نشرت صحيفة التلغراف البريطانية تقريراً عن مشروع قانون بريطاني جديد يلزم جوجل وفيسبوك وغيرها من عمالقة الانترنت بإعطاء جهات الاستخبارات البريطانية حق الوصول إلى المحادثات الخاصة لعملاء هذه الشبكات في إطار خطط تعزيز صلاحية الجهات الاستخباراتية لمراقبة الانترنت ومتابعة محادثات المستخدمين.
ووفق ما نشرت الصحيفة فإن جوجل وفيس بوك وواتس آب وسناب شات وانستغرام ستكون مضطرة لتسليم كامل البيانات الخاصة بالمستخدمين في حال خضوعهم للتحقيق أو الاشتباه بهم من قبل أجهزة الاستخبارات البريطانية أو شرطة مكافحة الإرهاب.
وكان ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني قد صرح مؤخراً إبان هجمات باريس الأخيرة أن السلطات الأمنية في بلاده يجب أن تكون لديها القدرة على رصد كل الرسائل الخاصة عبر الانترنت وتحليلها لتتبع الإرهابيين وأعمالهم حسب وصفه.
من جهتها تحاول جوجل وأبل الضغط على الرئيس الأمريكي باراك أوباما لمنع هذه المراقبة، فوفق الشركتين فإن ما يعرف" بميثاق المتلصصين" وهو مشروع القانون الخاص بهذا الشأن، يحمل في طياته ما هو أوسع بكثير مما كان مخططاً له في السابق ويتجاوز حدود ما اتفقت الشركات عليه مع الحكومات وأجهزتها الأمنية.
ويضغط المحافظون للمضي قدماً في إقرار هذا التشريع خاصة وأنه كان قد تم حجبه سابقاً من شركائهم في الإئتلاف السابق "حزب الديمقراطيين الأحرار" لما فيه من ثغرات تتيح انتهاك حرية الناس العاديين.
لكن المحافظين الآن يضغطون باتجاه إقرار هذا القانون الذي يشمل تمكين وكالات الاستخبارات من تتبع الإرهابين والمولعين بالجريمة والمصنفين الخطرين بالإضافة إلى منح هذه الأجهزة الصلاحية لاتخاذ إجراءات صارمة ضد مذيعين يثبت قيامهم بعقد مقابلات مع متطرفين أو مجرمين خطرين.
وأبدت أجهزة الاستخبارات قلقها من كون العديد من المحادثات عبر الإنترنت مشفرة بشكل متطور لا يسمح لها بمعرفة ما يخطط له المشتبهون بشكل دقيق. وفي الوقت نفسه تبدي شركات الإنترنت حرصها الشديد على عدم مساس خصوصية المستخدمين وتستمر في دفاعها عن حق الخصوصية هذا.
وتحظى هكذا قوانين بتأييد كبير في الأوساط الغربية الآن خاصة بعد استخدام منفذي هجمات باريس لعبة "بلاي ستيشن 4" للتواصل بينهم وفق ما أعلنت الشرطة الفرنسية.
وسبق ذلك تعهد من الرئيس البريطاني ديفيد كاميرون بالعمل على زيادة صلاحية أجهزة الاستخبارات لتعقب المحادثات عبر الانترنت.
ومع ذلك،فإن التعديلات الجديدة المقترحة تلزم الحصول على إذن من وزير الداخلية قبل القيام بفك تشفير محادثة أي مشتبه به، وليس بالضرورة إبداء كافة الأسباب لشركة الإنترنت التي يتم التواصل معها بهذا الخصوص. وهو ما دفع مشرعين بريطانيين إلى الدعوة إلى ضرورة مراجعة القانون وجعله أكثر صرامة بهذا الخصوص.
من جهة أخرى كشفت مصادر أمنية أوروبية أن شركات انترنت صينية وروسية تعمل على انتاج برامج محادثات بكفاءة عالية لا تخضع لمعايير الرقابة الأوروبيةالجديدة كتطبيق تلغرام وغيره. وهو ما دفع أجهزة أمن بريطانية إلى الدعوة لحظر التطبيق في بريطانيا طالما أنه لا يلتزم بقانون تسليم المعلومات الجديد.
أما شركات الإنترنت فما زالت تحاول جاهدة رد القانون أو التخفيف من بنوده في سبيل الحفظ على خصوصية المستخدمين وعدم خسارة جزء منهم نحو تطبيقات أكثر أمناً. لكن هذه الشركات تواجه ضغوطاً عالية من داعمي القانون وهي تحت تهديد مواجهة محاكمات قانونية في حال رفضها الإنصياع للقانون أو مماطلتها في الاستجابة له بدعوى تسهيل عمليات الإرهاب والجريمة المنظمة في الدول الأوروبية.
ويُنتظر توضيح تفاصيل هذا القانون وما يقتضيه من جوانب خاصة فيما يتعلق بالصحافيين ومقابلاتهم مع المتهمين الخطرين أو الترويج لدعاياتهم، خاصة وأن بعض الدول الأوروبية شهدت محاكمات لصحافيين بدعوى مقابلتهم شخصيات إرهابية أوإجرامية حسب تصنيف الوكالات الاستخبارية على اعتبار أن ذلك جاء في إطار الترويج لأفكار هذه الجماعات والشخصيات.
يذكر أن الدولة مؤخراً وقعت اتفاقاً لتبادل المعلومات مع الشرطة الأوروبية ركز في بنوده على تبادل المعلومات المتعلقة بأعضاء الجريمة المنظمة وشبكات الاحتيال المالي بالإضافة إلى ما يخص المنظمات المصنفة على لائحة الإرهاب الأوروبية، وما تزال بنود الاتفاق الكاملة غير معلنة سواء في مؤسسات الدولة أو ضمن دوائر الشرطة الأوروبية كذلك.