لماذا لا يشعر المواطن الخليجي بتراجع أسعار السلع مع هبوط النفط؟
خبير: غياب الرقابة على حركة الأسعار في الأسواق الخليجية يعتبر عاملاً رئيساً وراء
وكالات
– الإمارات 71
تاريخ الخبر:
01-03-2016
أكد محللون اقتصاديون أن تراجع أسعار النفط العالمية منذ منتصف 2014، لم ينعكس "إيجابياً" على هبوط أسعار السلع التي سجلت مزيداً من الثبات أو الارتفاع، في بعض دول مجلس التعاون الخليجي، ولا يكاد يشعر المستهلك بانخفاضها.
ويدخل النفط بشكل رئيس أو ثانوي في صناعة وإنتاج أكثر من 95% من المواد الإستهلاكية أو الغذائية وغيرها.
ويضم مجلس التعاون لدول الخليج العربي - التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها - كلا من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان.
وتراجعت أسعار النفط الخام، بنسبة 70% منذ منتصف عام 2014، هبوطاً من 120 دولاراً للبرميل، إلى أقل من 30 دولاراً في يناير/كانون الثاني الماضي، بسبب تخمة المعروض ومحدودية الطلب.
وارتفع مؤشر الأرقام القياسية لأسعار (التضخم) في السعودية وهي، أكبر مصدر للنفط في العالم خلال يناير/ كانون الثاني إلى 4.3% مسجلاً أعلى مستوى له في خمس سنوات، بسبب زيادة أسعار الطاقة بارتفاع واضح في تضخم فئتي السكن والمياه والكهرباء والغاز.
وبحسب بيانات الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت (حكومية)، ارتفع التضخم في البلاد بمعدل 3.25% خلال يناير/كانون الثاني الماضي، مقارنة بالشهر ذاته من السنة الفائتة. كما زاد معدل التضخم في قطر خلال يناير إلى 2.8%، بسبب زيادة تكاليف الإسكان والمرافق، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء القطري.
وبحسب بيانات رسمية، ارتفع معدل التضخم في البحرين وعمان بنسبة 2.3% و0.1% على التوالي في يناير، ولم تعلن الإمارات عن أرقام التضخم خلال شهر يناير الماضي، ولكن بيانات الهيئة الإتحادية للتنافسية والإحصاء (حكومية)، تشير إلى ارتفاع معدل التضخم في البلاد بنسبة 3.59% في شهر ديسمبر/كانون الأول الفائت.
ويعكس معدل التضخم (الرقم الذي يقيس تكلفة الحصول على الخدمات والسلع الرئيسة للمستهلكين) تحركات الأسعار وترصد معدلات الغلاء في الأسواق المختلفة.
وقال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه (عراقي مقيم في الإمارات)، إنه من البديهي أن يؤدي تراجع أسعار النفط إلى هبوط في أسعار العديد من السلع والخدمات، لاسيما وأن الخام يدخل بشكل رئيس أو ثانوي في كلفة الإنتاج والنقل.
وتابع "ألطه"، "على العكس تماماً نجد عدداً كبيراً من السلع التي سجلت ارتفاعاً مبالغاً في أسعارها، خلال الأعوام الماضية بذريعة ارتفاع أسعار الوقود، لكنها لم تتراجع رغم تهاوي أسعار النفط عالمياً".
وأشار أن أحد الأسباب وراء عدم تغير في أسعار السلع، يعود إلى أن بعض شركات القطاع الاستهلاكي، تتبنى سياسة طويلة الأجل في تعاقداتها لتفادي تذبذبات النفط، جعلها لا تتأثر بتراجعه.
ولفت أن "تراجع السيولة في بعض أسواق المنطقة، دفع التجار إلى تعويض ذلك بتحقيق أرباح من سعر البيع".
وأوضح الخبير الاقتصادي، أن غياب الرقابة على حركة الأسعار في الأسواق الخليجية، يعتبر عاملاً رئيساً وراء عدم الاستجابة لتراجعات النفط، ما يستدعي منع أیة زیادات غیر مبررة فی أسعار السلع والخدمات.
وتراجعت أسعار الأغذية العالمية في يناير/كانون الثاني، متأثرة بهبوط أسعار جميع السلع الغذائية الأساسية لا سيما الانخفاض الحاد في أسعار السكر والألبان، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو).
وجاء تراجع الأسعار بنسبة 1.9% عن ديسمبر/كانون أول، عقب انخفاض قارب 19% في 2015 وهو رابع هبوط سنوي على التوالي. وقالت "فاو" إن أسعار الأغذية في الأسواق العالمية في يناير تراجعت 16% عن مستواها قبل عام.
