أحدث الأخبار
  • 11:33 . "رويترز": اجتماع رفيع في باريس لبحث نزع سلاح "حزب الله"... المزيد
  • 11:32 . ترامب يلغي رسميا عقوبات "قيصر" على سوريا... المزيد
  • 11:32 . بعد تغيير موعد صلاة الجمعة.. تعديل دوام المدارس الخاصة في دبي... المزيد
  • 11:31 . "فيفا" يقر اقتسام الميدالية البرونزية في كأس العرب 2025 بين منتخبنا الوطني والسعودية... المزيد
  • 11:29 . اعتماد العمل عن بُعد لموظفي حكومة دبي الجمعة بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 08:14 . قانون اتحادي بإنشاء هيئة إعلامية جديدة تحل محل ثلاث مؤسسات بينها "مجلس الإمارات للإعلام"... المزيد
  • 12:50 . "قيصر" عن إلغاء العقوبات الأمريكية: سيُحدث تحوّلا ملموسا بوضع سوريا... المزيد
  • 12:49 . الجيش الأمريكي: مقتل أربعة أشخاص في ضربة عسكرية لقارب تهريب... المزيد
  • 12:47 . أمطار ورياح قوية حتى الغد… "الأرصاد" يحذّر من الغبار وتدني الرؤية ويدعو للحذر على الطرق... المزيد
  • 11:53 . "الموارد البشرية" تدعو إلى توخي الحيطة في مواقع العمل بسبب الأحوال الجوية... المزيد
  • 11:52 . 31 ديسمبر تاريخ رسمي لاحتساب القبول بـرياض الأطفال والصف الأول... المزيد
  • 11:50 . حزب الإصلاح اليمني: الإمارات لديها تحسّس من “الإسلام السياسي” ولا علاقة لنا بالإخوان... المزيد
  • 11:46 . عبدالله بن زايد وروبيو يبحثان استقرار اليمن.. ما دلالات الاتصال في هذا التوقيت؟... المزيد
  • 11:38 . موقع عبري: أبوظبي تقف وراء أكبر صفقة في تاريخ “إلبيت” الإسرائيلية بقيمة 2.3 مليار دولار... المزيد
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد

أمة في دائرة الخطر

الكـاتب : خليفة راشد الشعالي
تاريخ الخبر: 30-11--0001

خليفة راشد الشعالي
يتداول بعض المستغربين من مثقفينا عباراتٍ يعتقدون أنها مسيئةٌ ومستَفِزَة لمشاعر عرب الجزيرة، حيث يتهمونهم بالبداوة، وأنهم ليسوا أكثر من رُعاة إبلٍ وخيلٍ وماشية، وعلى العكس مما يعتقدون، فتلك تُهمَةٌ لا يبرأ منها العربي الأصيل، بل هي صفة يُفاخِرُ بها العرب ويفخرون أنهم من ساسَة الخيل والإبل والماشية، فهذه المهنة جزءٌ أصيلٌ من تراثهم، وهي مكونٌ أساسٌ من مكونات هويتهم.

ويتفاخرون بكونهم من أول الجماعات البشرية التي رَوّضَت هذه الكائنات وسخرتها لخدمة الإنسان ولعمارة الأرض، وعبر هذه الرحلة الطويلة والممتدة إلى أزمان غابرة، لم تبخل عليهم هذه الكائنات الجميلة بما لديها، فأعطتهم الكثير وتعلموا منها بقدر ما علموها ودربوها، وبلغة هذا الزمان؛ تبادلوا معها المعرفة، وتعززت في نفوسهم بسبب هذه العلاقة الحميمة قيم فطرية، من سلوك هذه الكائنات، حيث رأوا في بعضها الأنفة والصبر والوفاء والعطف وعدم نكران الجميل . ولهذا، عطفوا عليها وصارت الرأفة بها شيمة من شيمهم، فخلد الأولون منهم حبها شعراً ونثراً، فقال طرفة في الإبل: وَإِني لأُمْضِي الهَم عِنْدَ احْتِضَارِهِ بِعَوْجَاءَ مِرْقَالٍ تَرُوحُ وتَغْتَدِي * يَشُق حَبَابَ المَاءِ حَيْزُومُهَا بِهَا كَمَا قَسَمَ الترْبَ المُفَايِلَ بِاليَدِ . واعتنى بها المحدثون، رداً للجميل واعترافاً لها بمساهماتها في استمرار الحياة وبقاء الإنسان على هذه الأرض التي كانت هذه الكائنات من عماد الحياة فيها.

