أحدث الأخبار
  • 11:01 . "التربية" تفتح باب مراجعة الدرجات لطلبة الثاني عشر وتعلن مواعيد نتائج باقي الصفوف... المزيد
  • 10:45 . الرياض وواشنطن تبحثان تعزيز الشراكة الدفاعية وسط توترات إقليمية... المزيد
  • 10:17 . "أكسيوس": واشنطن تبحث اتفاقاً أمنياً محتملاً بين سوريا و"إسرائيل"... المزيد
  • 10:16 . الصحة العالمية: الموت جوعا في غزة يجب أن يتوقف... المزيد
  • 10:10 . مجموعة السبع تدعو إلى استئناف المحادثات بشأن برنامج طهران النووي... المزيد
  • 10:07 . الأغذية العالمي: الجوع يهدد أربعة ملايين لاجئ سوداني في دول الجوار... المزيد
  • 09:52 . خفايا توسّع أبوظبي في أفريقيا.. كيف تحول النفوذ الاقتصادي لأطماع جيوسياسية؟!... المزيد
  • 01:42 . ترامب يقرر إنهاء العقوبات على سوريا... المزيد
  • 08:56 . كم ارتفع عدد سكان أبوظبي خلال العام الماضي؟... المزيد
  • 07:25 . هيومن رايتس ووتش: أحكام أبوظبي الأخيرة في قضية "الإمارات 84" تؤكد ازدراءها للقانون... المزيد
  • 06:39 . إيران.. ارتفاع قتلى الهجمات الإسرائيلية إلى 935... المزيد
  • 11:36 . إثر التوترات الأخيرة.. كيف تغيرت أسعار الوقود في الإمارات لشهر يوليو؟... المزيد
  • 11:22 . الرئيس الإيراني يؤكد الاستعداد لفتح صفحة جديدة مع الخليجيين... المزيد
  • 09:51 . واشنطن بوست: اتصالات إيرانية جرى اعتراضها تقلل من تأثير الضربات الأمريكية... المزيد
  • 12:32 . الاحتلال الإسرائيلي يدرس مستقبل حرب غزة والجيش يوصي بإبرام صفقة... المزيد
  • 08:41 . السلطات السعودية تفرج عن دُعاة بعد سنوات من الاعتقال... المزيد

خفايا توسّع أبوظبي في أفريقيا.. كيف تحول النفوذ الاقتصادي لأطماع جيوسياسية؟!

خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 01-07-2025

  • كيف تعمل أبوظبي على التوسع في إفريقيا؟

من خلال معاهدات واتفاقيات أمنية واقتصادية، وتبني شبكة علاقات رسمية وغير رسمية.

  • ما أبرز وسائلها للتوغل إفريقيّاً؟

عبر رفع مستوى التبادل التجاري واستثمارات ضخمة في الموانئ والمطارات ومشاريع البنية التحتية، إذ لا تقتصر هذه المشاريع على تحقيق مصالح تجارية فحسب، بل تشكّل أيضاً خطوات استراتيجية لتوسيع نفوذها الإقليمي.

  • كم يبلغ حجم التبادل التجاري بين الإمارات وإفريقيا؟

قفز من 37 مليار دولار في 2012 إلى نحو 80 مليار دولار في 2022.

في العمق الأفريقي، حيث تتشابك الثروات الطبيعية مع الهشاشة السياسية، تمدّ أبوظبي أذرعها بخطى محسوبة، تاركة بصمتها في كل زاوية من أفريقيا؛ من الموانئ الاستراتيجية إلى المناجم الغنية بالذهب والمعادن النادرة، ومن صفقات الأمن والدفاع إلى الاستثمارات الزراعية؛ لا تكتفي أبوظبي بدور المستثمر، بل تبني شبكة نفوذ معقدة تمزج الاقتصاد بالسياسة، والتجارة بالأمن، والمال بالسلطة.

هذا ليس تحليلاً عابراً ولا طرحاً نظرياً، بل واقعاً تثبته الأرقام، وتؤكده شواهد التمدد الإماراتي المتسارع، لتصبح بذلك واحداً من أبرز المستثمرين في أفريقيا، ولاعباً مهماً يجمع بين النفوذ الاقتصادي والجيوسياسي العسكري.

