ترأست وزيرة الدولة ميثاء سالم الشامسي وفد دولة الإمارات المكون من 25 عضوا إلى الدورة (62) للجنة الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في مقر الأمم المتحدة بجنيف. وكانت أرسلت البعثة الإماراتية الدائمة في جنيف إلى الأمانة العامة للجنة "سيداو" تحدد فيها أعضاء الوفد الإماراتي إلى هذه الاجتماعات التي عقدت خلال اليومين الماضيين، بعد تأخر تحديد هذا الوفد كما يظهر في الرسالة الرسمية التي تضمنت اعتذار البعثة الإماراتية عن هذا التأخير.
حقوق المرأة الإماراتية حاضرة
الوفد الإماراتي الحكومي والذي قال إنه يتضمن شخصيات من المجتمع المدني التي يسيطر عليها جهاز أمن الدولة وتخضع لقيود قانون جمعيات النفع العام لسنة 2008 وتعديلاته، كما يتهم ناشطون تجاهل تماما الانتهاكات الحقوقية الواقعة على المرأة الإماراتية في الدولة. ورغم ذلك، فإن ناشطين حقوقيين آخرين طرحوا حقوق المرأة في الإمارات في الاجتماعات بقوة.
فالمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، ومن خلال رئيسة المركز صفوة عيسى التي ألقت كلمة في الاجتماعات كشفت عن الجانب المظلم الذي تواجهه المرأة الإماراتية والذي حاول الوفد الحكومي حجبه والتغطية عليه باقتراحات "دعائية" أكثر منها حقيقية "مهينة" كما يصفها الناشطون.
وأكدت "عيسى" على أن السلطات في الدولة تمارس ازدواجية في المعايير عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة، كما تفعل في كل مجالات حقوق الإنسان عامة، مشيرة إلى معاناة السيدات اللاتي تربطهن صلات قرابة بالمعارضين الذين يعبرون عن وجهات نظرهم والمدافعين عن حقوق الإنسان، سواء زوجات أو بنات أو حتى أمهات، وتعرضهن لأشكال مختلفة من المضايقات والترهيب.
وسلطت "عيسى" الضوء في حديثها على السيدات اللاتي واجهن المحاكمات في إطار مجموعة "الإمارات 94"، مشيرة إلى تعرضهن لحظر السفر والمنع من العمل، رغم صدور أحكام ببراءتهن، وهو الأمر الذي طال العديد من الأطفال كذلك.
وذكرت "عيسى"، بعض هذه الانتهاكات التي تمارس بحق نساء المعتقلين، ومنها الحرمان من التعليم العالي، مشيرة إلى تدخل السلطات الأمنية بشكل مباشر في عمل المدارس والجامعات، وعملها على حرمان عدد من الفتيات من مواصلة التعليم بسبب الانتماءات السياسية لآبائهن، وذلك على الرغم من تعهد الدولة سابقاً أمام مجلس حقوق الإنسان في عام 2013 بالعمل على تشجيع التحاق الفتيات في التعليم الثانوي والعالي، وكذلك مشاركة المرأة في المجالات المهنية والسياسية.
وطالبت "عيسى" الاجتماع الحقوقي الدولي، بإصدار توصيات للدولة لتحسين حقوق المرأة، منها:
- الامتثال للمواد التابعة بـ"سيداو" والمتعلقة بحق المرأة في تكوين جمعيات ومؤسسات مستقلة، للتعبير عن آرائهن بحرية وبشكل فعال دون قيود على أساس الجنس أو الدين أو الرأي أو المعتقدات.
- وقف اضطهاد الناشطات الحقوقيات، والاعتراف بحق المرأة في ممارسة النشاطات السياسية والنقابية دون قيد أو ترهيب.
- التوقف عن منع أسر وزوجات المعتقلين من زيارة أزواجهن، والعمل على إعادة من هم خارج البلاد للحفاظ على وحدة الأسر من أجل مصلحة الأطفال.
وفد الحكومة للمؤتمر.. والدعاية الحقوقية
بعد أن تجاهلت كلمة الوفد الإماراتي الحكومي في الاجتماع والتي ألقتها رئيسة الوفد ميثاء الشامسي الإشارة للانتهاكات الحقوقية الواقعة على المرأة والاكتفاء بإعادة سرد بعض إجراءات "تجميلية" اتخذت فقط ليوم كهذا وليس لتحسين حقوق المرأة، نظم الوفد وقفة أمام مقر الأمم المتحدة لـ"تؤكد مكانة المرأة الإماراتية، ودورها الرائد في شتى المجالات"، على حد تعبير صحيفة "الخليج" المحلية.
ونقلت الصحيفة الصادرة في الشارقة، عن الوفد الحكومي الذي نظم الوقفة الإشادة بجهود الحكومة كونها قدمت تقريرها الدوري وردها على ملاحظات لجنة "سيداو".
الوفد دعا أيضا في وقفته إلى "تبني سياسة تمكين المرأة في المناصب الوظيفية والتمثيلية للدولة، عبر تخصيص نسب من المناصب القيادية والإدارية والقضائية للنساء". ويرى ناشطون حقوقيون أن الدولة تصر على تقديم فهم مغلوط ومشوش وممارسة غير واقعية لمفاهيم تمكين المرأة وحقوقها والتي تتجاوز أية تسميات أو وظائف أو مناصب إلى الحقوق العامة والحقوق السياسية وحرية التعبير عن الرأي وتمتعها بكافة حرياتها وحقوقها.
ويشير الناشطون إلى أن "مجلس التوازن بين الجنسين" الذي تعتبره الحكومة دليلا على تمكين المرأة ومنحها حقوقها لا يعدو كونه تقاسم وظائف على أساس "الجنس" لا أقل ولا أكثر.
الوفد الحكومي أيضا دعا إلى سن قانون "كرامة المرأة"، وقد وصفته "الخليج"، " وهو قانون خاص بضمان كرامة النساء المهمشات اللواتي يتم إنكار حقهن بالنفقة أو المماطلة في تنفيذها ما يؤثر سلباً على أوضاعهن وحقوق الأطفال". هذه النظرة التي تنتقص من حقوق المرأة وتختزلها في مسألة النفقة، أثارت غضب الناشطين الذين رأوا أنها لا تختلف بشيء عن دعوات حصر المرأة في "أعمال البيت"، رغم أن أصحاب هذه الدعوات تصفهم الدولة "بالمتطرفين" وتخصص لهم أجهزة أمنية و "فكرية" لمحاربتهم فإذا بها تتبنى نظرتهم للمرأة بصورة تحط من كرامتها، يقول ناشطون.
وتساءل ناشطون، هل بلغ عدد قضايا التخلف عن دفع النفقة في الدولة حدا أصبحت "النفقة" مشكلة تهدد الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع والدولة بصورة تدفع وفد الحكومة إلى جنيف لطرح هذا "الاقتراح" أمام دول العالم.