العرب لا تحب هذه الكائنات تصنعاً ولا تزلفاً، ولا تجاملها مجاملةً، فهي في أعرافهم تتعرف إلى من يحبها وتقترب منه وتبادله الحب، وتجفل ممن يضمر لها العداوة ويبغضها وتبتعد عنه، وعلى النسق نفسه تسير علاقتهم مع الإنسان الآخر فيما يتعلق بقراءة لغة الجسد والتعرف إلى مشاعر الآخر . . . فالعين تعرف من عيني محدثها إن كان من حزبها أو من أعاديها.

والعرب - مثلهم مثل باقي الشعوب والأمم - يخطئون ويصيبون، وهم إلى الصواب أقرب في سلوكهم إذا ما اعتمدوا معيار قيمهم التي توارثوها؛ لأنها تعبر بشكل واضح عن هويتهم الأصيلة، وإذا ما أخفقوا وتنكروا لقيمهم فإنهم لن يكونوا إلا مسخاً من المسوخ المتكررة في هذا الكون الفسيح . وفي هذا السياق، يبدو أن عرب هذا الزمان بدأوا بنزع قيمهم شيئاً فشيئاً، أو أنهم يتنازلون عنها ابتغاء مرضاة الآخر، الذي أثبت التاريخ أنه لن يرضى عنهم إلا إذا اتبعوا ملته، وألقوا بورقة التوت الأخيرة من على أجسادهم . والشواهد في بلادالعرب كثيرة، وأبرزها ما عبرت عنه إحدى الصحف الأجنبية الموثوقة قبل أيام، ولمتمثل في مشروع -حضاري- ستقوم به وزارة الأسرة في دولة أوروبية، يتم بمقتضاه تبني خمسة وخمسين ألف طفل سوري - من الذكور والإناث - في هذه الدولة، وقد تناقلت وكالات الأنباء هذا الخبر دونما تعليق من الجامعة العربية أو المؤسسات الوطنية، العربية والإسلامية ولا حتى السورية، الأمر الذي يمثل صفعةً إلى القيم العربية، بل هي كارثة تحل بهذه الأمة، التي لم تستطع أن تحتضن أبناءها وتأويهم من التشرد والضياع والبرد، وتأمنهم من الجوع والخوف.

وللعلم فإن هؤلاء الأطفال جزء بسيط من ملايين الأطفال في سوريا والعراق والصومال واليمن ومصر وقبل ذلك فلسطين، والمبادرة الألمانية لا تعدو كونها مبادرة رمزية رَوّجَتها وتُشهِرَها هذه المجلة لِتَستَفِزَ مشاعر الأوروبيين والأمريكيين والكنديين والأستراليين من أجل القيام بمبادرات مماثلة . وأمام وضع مثل هذا تكون قِيَمُ الأمة مَحَل نَظَر، بل نجزم أن كل الأمة محل نظر، والقائمون عليها إما أنهم مغيبون في دهاليز السياسة وفي أبراجها العاجية وفي بحور التنافس على قيادتها، أو أنهم لا يدركون خطورة تهالك القيم في مجتمعاتهم وفناء الهوية، وفي كلتا الحالتين هم يرتكبون خطيئةً لا تغتفر، فقديماً قيل: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ.