12:26 . الاتحاد الأوروبي يبحث مواصلة تعليق عقوبات على سوريا... المزيد |
12:19 . الجابر لترامب: الإمارات سترفع استثمارات الطاقة بأميركا إلى 440 مليار دولار بحلول 2035... المزيد |
11:12 . نيابة عن رئيس الدولة.. منصور بن زايد يرأس وفد الإمارات إلى القمة العربية في العراق... المزيد |
11:09 . سبع دول أوروبية تطالب الاحتلال بوقف حرب الإبادة في غزة وإنهاء الحصار.. وحماس تشيد... المزيد |
11:05 . إصابة شرطي إسرائيلي في عملية طعن بالقدس المحتلة... المزيد |
11:03 . حاملة الطائرات الأمريكية "هاري ترومان" تغادر الشرق الأوسط بعد الاتفاق مع الحوثيين... المزيد |
09:45 . الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على موانئ يمنية خاضعة لسيطرة الحوثيين... المزيد |
09:02 . مفاوضات إسطنبول.. اتفاق أوكراني روسي على تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار... المزيد |
08:54 . استشهاد 93 فلسطينيا في غارات إسرائيلية على غزة منذ فجر الجمعة... المزيد |
08:53 . متجاهلا الإبادة اليومية.. عبد الله بن زايد يدعو لإطلاق سراح أسرى الاحتلال وإيجاد بديل لحكم حماس... المزيد |
07:37 . دمشق تختار الإمارات وألمانيا لطباعة عملتها الجديدة بعد تحسن العلاقات وتخفيف العقوبات... المزيد |
07:28 . بعد رفع العقوبات الأمريكية.. موانئ دبي تضخ 2.9 مليار درهم في ميناء طرطوس السوري... المزيد |
07:17 . الإمارات والولايات المتحدة تعززان التعاون في مجال التكنولوجيا المتقدمة... المزيد |
11:47 . محاولات ديمقراطية في الكونغرس الأمريكي لوقف صفقات أسلحة إماراتية... المزيد |
11:45 . "الصحة" تطلق خدمة فورية لإثبات شهادات التمريض من الخارج دون أوراق... المزيد |
11:31 . وزير الاقتصاد: 13 ألف شركة أمريكية تعمل حالياً في السوق الإماراتي... المزيد |
في اليوم نفسه، الأربعاء الماضي 7 يناير 2015، حصلت مجزرتان في مكانين متباعدين، اليمن وفرنسا. لكن الثانية احتلّت وحدها واجهة الأخبار، فالقتل في اليمن حدث يومي، عادي ومتوقّع، ولم يعد ليثير الاهتمام، فعندما لا يكون القتلة من الحوثيين لا بدّ أن يكونوا من «القاعديين» أو من خصوم هؤلاء وأولئك. سقط أكثر من مئة قتيل وجريح بتفجير سيارة مفخخة استهدف كلية الشرطة اليمنية في صنعاء، وبعدما ثبت سريعاً أن تنظيم «قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية» هو من دبّر العملية توالت تصريحات الاستنكار، لتتقاطع بعد ساعات قليلة مع استنكار الحدث الآخر.
أما القتل في باريس فيبقى مستهجناً، رغم أنه كان متوقعاً، بدليل التدابير الشديدة المتخذة منذ شهور لاستباقه وإحباطه. قُتل اثنا عشرة شخصاً من مسؤولي التحرير ورسامي الكاريكاتير وأصيب عدد آخر في مجلة «شارلي ايبدو» حين هاجم مسلحان مكاتبها، وبين القتلى شرطي من أصل جزائري اسمه أحمد. وما إن حدّدت هوية الشقيقين المهاجمين حتى طوردا ليومين وقتلا باقتحام مكان احتجزا فيه رهائن، وما إن عُرف انتماؤهما حتى سُلّطت الأضواء على تنظيم «قاعدة الجهاد في الجزيرة العربية» لأنهما كانا زارا اليمن «لتلقي دروس دينية»، وقال أحدهما في مكالمة هاتفية مع محطة تلفزيونية إن التنظيم طلب منه «الانتقام للنبي». وفي عملية رهائن موازية هاجم مسلح ثالث متجر أطعمة يهودية، وقتل أيضاً في اقتحام الشرطة الفرنسية للمكان، لكنه أبلغ المحطة نفسها أنه تحرك بتعليمات من تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش).
