06:44 . الرحلة الأخيرة لزعيمة المعارضة البيلاروسية.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد |
12:02 . في جريمة جديدة.. الولايات المتحدة تمنع التأشيرات الإنسانية الطبية على أبناء غزة... المزيد |
11:58 . الكويت.. القبض على 67 متهما بصناعة الخمور عقب وفاة 23 شخصاً... المزيد |
11:50 . بدء دوام المدرسين والإداريين في الإمارات اليوم.. والطلاب من الأسبوع القادم... المزيد |
11:44 . 16 شهيداً بنيران جيش الاحتلال في غزة اليوم... المزيد |
11:35 . اليمن.. قصف إسرائيلي يستهدف محطة كهرباء بصنعاء... المزيد |
01:28 . سفير الاحتلال لدى أبوظبي يواصل إغضاب المسؤولين الإماراتيين... المزيد |
08:10 . تعليقاً على لقاء ترامب وبوتين.. قرقاش: للإمارات دور محوري بين روسيا وأوكرانيا... المزيد |
05:55 . البديوي يبحث مع نائب وزير خارجية التشيك التعاون الثنائي ومستجدات المنطقة... المزيد |
11:55 . "رويترز": جنوب السودان يناقش مع الاحتلال الإسرائيلي تهجير فلسطينيين إلى أراضيه... المزيد |
11:50 . 178 يوماً للتمدرس في العام الدراسي الجديد... المزيد |
11:18 . إيران: مقتل عنصر أمني في اشتباك مع مسلحين جنوب شرقي البلاد... المزيد |
11:18 . قمة ترامب وبوتين في ألاسكا تنتهي دون التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا... المزيد |
11:16 . باكستان.. مقتل أكثر من 200 شخصًا جراء فيضانات وسيول مفاجئة... المزيد |
11:15 . إصابة شخصين في إطلاق نار قرب مسجد بالسويد... المزيد |
08:42 . مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية... المزيد |
في عام 1649 أعدم البرلمان الإنجليزي الملك شارلز الأول بعد أعوام من الحرب الأهلية الناتجة عن معارضة البرلمان لقرارات الملك رفع الضرائب وحل البرلمان، تلى ذلك تحول بريطانيا لأول «وآخر» مرة في تاريخها الممتد إلى جمهورية ليتولى رئاستها أوليفر كرومويل، هذا الأخير ورث جمهورية أتعبتها الحرب الأهلية، وما إن تولى الحكم حتى قام بممارسات أسوأ من سلفه الملكي وكان عهده من أسوأ العهود في التاريخ البريطاني الحديث، المشكلة لم تكن في كرومويل بحد ذاته المشكلة كانت في التحول المفاجئ من الملكية إلى الجمهورية والذي لم يترك مجالاً لنمو طبيعي لمؤسسات الدولة تستطيع معه التجاوب مع الحالة الجديدة، الحاكم الجمهوري الجديد لم يكن أمامه إلا طريق الدماء للحفاظ على وحدة الأراضي تحت تاج الجمهورية، ولم يتوان في ذلك.
ما إن مات الطاغية الجمهوري حتى اتخذ البرلمان قراراً غريباً، أرسل البرلمانيون إلى ابن ملكهم الذي أعدموه قبل أعوام قليلة يطلبون منه العودة إلى لندن ليتقلد الحكم كملك جديد لبريطانيا، لماذا؟ رأى البرلمانيون أن حالة التغيير المفاجئ التي نتجت عن التحول إلى الجمهورية لم تجلب لهم ما كانوا يطمحون إليه من عدالة اجتماعية واستقرار وازدهار، فقرروا العودة خطوة للوراء ولكن، لم يعودوا المشوار كاملاً، فمع الملك الجديد الذي جاء بقرار برلماني أصبح البرلمان مصدر الشرعية للملك وصار يجتمع بصفة دورية ويأخذ الملك برأيه في قضايا الدولة، واستمرت الإصلاحات التدريجية في نظام الحكم البريطاني حتى بلغت شكلها الحالي عام 1918 بتمرير قانون المشاركة الشعبية الشامل لكل فئات المجتمع.
