أحدث الأخبار
  • 05:24 . "علماء المسلمين” يعتبرون إبادة غزة جريمة إنسانية ويطالبون بانتفاضة عاجلة... المزيد
  • 11:56 . انطلاق الدورة الرابعة من "اصنع في الإمارات" في أبوظبي... المزيد
  • 11:56 . تحوّل "كلية ليوا" إلى "جامعة ليوا" بعد اعتماد رسمي من وزارة التعليم العالي... المزيد
  • 11:16 . ترامب يشيد بالعلاقات مع الإمارات وقطر والسعودية... المزيد
  • 11:09 . روسيا تحظر نشاط منظمة العفو الدولية... المزيد
  • 11:08 . القبض على سوري مشتبه به في طعن خمسة أشخاص بمدينة بيليفيلد الألمانية... المزيد
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية إثر سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد

ثقافة على محك

الكـاتب : عبدالعزيز الحيص
تاريخ الخبر: 21-09-2015

حتى آخر نفس من العقد السابق، كنا كقراء ومثقفين عرب نعيش وادعين مع القهوة والكتب. كانت الثقافة تعني الكتب، وما فيها. ولم تكن القهوة تجد الكثير لتوقظ الناس له. بدأ العقد الجديد، وأتت القهوة باردة التنبيه، لأن الأحداث أسخن منها. الكتب على جلال شأنها، صغُرت أفكارها بجانب ما جدّ من أفكار وأحوال. أصبح التاريخ يتحرك، فضعُفت معرفة التاريخ السابقة، بل والإيمان به، فما حاجة القراءة عن أحداث كبيرة، وأنت تحيا أحدها؟!
ظنّنا أن التاريخ مجرد معرفة، نقرؤه فنرتاح مطمئنين إلى معرفة باردة. لكن أحداث اليوم التي تقع أمامنا وتنقلها الأخبار كل يوم، لم نستطع فهمها جيداً. إذن الحاضر يحتاج الفهم لا المعرفة فقط، وكذلك التاريخ. وهذا فهمٌ متأخر لا بد أن ندفع ثمنه. عادتنا كعرب أننا نود الخروج برأي وحكم قبل أن ينتهي مجلس النقاش. المعطيات قد تكون قليلة، وتحتاج الصبر، لكننا لا نحتمل الانتظار، نريد أن نخرج بالحكم، حتى لو تخرصاً أو ظناً، لنرتاح من استطالة التفكير والتأمل. نحن منقسمون في جزر متباعدة من الفهم والظنون. لذا الفرضيات ومعضلات الفهم التي نعيشها اليوم حول الحوثي وأميركا وإيران وداعش وغيرها تتوسع ولا تنتهي، ومساحات الأرض العربية هي التي تضيق.
من لا يملك الفهم لا يستطيع التحرك. وسبحان من جرأ صاحب الحق واليقين، مع قلة قدرته، وانظروا حكم العرب حول ذلك. أليس لصاحب الحق مقالاً؟ انعزال العرب كشعوب عن السلطة، وضعف الثقة المتبادل، يولّد عطالة الفهم. وكل حدث جديد، يأتي ليزيد تلالَ الريبة تلاً آخر. زادنا بحر الإنترنت معرفة ومعلومات، لكننا لم نعرف وظيفتها بعد. لقد كشفت الشبكات الاجتماعية، والاحتجاجات العربية إن أردت، عن الحيرة وعدم الفهم. لو كانت هناك وجهة سليمة، وجدت من يحسن تقديمها، ويسوقها بالفهم والوضوح والتضحية، لأقبلت الشعوب، وساقت غيرها على ما اختارته، ولجلب النجاح آخر ورائه. الشعوب التي تجاوزت مرحلتنا، كانت قد بدأت من الفهم، واتضح دربها.
الصراع الكبير الذي يملأ الزوايا العربية، يخبر شيئاً مهما، (وأرجو ألا أقع وإياك أيضاً في زعم الفهم)، إنه يخبر أن الأطراف لديها ما تُصارع به، إنها تزعم الفهم، ولديها من اليقين ما تجهز به ولأجله شهداءها المساكين. ساد فكر متشدد يجرئ الشباب على الدماء، والظنون، والكراهية، وهو فكر جبان في المراجعات، وإعادة الفهم. ومرحلة ما بعد الثورات العربية اليوم، بغض النظر عن نوع النتائج، تفتح أبواب التغيير، والفهم المختلف. لقد درس كرين برنتن أربع ثورات كبرى في كتابه «تشريح الثورة»، وكتب يقول إنه بعد الثورات تتلاشى «الرغبة الدينية الشديدة في الوصول إلى الكمال، والحملة من أجل جمهورية الفضيلة، ما عدا بين أقلية لم يعد ممكناً أن تقع أعمالها مباشرة في السياسة» (تشريح الثورة، 321). إن الناس بعد كل شدّة، وأحداث جسام، تعود إلى قاعها الطبيعي والمعتدل وتهدأ. لكن ليس بالضرورة أنها ستبحث عن الفهم. هذا البحث بالذات لا يُفترض أن يكون هادئاً.
بُنيت الخطابات والمدارس الثقافية على التفكيك والبناء، وطلب قدماء العرب «التخلية قبل التحلية». لكن قلت الحاجة للأول اليوم، فالإنترنت يفكك لوحده. سمّ لي مكوناً ثقافيا مستقرا وسابقاً لم يحلحله الإنترنت، ولم يزرع الشك فيه، ويجعل الناس تهمشه وتتجاوزه! لذا علينا التركيز على المضمون، ففي مجال الإنترنت المفتوح، لا بد أن ننشغل به، وبالرسالة القادرة على المزاحمة والنفاذ. إذا ضعف المضمون المعرفي، وقل الفهم، مع كل وسائل التواصل اليوم، فنحن المسؤولون. سنعيد التاريخ، ونرجع للصفر مراراً، ونظل متفرجين فقط على الأحداث، لا صانعين لها!