أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة عن وفاة مجند الخدمة الوطنية علي خليل عبدالله الحوسني الملتحق بالدفعة الرابعة بالخدمة الوطنية بمركز التدريب بالعين إثر تعرضه لسكتة قلبية مفاجئة.
وتقدمت القيادة العامة للقوات المسلحة "بخالص التعازي وصادق المواساة لأسرة الفقيد، سائلة الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان". هذه الجملة باتت الأكثر ترديدا في الإمارات مؤخرا بعد مشاركة الدولة في حرب اليمن وانطلاق برنامج الخدمة العسكرية الإجبارية العام الماضي.
نحو 10 شهداء قضوا في اليمن في غضون أيام قليلة بعضهم - حسب مصادر إعلامية عالمية- من مجندي الخدمة العسكرية الجدد والذين أرسلوا إلى منطقة صراع وحروب طوال تاريخها تقريبا. هؤلاء الشهداء لم يزد بيان العزاء فيهم بيان عزاء الحوسني الذي وافته المنية في معسكر التدريب.
"ظاهرة السكتة القلبية"
والشاب الحوسني ليس هو الفقيد الأول لمعسكرات التدريب؛ فخلال الأحد عشرا شهرا الماضية توفي مُجنّد الخدمة الوطنية محمد خالد خليفة الريسي نتيجة سكتة قلبية مفاجئة أيضا في سبتمبر 2014. أما المجند عمر خالد خليفة النقبي ذو الـ(18) عشر ربيعا في حادث سير في أبريل الماضي.
بيان القوات المسلحة في الحالتين أيضا، الشهادة أو الوفاة، لم يتحدث عن ملابسات وكيفية جنودنا في اليمن ولا أسباب السكتة القلبية المفاجئة لشاب يافع. يتساءل الإماراتيون، لماذا تتدهور بهم الأحوال وتتغير بهذه السرعة منذ نحو عقد من الزمان، و ما هي حاجة الدولة من هذا البرنامج العسكري الذي يكلف الدولة أرواح أبنائها.
غياب التحقيق والشفافية
ورغم تكرار هذه الحوادث المأساوية التي تقتنص شبابنا، فإن القوات المسلحة أو أي جهة أمنية أو تنفيذية أو حتى المجلس الوطني الاتحادي لم يبادر في إطلاق أي تحقيق من أي نوع كان للوقوف على هذه الحوادث وأسباب "السكتة القلبية" التي يتعرض لها الشباب. الرأي العام من حقه أن يطلع على أنواع التدريب وأساليبه التي يتلاقها مجند الخدمة العسكرية وهل تناسب حاجة دولتنا وحماية أمنها الداخلي والخارجي وحماية حدودها وسلامة أراضيها، أم أن المجندين يتعرضون لتدريبات لا تمت بصلة لحاجاتنا الأمنية. الإماراتيون وإن كانوا يفدون وطنهم بأرواحهم وأموالهم فلا بد أن يضحوا وهم على بينة لا أن يكونوا "دمى" في خدمة مشاريع غير إماراتية وغير وطنية. القوات المسلحة مطالبة بضمان عدم تكرار "السكتة القلبية المفاجئة" وغيرها من أسباب فقدان شبابنا، حتى لا يتحول الجيل الإماراتي إلى "دمية" في يد أجهزة تنفيذية وعسكرية وأمنية آخر ما تنفع أمننا القومي وسلامة استقلالنا الوطني.
فالإماراتيون يتساءلون عن الظروف التي أدت إلى "ظاهرة" السكتة القلبية المفاجئة التي تصيب المجندين، كون الظروف الحياتية العسكرية وطبيعتها يمكن أن تعرض مزيدا من أبنائنا لمخاطر نفسية وصحية، تبعا للفروق الفردية بين الناس. ويطالب الإمارتيون القوات المسلحة بإجراء مقابلات شاملة ومعمقة للملتحقين بهذا البرنامج العسكري والتعامل معهم وفق نتائج هذه التحقيقات، إن لم يكن هناك أي إمكانية لتجميد البرنامج ذاته والذي يحول المجتمع الإماراتي المدني بطبعه إلى مجتمع عسكري، لأنه لا يمكن أن يظل مصير شباب الوطن معلق في جبال اليمن أو حفر معسكرات التدريب أو أسرى عقيدة عسكرية "مجهولة" الأهداف، كما يتخوف ناشطون.