احتاج البريطانيون قروناً حتى يصلوا إلى ديمقراطيتهم الحالية ولكن قصتهم أقل دموية بكثير من قصة جيرانهم الفرنسيين الذين خاضوا غمار ثورتين مات فيهما مئات الآلاف وعاشوا حالة من الفوضى استمرت لقرابة المئة عام ليصلوا في النهاية إلى ذات النتيجة التي وصل إليها البريطانيون وفي الوقت نفسه تقريباً، كلا البلدين مر بالتحول الديمقراطي بكافة أبعاده، ولكن ما دفعته فرنسا للوصول إلى هدفها كان أكثر بكثير مما دفعته بريطانيا.
منذ انطلاقة الربيع العربي احتدم النقاش حول الطريق الأمثل للإصلاح السياسي في العالم العربي، ورأينا معاً النماذج المختلفة تصعد وتسقط، شاهدنا صعود الإسلاميين في مصر وتمسكهم بالوصول إلى السلطة عبر آليات الديمقراطية ثم الانقلاب الدموي عليهم وآلاف الضحايا في رابعة وغيرها، وشاهدنا جثة معمر القذافي مضرجة بالدماء في ليبيا لتقوم بعدها حرب أهلية ممتدة حتى اليوم، وشاهدنا الشعب السوري يقدم مئات آلاف الشهداء في ثورة مسلحة متعددة الجبهات، شاهدنا اليمن يتأرجح بين التنازلات المتكررة من قوى الثورة حتى أصبح تحت رحمة الحوثيين، وأخيراً شاهدنا تونس كيف سقط فيها النظام ليعود رموزه إلى نظام جديد.
ماذا حدث في تونس؟ عرف الثوريون هناك أنهم أمام خيار صعب، مؤامرة أكبر من تونس تهدف إلى إسقاط كل ثوري يصل إلى سدة الحكم، اقتصاد متضعضع بفضل الدولة العميقة وحلفائها في الخارج وحدود مهددة مع الوضع المتوتر في مصر وليبيا، في النهاية كان قرار حركة النهضة الفصيل السياسي الأكبر من فصائل الثورة التونسية هو أخذ خطوة إلى الوراء كما فعل الإنجليز مع ملكهم، فحركة النهضة بعد أن أسست مع شركائها لدستور جديد يكفل الحريات والديمقراطية، ومؤسسات دولة جديدة يحكمها القانون، فضلت أن تتراجع تاركة المجال لرجال النظام السابق للعودة إلى القصر الرئاسي، الفرق بين ما حدث في بقية الأقطار وما حدث في تونس هو أن تونس أسقطت النظام ثم أسست نظاماً جديداً، هي محطة الثورة الوحيدة التي أوجدت نظاماً يتماشى وأهداف الثورة وبالتالي لم يعد مهماً من يصل عبر الصندوق، النهضة اليوم كتلة المعارضة الأكبر في البرلمان وقادتها في الميدان والمجال أمامهم مفتوح لتصحيح المسار متى انحرف، لم تتصلب النهضة في الحكم فلم تترك مجالاً لخصومها للانقلاب عليها أو التخلص من رموزها.
تجربة شبيهة حدثت في المغرب عندما قبل حزب العدالة والتنمية تشكيل الحكومة رغم علمه بأن صلاحيات الملك الواسعة ستكون عائقاً أمام تحقيق طموحات الشعب ولكن النقلة حدثت هناك من وزير أول معين إلى رئيس حكومة يمثل حزب الأغلبية في البرلمان وهذا التغيير يصعب على النظام التراجع عنه اليوم، التغيير المرحلي في النموذج البريطاني احتاج وقتاً طويلاً ولكنه جاء بتكلفة رخيصة ونظام مستقر ويبدو أن الطريق الأمثل المتاح للمطالبين بالإصلاح في عالمنا العربي اليوم هو القبول بالمكتسبات الجزئية والصبر في سبيل مشروع طويل الأمد للإصلاح السياسي.