أحدث الأخبار
  • 01:37 . حصة يومية للغة العربية لرياض الأطفال في أبوظبي... المزيد
  • 01:36 . الحوثيون: 4 قتلى و67 جريحاً في غارات إسرائيلية على صنعاء... المزيد
  • 01:34 . السودان.. البرهان يتوعد بإسقاط التمرد والجيش يحبط هجمات للدعم السريع في الفاشر... المزيد
  • 01:01 . فرنسا تستدعي سفير أمريكا لانتقاده تقاعسها بمكافحة معاداة السامية... المزيد
  • 12:57 . مجلس الأمن يصوّت على تمديد مهمة اليونيفيل بجنوب لبنان... المزيد
  • 12:55 . أبو شباب.. خيوط تمتد من غزة إلى أبوظبي في مشروع يستهدف المقاومة... المزيد
  • 10:38 . حملة مقاطعة "شلة دبي" تتحول إلى صرخة ضد التفاهة وصمت المشاهير عن غزة... المزيد
  • 10:03 . مظاهرات عالمية واسعة تطالب بإنهاء الإبادة الإسرائيلية في غزة... المزيد
  • 06:18 . أكثر من 12 ألف عملية اختراق عبر شبكات "الواي فاي" في الإمارات منذ بداية العام... المزيد
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد
  • 12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد

حاملُ المفاتيح

الكـاتب : ياسر حارب
تاريخ الخبر: 18-05-2016


مازلتُ أتذكره وهو يمشي ببطء بين فصول المدرسة، يحمل مجموعة كبيرة من المفاتيح في يده، يعرفها أكثر من معرفته بأسماء الطلبة، يفتح الفصول في الصباح، ويُغلقها في المساء، دون أن يُخطئ في مفتاح أي من الأبواب. كان صليلُ المفاتيح من بعيد يُشعرني بالهيبة، وبأن الحياة تدور بانضباط، وإيقاعها مُتّسِقٌ كاتساق المفاتيح في السلسلة.

كانت المفاتيح المعلقة في بنطال الحارس سُلْطَتُه المطلقة على المدرسة، هي صولجانه الذي، حتى عندما ينام، يحتفظ به في مكان آمن. كان أمن المدرسة ونظامها مرهونين بتلك السلسلة الكبيرة التي يمتشقها من بنطاله كأنها سيف حُسام، وكان المدير ونائبه وجميع المعلمين يرضخون لنظام حامل المفاتيح، فلو غاب يوماً لتوقفت الحياة في المدرسة.

عندما يرافقني في المصعد موظف إحدى شركات التوصيل ألحظ سلسلة مفاتيحه، فكلما كانت كبيرة أدركتُ أنه قديم في الشركة.

وقبل أيام كنتُ في ألمانيا، وبينما أنا أمشي في أحد الأزقة مرّ من أمامي حامل مفاتيح كبير في السنّ، فقلتُ في نفسي: «يبدو أن التقدم في السنّ هو، غالباً، الصفة المشتركة بين حاملي المفاتيح». لن تجد شاباً يحمل عشرة مفاتيح في سلسلة واحدة، شيء غريب، ربما لأن الشباب ما عادوا قادرين على الحفظ والاحتفاظ، فكل شيء محفوظ في هواتفهم، أما حامل المفاتيح، فيمكنه أن يُميّز مفاتيحه بمجرد مسح أصابعه على أسنانها.

تتعدد المفاتيح في سلسلته بتعدد همومه، إلا أنه لا يرفض أن يضيف إليها مفتاحاً آخر، تماماً مثلما لا يأنف الكريم إطعام فقير آخر، ربما لأن ذلك يمنحه قيمة في الحياة.

يُحكى أن الفنانة الأميركية، كيتلِن كروزْبي، احتفظت بمفتاح قديم أخذته من أحد الفنادق، وحفرت عليه جُملة «تصالَح مع أخطائك»، ثم علّقته حول رقبتها، ودون أن تشعر، بدأت بجمع المفاتيح ونَحْتِ كلمات تشجيعية عليها، ثم أخذت تهديها إلى الناس، وتدعوهم للبسها حول أعناقهم أيضاً، وكلما شعر أحدهم بأنه منسي ومُهمَل في الحياة، كالمفتاح، فما عليه إلا أن يقرأ ما كُتِبَ عليه ليشعر بالأمل والقوة. ثم طلبت منهم أن يهدوا مفاتيحهم إلى أصدقائهم المتعثرين في الحياة، للفقراء والمصابين بأمراض خبيثة، لدعمهم معنوياً. وفي أحد الأيام، وبينما كانت تمشي حزينة في أحد الشوارع، وتتساءل عن معنى الحياة، رأت على الرصيف رجلاً وامرأة وضعا لوحة أمامهما، كُتِب عليها «قبيحان، مُفْلِسان، وجائعان». دعتهُما إلى العَشاء، وفي وسط الحديث قالت لها المرأة إنها أحبت عقدها. عندها، اقترحت عليهما، كيتلِن، أن يتشاركا معها في مشروع صناعة هذه المفاتيح التشجيعية، فوافقا على الفور. بعد أشهر من بيع المفاتيح، استطاعا أن يستأجرا غرفة صغيرة تؤويهما من الشارع، ثم شقة، وبعد سنوات اشتريا بيتهما الخاص.

قبل مدة أهداني صديقي الشاعر زين بن بَيّه مفتاحاً حُفِرَ عليه بيته الخالد «سيَفْتَحُ الله باباً كُنتَ تحسَبُهُ .. مِن شِدّة اليأس لم يُخْلَق بمفتاحِ».

عندما حكيتُ لصديقي عن نُبْلِ حامل المفاتيح، سألني عن معنى المفتاح، فقلت له: «المحبة.. فهي فقط من تستطيع أن تفتح جميع الأبواب».