مقتل مصطفى بدر الدين كان ضربة موجعة جدا للهرم القيادي العسكري لحزب الله في سوريا، والأهم هو أن هذه الضربة لم يتم التأكد بعد من الجهة التي وجهتها، خصوصا وأن قيادة الحزب وفي الاجتماعات الأخيرة للجنة التنسيق مع مسؤولين عسكريين سوريين في منطقة الحدود السورية اللبنانية اعترضت على موافقة دمشق وعدم اعتراضها على «الاتصالات والمشاورات المستمرة» ميدانيا بين القيادة العسكرية الروسية في سوريا وبين إسرائيل، وفق تقرير لصحيفة "القدس العربي".
المفاجأة الجديدة جدا والتي أظهرها تحقيق داخلي للحزب في حادثة اغتيال قائده مصطفى بدر الدين ظهرت عندما قرر تقرير ميداني أمني يتبع الحزب بأن أقرب مدفعية لفصائل المعارضة السورية من مكان حادثة مقتل بدر الدين تبعد بصورة محددة 15 كيلو مترا عن المكان الذي حصل فيه الانفجار في مقر يتبع الجنرال بدر الدين.
وفقا للمعطيات التي طرحها مستشارون يعملون من «حزب الله» فلا توجد حسب البيانات العسكرية التي قدمتها السلطات السورية نفسها للحزب بين يدي أي من فصائل المعارضة أسلحة مدفعية فعالة تستطيع الوصول لهذه المسافة وإصابة أهدافها بمنتهى الدقة، خصوصا مع وجود سلاح دروع مضاد يحيط بمنطقة ما يسمى بالحزام الأمني حول قلب مدينة دمشق حيث المقرات الأساسية وأهمها المطار.
المنطقة التي حصل فيها انفجار أودى بحياة الجنرال بدر الدين ونحو 48 من رفاقه والموجودين بقربه وفقا لتحقيق الحزب الداخلي حساسة جدا، ومستشارو الحزب زاروا منطقة الانفجار واستفسروا من ضباط التنسيق السوريين ما إذا كانت لديهم معلومات حول مدفعية معارضة فعالة لديها ذخائر تصل فعلا إلى مثل هذه المناطق الحساسة من دمشق العاصمة خصوصا حيث غرفة عمليات لحزب الله قرب مطار دمشق استهدفت تماما وبدقة متناهية بالانفجار المشار إليه.
واضح تماما أن «حزب الله» لم يحصل على أجوبة محددة بالرغم من الإعلان المتسرع في بيانات الحزب الأولى عن تحقيقات أفادت بأن بدر الدين قتل بقصف يعتقد أنه مدفعي.
المفاجأة لم تقف عند هذه الحدود بل تكاملت مع تقرير أمني دبلوماسي داخلي جدا تبادلته العديد من الأطراف، يتحدث بوضوح ومباشرة عن عملية قصف جوي دقيقة جدا استهدفت مقر بدر الدين ورفاقه بمحيط مطار دمشق حيث توجد غرفة تنسيق وعمليات يقودها بدر الدين لصالح حزب الله مع الحرس الثوري وسلطات دمشق.
روسيا مشتبه رئيس
الجديد تماما في السياق أن طائرة روسية مقاتلة حسب التقرير المشار إليه أفرغت تماما حمولتها من الذخيرة في المقر المشار إليه حيث تم اعتقال الطيار وتوقيفه وترحيله إلى موسكو، وقيل للنظام السوري إن عملية القصف كانت عبارة عن «خطأ بشري» وأن الطيار كان"مخمورا" وسيحاكم في موسكو حسب النظام دون ربط هذا الطيار مباشرة بالعملية التي استهدفت بدر الدين.
«حزب الله» يعمل حاليا على هذه المعطيات ويحسب خطواته بدقة ويعتقد ان خطأ الطيار الروسي مهندس تماما مع إسرائيل، وان قتل بدر الدين عملية لصالح إسرائيل نتج عن عدم مراقبة التنسيق الروسي الإسرائيلي.
على هذا الأساس قرر نصر الله الرد أوليا بسياسة تعزيز الوجود العسكري أكثر في سوريا بعد مقتل الجنرال بدر الدين.
رد حزب الله وإيران
تزامن تسريب هذه المعطيات الجديدة مع ما كشفه مصدر مقرب من حزب الله، بأن إيران تحشد نحو 80 ألف مقاتل من جنسيات مختلفة في سوريا.
وقال المصدر إن طهران تسعى عبر السلاح لتثبيت خريطة توازن القوى المرحلية في الداخل السوري، وفق ما ذكره لوكالة "آكي" الإيطالية.
وأشار إلى أنه "بلغت الحشود الإيرانية على الأرض في سوريا نحو 80 ألف مقاتل، بينها فرقة عسكرية تابعة للحرس الثوري ترابط بالقرب من مدينة حلب، وكذلك مقاتلون من حزب الله ومليشيات عراقية وأفغانية في أكثر من منطقة".
وأوضح المصدر أن هذه القوات تمتلك أسلحة تمكنها من الثبات في كثير من المناطق، قائلاً: "لدى غالبية هذه القوات أسلحة جيدة، والقوات الإيرانية وقوات حزب الله مدرّبة بشكل جيد أيضاً، والبقية تفتقد للمهارات القتالية، وهذه الأخيرة توضع على الصفوف الأولى للجبهات".
وقال المصدر: إن إيران "تسعى إلى تثبيت خريطة توازن القوى، وتسابق الزمن مع روسيا في تنافس غير مُعلن للسيطرة على أكبر رقعة جغرافية".