً من روسيا وأذنابها، والذين هللوا للمستبدين في عالمنا العربي، وحرضوهم على سفك الدماء، فأيدوا السيسي في مصر، وبشار في سوريا، وعلي عبد الله صالح والحوثيين في اليمن، وإن جملوا مؤتمرهم – للأسف - ببعض الطيبين من أهل العلم من هنا وهناك". وتساءل: "ماذا بعد تحديد أهل السنة والجماعة؟! هل سنسمع لكم صوتاً ضد الشيعة والنصيرية في سوريا واليمن والعراق؟!".
كبار علماء السعودية
من جهتها، رّدت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء في السعودية على توصيات مؤتمر "من هم أهل السنة والجماعة؟" محذرة من "الدعوات التي تهدف إلى إثارة النعرات وإذكاء العصبية بين الفرق الإسلامية"، ومن "النفخ فيما يشتت الأمة ولا يجمعها".
وقالت الهيئة في بيان لها: "لا عز لهذه الأمة ولا جامع لكلمتها إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن أمة الإسلام أمة واحدة"، مضيفة: "الفقهاء والعلماء والدعاة ليسوا بدعا من البشر؛ فأنظارهم متفاوتة، والأدلة متنوعة، والاستنتاج متباين، وكل ذلك خلاف سائغ، ووجهات نظر محترمة، فمن أصاب من أهل الاجتهاد فله أجران، ومن أخطأ فله أجر ".
واعتبرت الهيئة السعودية أنه "ليس من الكياسة ولا من الحكمة والحصافة، توظيف المآسي والأزمات لتوجهات سياسية وانتماءات فكرية، ورفع الشعارات والمزايدات والاتهامات والتجريح"، لافتة إلى أن "ما تعيشه الأمة من نوازل ومحن؛ يوجب أن يكون سببًا لجمع الصف والبعد عن الاتهامات والإسقاطات والاستقطابات"، متهمة من "لا يريدون لهذه الأمة خيرًا" بالمراهنة على "تحويل أزمات المسلمين إلى صراعات".
علماء السعودية والخليج ومفكرون عربا
الداعية عوض القرني كتب قائلا: "مؤتمر الشيشان المنسوب زوراً لأهل السنة والجماعة لا يمكن فَهمه بمعرفة المشاركين فيه، أو بقراءة بيانه، بل لا بد من وضعه في إطاره".
وفي ورقة بعنوان "مؤتمر الشيشان محاولة للفهم"، أكد صاحبها أن من أهم أهداف المؤتمر تمزيق المسلمين وإشعال نار العداوات بينهم بأي صورة، وعلى أي مستوى وفتح مزيد من جبهات الصراع بينهم.
وأضاف أن من الأهداف أيضًا "تشويه صورة الإسلام السُّنِّي النقي من البدعة، والواعي السليم من الغفلة والفوضى والحر النابذ للتبعية لقوى الشر".
وتابع أيضًا أن المؤتمر يهدف إلى "إقصاء وإبعاد ومحاصرة وإسكات وتشويه العلماء والتيارات التي لا يمكن دمجها في هذا المشروع الشيطاني، التي تستعصي على التدجين والتهجين والتوظيف والانصياع، وقد يُستَخدم بعضهم ضد بعض، فإذا أدوا ذلك بنجاح التفت إليهم المخطط الرئيسي، فألحقهم بسابقيهم".
وبيَّن الداعية عادل الكلباني أن المؤتمر أظهر أنَّ الأفواهَ التي نُطْعِمُها تعُضُّنا، ولكنَّا لا نتَّعِظ!".
وغرَّد قائلا: "ليكن مؤتمر الشيشان منبِّها لنا بأنَّ العالَمَ يَجمع الحطبَ لإحراقنا!".
ووصف الدكتور ناصر العمر، عضو الهيئة العليا لرابطة علماء المسلمين مؤتمر الشيشان بأنه "طعنة في عقيدة الأمة ومنهجها، ودعم لألدِّ أعدائها في أصعب محنة تمر بها، وهكذا كان قادة الخرافيين معبرًا للأعداء على مرِّ التاريخ!".
وقال الكاتب السعودي المعروف جمال خاشقجي، إنه متشائم من مؤتمر جروزني، مؤكدا أنه سيكون بداية انقسام وجدل.
وأضاف كأن هناك اصابع شر تلعب خلف الستار " والله أعلم " عل حد قوله
وأضاف "خاشقجي" في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "كأنه ناقصنا تشطير وتصنيف وخلاف، فتنة الحنابلة والأشاعرة تطل علينا من القرن الخامس الهجري مرة أخرى، والسبب إقصاء جر إقصاء ... #مؤتمر_جروزني".
فيما أعاد الكاتب المصري جمال سلطان تساؤلا طرحه الكاتب فهمي هويدي: "مَن الجهة التي تحملت فاتورة سفر وخدمات مئات المشاركين في مؤتمر الشيشان، وهم من عواصم ودول مختلفة؟!".
وعبر تويتر كتب الدكتور محمد مختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية وتاريخ الأديان بجامعة حمَد بن خليفة في قطر: "أصبح أهل السنَّة والجماعة سنَّة من غير جماعة لشدة ما مزقتهم الجماعات. آخر موضة هي سنة بوتين وجماعته في مؤتمر الشيشان".
وعن الرسالة السياسية للمؤتمر أكد الكاتب ياسر الزعاترة أنها بالغة السلبية، مضيفا أن بوتين ليس مؤهلا لاستضافة مؤتمرات تناقش قضايا الخلاف بين المسلمين، وهو يقتلهم بكل مذاهبهم.
وأوضح الإعلامي فيصل القاسم أن روسيا جاء دورها الآن لتتلاعب بالإسلام والمسلمين، ودق مزيد من الأسافين بينهم لأهداف استعمارية.