أراد الشقيقان شريف وسعيد كواشي، أو عهد إليهما، «الانتقام» للرسول عليه الصلاة السلام، لأن «شارلي ايبدو» أعادت نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للإسلام التي كان الرسام الدنماركي كورت فيسترغارد أعدّها للنشر في جريدة «يولاندس بوستن» أواخر العام 2005، ثم تفاعلت القضية غضباً وتظاهراً في العالم الإسلامي و»دفاعاً عن حرية الرأي والتعبير» في الغرب. وهذا هو الشعار الذي تردد بعد المقتلة الأخيرة، وكان رد الفعل الأول والمباشر أنهما أساء بدورهما للرسول وللإسلام والمسلمين. بمعزل عن أصولهما الجزائرية، ولد الشقيقان وشبّا في فرنسا، ومن الواضح أن ظروف تربيتهما في العائلة أو في المجتمع لم تساعدهما على الاندماج في نمط الحياة ولا في روح الثقافة، بل إنهما لم يتلقيا تعليماً يمكّنهما من الانتظام المهني، فلم يجدا ضالتهما إلا في... اليمن! وكالعادة تبيّن أن الرجلين لم يكونا مجهولين بل كانا على اللائحة الأميركية السوداء، وعلى اللوائح الأوروبية للمسافرين المشتبهين، وسبق للأجهزة الفرنسية أن استجوبتهما ووضعتهما تحت الرقابة بسبب علاقاتهما مع متطرفين إسلاميين معروفين. كانا أشبه بخلية نصف نائمة لكن السلطات القضائية لم تملك ضدهما سوى شكوك لا تمكّنها من سجنهما لذا تركتهما طليقين، وهذا ما يفسر سرعة التعرّف إليهما، بعد فوات الأوان.
ما لا تحسمه السلطات القضائية قد يحسمه المجتمع، أو على الأقل بعض المجتمع، باندفاعه إلى اتهام الجالية المسلمة في فرنسا. فحزب «الجبهة الوطنية» وسواه من المجموعات المتطرفة تحرّض منذ أعوام ضد المسلمين وتعتبرهم أساس المشكلة الاقتصادية الناجمة عن تكاثر المهاجرين، شرعيين أو غير شرعيين، ومنذ تعاظم ظاهرة الإرهاب باتت تشير إليهم كمصدر للخطر الأمني، فضلاً عن «الانحراف الحضاري» المتمثّل بعدم اندماج المسلمين في «قيم الجمهورية» وظهور مجموعات متطرفة كارهة للغرب في أوساطهم. عدا اعتداءات محدودة على بعض المساجد، غداة الجريمة الإرهابية في مكاتب «شارلي ايبدو»، لم تُسجّل أحداث تُذكر، لكن هذا لا يعني أن رد متطرّفي اليمين سيبقى عند هذا الحد، وأساساً هناك اعتداءات على مدار السنة تنتهك مساجد أو مقابر أو تتعرّض لأشخاص لا علاقة لهم بأي نشاط سياسي. ليس مستبعداً هذه المرّة أن يصبح الردّ على القتل بالقتل، فالنفوس معبأة أصلاّ بسبب الأشرطة الموثّقة لجرائم «داعش» وأخباره عن سبي النساء ورجمهن. لكن وجود دولة قوية مستندة إلى إنفاذ القانون لن يسمح بأي انفلات أمني خارج عن السيطرة، فللدولة قنواتها داخل المجتمع، لكنها قد لا تملك قنوات كافية داخل بعض البيئات المتطرفة والموصوفة بـ»الإسلامية».
في مختلف الدول الغربية تُركت للجاليات المسلمة ممارسة شعائرها الدينية من دون عوائق، ومع ذلك تحصل إشكالات بينها وبين السلطات بسبب بناء مساجد أو بعض الطقوس، ما لا يحدث إطلاقاً مع جاليات أخرى متعددة الأديان والمذاهب وتفوق أحياناً المسلمين بأعدادها. ولعل ما أصاب الإسلام في مواطنه أصابه أيضاً في المهاجر، من خلال التسييس والتثقيف المتطرّف والتجنيد والتسليح والتحريض على العنف. وكما في المواطن كذلك في المهاجر مسّت الحاجة الآن إلى إدارة أمنية بقواعد ومعايير متشددة، خصوصاً بعدما أوضح الاعتداء الباريسي الشكل الذي يمكن أن يتخذه خطر «الجهاديين الأجانب العائدين» بعدما تدربوا واكتسبوا «مهارات إرهابية». وأياً تكن اعتبارات مسلمي البيئات الإسلامية المهمشة في الغرب فإن غضّها النظر عن إرهابيين معروفين أو مفترضين يعني تعريض عشرات ومئات الآلاف للخطر، بل صار يعني نوعاً من التواطؤ مع المتطرفين. هل في ذلك دعوة إلى تجسس المسلم على المسلم؟ لا، هذه دعوة إلى أن يكون المسلم مواطناً كسواه حيثما تكون دولة القانون سائدة، فالفرنسي يتجسس على الفرنسي عندما يتطلّب الأمن الوطني ذلك.
جاءت الجريمة الباريسية في لحظة بالغة الدقّة، فمن جهة هناك تحالف دولي لمحاربة الإرهاب بمشاركة دول عربية ومسلمة، ومن جهة أخرى تتصاعد حملة تقودها أحزاب وكتّاب على الإسلام والمسلمين داخل أوروبا. صحيح أن «العدو واحد» لكن الحرب لا تسير في اتجاه واحد. لا بدّ من إعادة النظر في استراتيجيتها، وسائل وأهدافاً.