وقال الخبير الاقتصادي الكويتي عدنان الدليمي، إن أسعار النفط عالمياً تتحرك على المدى الطويل في ترابط طردي، مع بقية أسعار السلع العالمية، مضيفاً أن التراجع الحاد الحاصل في النفط لم يترجم حتى الآن إلى الواقع العملي في الأسواق، بما يتبعه من هبوط في أسعار المواد الغذائية الأساسية والخدمات.
وأضاف "الدليمي"، "هناك تضخم كبير وارتفاع في أسعار السلع الأساسية، بشكل غير مدروس، وهو ما يقلق المستهلكين، خصوصاً في ظل استمرار تراجع النفط، فلا يوجد أي مبرر لزيادة أسعار السلع، خاصة في ضوء انخفاض أسعار النفط، والأوضاع التي يمر بها الاقتصاد العالمي".
وطالب الخبير الاقتصادي الكويتي، بضرورة إطلاق مؤشر متخصص يقارن الأسعار في الأسواق الخليجية، بمثيلاتها العالمية، وبالتالي يمكن الحكم علي ارتفاع أو انخفاض الأسعار ومدي تأثرها بأسواق السلع الدولية.
وبحسب تقرير حديث للبنك الدولي، صدر الشهر الماضي، من المتوقع أن تنخفض جميع مؤشرات أسعار السلع الأولية الرئيسة عام 2016، بسبب استمرار المعروض الضخم، إضافة إلى بطء الطلب في بلدان الأسواق الناشئة في حالة السلع الأولية الصناعية.
وإجمالا، عدّل مراقبو البنك الدولي من توقعاتهم بزيادة الانخفاض في أسعار 37 من 46 سلعة أولية خلال العام.
كانت بلدان الأسواق الناشئة، هي المصدر الرئيسي لنمو الطلب على السلع الأولية منذ عام 2000.
ونتيجة لذلك فإن توقع ضعف النمو في هذه البلدان يؤثر على أسعار السلع الأولية. ومن شأن زيادة التراجع الاقتصادي في بلدان الأسواق الناشئة الرئيسة، أن تحدّ من نمو الشركاء التجاريين ومن الطلب العالمي على السلع الأولية، وفقا لتقرير البنك الدولي.
ومن المتوقع أن تنخفض أسعار السلع الأولية خلاف الطاقة 3.7% عام 2016 مع هبوط أسعار المعادن 10% بعد تراجعها 21% عام 2015، وذلك لأسباب تعود إلى ضعف الطلب في بلدان الأسواق الناشئة وزيادة الطاقات الجديدة.
وقال محي الدين قرنفل، مدير الاستثمار لدى فرانكلين تمبلتون للاستثمارات في الشرق الأوسط، إن بعض دول المنطقة لديها مشكلات في موازناتها العامة، وهناك توجه شبه جماعي نحو رفع تكلفة الحصول على بعض السلع والخدمات، وخفض الدعم لمواجهة مشكلة عجز الموازنة، وهو ما يقلل من التأثير بموجة الانخفاضات في أسعار السلع العالمية.
وتسبب الهبوط الحاد في أسعار النفط الخام، في تسجيل دول الخليج العربي المنتجة للنفط عجزاً في موازناتها للعام الجاري، أكبرهم كانت السعودية، بعجز في موازنة 2016، يقدر بنحو 87 مليار دولار، والكويت 40 ملياراً.
واتخذت كل دول مجلس التعاون الخليجي، التي تعتمد بشكل رئيس على ايرادات النفط، اجراءات لخفض الدعم عن مواد أساسية، بينها الوقود والكهرباء والمياه، لخفض الانفاق في مواجهة تراجع المداخيل النفطية.
وترافقت هذه الاجراءات غير المسبوقة منذ اعوام طويلة، مع تسجيل الدول الست عجزاً في ميزانية العام 2015.
وأضاف محي الدين قرنفل، إنه من المتوقع ازدیاد الضغوط التضخمیة في الخليج خلال العام الحالي، نتیجة لتأثیرات الجولة الجديدة من المبادرات والإصلاحات الاقتصادية، التي قد تشمل فرض رسوم جديدة، وبدأ تطبیقها خلال الأشهر الستة الماضية.
وتستغل دول الخليج العربية، التي تضخ نحو خمس معروض النفط العالمي وتستحوذ على 30٪ من احتياطي الخام في العالم، انخفاض الأسعار كمبرر لإصلاح قطاع الطاقة ورفع الدعم عن المحروقات.