روى الموطن اللبناني ج. ع. أ. قصة ترحيله من دولة الإمارات، وقال لصحيفة "الأخبار": "سافرت إلى الخليج قبل 20 عاماً. بعد أن تنقلت بين السعودية وقطر استقريت في الإمارات منذ 10 سنوات. قررت وقتها أنه آن الأوان لأبدأ عملي الخاص.
تشاركت مع أحد المواطنين (الإماراتيين) وكبرت الشركة، ولأنني أحلم بالعودة يوماً والاستقرار في بلدي قررت شراء قطعة أرض وبناء منزل فيها، فاقترضت من الإمارات لشراء الأرض واقترضت في لبنان للبناء. وحيث أن راتبي كان 10 آلاف دولار، ولي حصة من الشركة بقيمة 2 في المئة (تعادل قيمتها الشهرية أربعة آلاف دولار) لم أبالِ بأن قيمة القسط في لبنان ستكون 2000 دولار لمده 15 سنة وفي الامارات 1500 دولار لمدة 5 سنوات".
وأضاف: "هكذا، بدأت بالبناء ومرت سنتان وانا أدفع الأقساط بانتظام إلى أن جاء موعد تجديد الإقامة. اتصل بي شخص وقال: معك شرطة أبو ظبي، الأمن، "جيب جواز سفرك وتعال".
ذهبت إلى المقر، وهناك أخذ مني الجواز وأخرج كومة كبيرة من الأوراق، كل واحدة باسم شخص، فتش بينها عن إسمي، فأخرجه وقال: جاءت الأوامر بعدم تجديد إقامتك. وعليك المغادرة خلال 24 ساعة! كنت مذهولاً. ختم جواز السفر ثم أخذني لالتقاط بصمة للعين وبلغني بأنني لن استطيع دخول دولة الإمارات للأبد! لكن، ما هو السبب؟ ماذا فعلت؟ أجابني: رسمياً لا نقول، مكتوب هنا لأسباب تتعلق بالأمن القومي!".
وتابع: "وضعوني في السجن إلى أن يأتي شخص ليكفلني برهن جواز سفره لضمان مغادرتي خلال 24 ساعة! هل يكفي هذا الوقت لإحضار شهادات المدرسة لأولادي وتصديقها من وزارة التربية هناك ثم من وزارة الخارجية ومن السفارة اللبنانية؟
24 ساعة هل تكفي لتشحن "عفش" بيتك وتضب ثيابك هل تكفي للذهاب إلى البنك لتنهي معاملات آخر قسطين تبقيا من السيارة؟ ومن ثم تذهب إلى المرور لإنجاز معاملات شحنها؟
24 ساعة! هل تكفي لتودع أحبابك ورفاقك وزملاءك في العمل؟ ولتتجول مرة أخيرة في هذه المدينة التي عشت فيها أحلى سنين حياتك وأحببتها كأنها بلدك؟ 24 ساعة! هل تكفي لتصفية شركتك وأخذ مستحقاتك المالية؟
آه صحيح. مستحقاتي المالية. كان صاحب العمل في إجازة في لندن، وفرق التوقيت لا يساعد. وبعد أن أيقظته، أخبرته بما حصل، فقال: ما أقدر أعطيك "فلوس" نهاية الخدمة، لأنه يجب أن
أسدد قروضك للبنك!. لكني أملك 2 في المئة من أسهم هذه الشركة، وقيمتها الآن فوق 200 مليون درهم! اكتفى بالجواب: سأتصل بك لاحقاً. وبالطبع، لم يتصل!".
وأضاف: "هكذا رجعت إلى لبنان بعد 20 سنة "خالي الوفاض". ولكي تكمل المصيبة، تلقيت اتصالاً من شركة تحصيل أموال يفيد بأن المصرف رفع دعوى ضدي لعدم تسديدي الأقساط! قلت له: لكن كفيلي الخليجي قال إنه سيسددها لقاء عدم دفع تعويضي! فأجابني: لم يسدد شيئاً، وفي حال لم تسدد أنت سيُحجز على أملاكك.
راجعت وزير الخارجية فقال لي حرفياً: لقد اتصلت بوزير خارجية الامارات وطلبت منه أن يعطينا سبباً لترحيل اللبنانيين فقال لي: "أمن قومي".
وهذه ليست النكبة الوحيدة التي تحل على المقيمين أو حتى مواطني الدولة. فمئات من الفلسطينيين والسوريين والمصريين والليبيين والأردنيين الذين نكل بهم جهاز الأمن وصادر أموالهم وممتلكاتهم بطرق مباشرة أو غير مباشرة، وأهدر سنوات العمر والشقاء الذي بذلوه في سبيل تأمين حياة كريمة لعائلاتهم، غير أن هذا الجهاز تجرد من كامل القيم الإنسانية كما يصف ناشطون نكل بهم الجهاز.