في الرابع من ديسمبر 2014 افتتحت "كلية الدفاع الوطني" بموجب نص المادة الأولى من مرسوم رئاسي صادر عام 2012، والتي قالت، " تنشأ كلية تسمى "كلية الدفاع الوطني" تتبع القيادة العامة للقوات المسلحة ويكون مقرها في مدينة أبوظبي وتختص بإعداد وتأهيل القيادات العسكرية والمدنية ورفع قدراتهم على تحديد وتقييم تحديات الأمن الوطني والإقليمي والدولي وفهم أسس ومتطلبات إدارة وتوظيف موارد الدولة من أجل حماية المصالح الوطنية".
وورد في أحد بنود المادة الثالثة من المرسوم حول اختصاصات الكلية، "تحديد الأولويات الاستراتيجية والقضايا الأمنية الوطنية والإقليمية والدولية والمطلوب التركيز عليها وتضمينها في منهاج".
ويتشكل المجلس الأعلى لكلية الدفاع الوطني برئاسة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي، و الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ومسؤولون أمنيون آخرون.
وقد جاء إنشاء الكلية في سياق ما بعد انطلاق الربيع العربي واعتبار السياسة الخارجية الإماراتية أن وصول الإسلاميين للحكم في الدول التي شهدت ثورات مهددا وجوديا وفق ما يؤكده سلوك الدولة في سياساتها وعلاقاتها الخارجية المعلنة ووفق ما يعبر عنها الإعلام الرسمي والتقارير الدولية البحثية والحقوقية المختلفة.
مؤتمر الإسلام السياسي
نظمت الكلية في (4-5|10) مؤتمرا حول الإسلام السياسي وفق توصيف أجهزة الأمن للإسلام الوسطي. وقد تركز المؤتمر على "كشف زيف الإسلام السياسي" بالاستناد إلى كتاب "السراب" لجمال سند السويدي رئيس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية وعضو المجلس الأعلى لكلية الدفاع الوطني أيضا. وقد تحدث في المؤتمر كلا من عبدالله العوضي الكاتب في صحيفة الاتحاد المحلية، و علي بن تميم، أمين عام جائزة الشيخ زايد، وعمار علي حسن (مصري) وآخرون.
المتحدثون سلطوا الضوء على "السراب" باعتباره أحد المراجع العلمية في "تفنيد" أفكار الإسلام الوسطي وذلك بكيل الاتهامات باستغلال الدين ومحاولة ربط الإرهاب والعنف بهذا التيار الشعبي العربي واسع النطاق والانتشار.
و ركزت محاور المؤتمر على ما وصفته كلية الدفاع الوطني "الجماعات الدينية السياسية، التي تدَّعي الحديث باسم الإسلام، وتتغذَّى على خداع البسطاء، واستطاع أن يفنِّد أطروحات هذه الجماعات، ويكشف عن أهدافها الحقيقيَّة، وفساد أفكارها، وحقيقة مواقفها التي تحاول إخفاءها، خاصة في ما يتعلَّق بممارسة العنف، أو تبريره والتشجيع عليه"، على حد مزاعمها.
وناقش المؤتمر، أيضا، وفق الكلية العسكرية، "مفهوم الإسلام السياسي وواقعه، وأساليب تسييس الدين؛ بالإضافة إلى ثقافة التكفير التي تستند إليها قوى التطرُّف والإرهاب، وتنبثق منها الكراهية داخل المجتمعات؛ بالإضافة إلى تغذية العنصريَّة والمذهبيَّة والعرقيَّة"، على حد تعبيرها.
عقيدة عسكرية وأمنية
بعد تدشين الكلية ببضعة شهور تم إقرار قانون الخدمة العسكرية الإجبارية على الإماراتيين الذكور من سن 18 وحتى 35 عاما واختياريا للإناث، وذلك - على حد وصف ناشطين- لتعميم عقيدة أمنية وأيدولوجية خاصة بجهاز الأمن وشخصيات وجهات تنفيذية للجيل الإماراتي تعتبر أكبر واجهة اجتماعية شعبية في الوطن العربي عدوا للدولة وعدوا للأمة، وذلك لخدمة أغراض سياسية وهي حماية حكومات في المنطقة من وصول الثورات العربية إلى تحت أقدامها، كما تفسر الصحافة الغربية أسباب دعم الإمارات والسعودية للانقلاب في مصر ثم دعمهم إلى جانب نظام السيسي الثورة المضادة في ليبيا وغيرها.
وإزاء ذلك، يلاحظ الناشطون أن كلية الدفاع الوطني لم تنظم أي فعالية مرتبطة بالمفهوم الأمني الشامل أو مكافحة التجسس على مصالح الدولة داخليا أو خارجيا أو كيفية حماية مصالح الدولة من التجسس الإيراني والإسرائيلي أو تأهيل الإماراتيين على كشف أساليب التجسس المعادية وتزويد الإماراتيين تربية وطنية حول الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية.
وبما أن اهتمامات الكلية على مستوى الخليج أيضا، فإن هناك غياب لدراسات حول الإرهاب الذي تمثله الخلايا الإيرانية في الكويت والبحرين والسعودية، كما لا تصل بحوث المركز لدراسات إرهاب المليشيات الشيعية ومنظمات "حزب الله" في الخليج والمليشيات الشيعية في العراق وسوريا، كما هناك غياب للتحديات الأمنية التي تواجه الدولة من اختلال التركيبة السكانية في الإمارات أو عموم دول مجلس التعاون، وغيرها من القضايا الأمنية ذات الأهمية. ويستذكر ناشطون غياب دراسات أمنية حول تحصين الدولة من الاختراقات الأمنية ذات الطابع العسكري كعمليات الاغتيال التي استهدفت شخصيات في دبي كما تعرض لعملية اغتيال محمود المبحوح عام 2010.
ويظل تساؤل الإماراتيين قائما: أي عقيدة أمنية وعسكرية تتلقاها القوات المسلحة ومدى ارتباطها بالمهددات والتحديات الأمنية الحقيقية التي تستهدف الدولة إيرانيا على الأقل.