في هذا التقرير نستعرض أبعاد نفوذ أبوظبي في افريقيا، وكيف تحولت المشاريع الاقتصادية الى أدوات ضغط سياسي وتمدد عسكري، تخدم أطماع أبوظبي الجيوسياسية في القارة السمراء.

السطوة الاقتصادية

وسّعت أبوظبي حضورها الاقتصادي في أفريقيا عبر استثمارات ضخمة في الموانئ والمطارات ومشاريع البنية التحتية، إذ لا تقتصر هذه المشاريع على تحقيق مصالح تجارية فحسب، بل تشكّل أيضاً خطوات استراتيجية لتوسيع نفوذها الإقليمي. تمتلك الإمارات استثمارات كبيرة في الأراضي الزراعية، الطاقة المتجددة، التعدين، والاتصالات، إلى جانب اتفاقيات تعاون عسكري واسعة؛ ما يجعلها لاعباً محورياً في الجغرافيا السياسية للقارة.

وقد رافق هذا التمدد الاقتصادي تصاعد لافت في حجم التبادل التجاري بين الإمارات وأفريقيا، الذي قفز من 37 مليار دولار عام 2012 إلى نحو 80 مليار دولار بحلول 2022، ليعكس عمق التحولات التي أحدثتها أبوظبي في علاقاتها بالقارة.

ووفقاً لتقديرات شركة FT Locations، لم تكتفِ الشركات الإماراتية بهذا الزخم، بل أعلنت عن مشاريع جديدة بقيمة 110 مليارات دولار بين 2019 و2023، منها 97 مليار دولار خلال 2022 و2023 فقط، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما تعهدت به الصين في الفترة نفسها؛ ما يعزز حضور أبوظبي في قطاعات متنوعة. تتوزع صادرات الإمارات إلى أفريقيا بين الآلات والمعدات الكهربائية ومعدات النقل والمنتجات البترولية.

بينما تستورد بالمقابل ثروات ثمينة مثل الماس والأحجار الكريمة والذهب، فضلاً عن النحاس والصلب. لكن اللافت، وربما الأكثر استراتيجية، هو أن المنتجات الغذائية باتت تمثل ثاني أكبر واردات الإمارات من القارة، في مسعى مدروس لتنويع مصادر الإمدادات الغذائية، لا سيما أن الدولة تعتمد على الاستيراد لتلبية أكثر من 90% من احتياجاتها الغذائية، ما يجعل أمنها الغذائي رهينة لعلاقاتها الدولية.

الموانئ.. شريان النفوذ

يرتكز جوهر الاستراتيجية الجيوسياسية لدولة الإمارات على الاستحواذ المنهجي على امتيازات الموانئ المحيطة بالقارة الأفريقية، ما يُمكنها من الهيمنة على طرق التجارة العالمية التي تمر عبرها.

ولا يتوقف الأمر عند الموانئ الساحلية فحسب؛ بل تمتد يد أبوظبي إلى أعماق القارة عبر إنشاء مراكز لوجستية وشبكات متكاملة للبنى التحتية وسلاسل التوريد، مما يرسّخ حضورها الاقتصادي ويعزّز قدرتها على التأثير في حركة السلع والموارد عبر أفريقيا.

ويتقدم هذه الاستراتيجية لاعبان رئيسيان: شركة أبوظبي للموانئ، المملوكة لصندوق الثروة السيادي، وشركة موانئ دبي العالمية، المملوكة لحكومة دبي. وهما لا تُعدّان مجرد ذراعين اقتصاديتين، بل تشكّلان أدوات قوة ناعمة أساسية تسخّرها أبوظبي لتعزيز نفوذها السياسي والجيوسياسي في القارة.

فخلال العقد والنصف الماضي، وسّعت موانئ دبي العالمية حضورها الأفريقي بشكل لافت، إذ باتت تدير اليوم موانئ ومراكز لوجستية في تسع دول أفريقية، تشمل الجزائر، أنغولا، جيبوتي، مصر، موزمبيق، نيجيريا، رواندا، السنغال، جنوب أفريقيا، إضافة إلى جمهورية أرض الصومال المعلنة من طرف واحد، وتوظف هناك أكثر من 20 ألف موظف.

في المقابل، تحافظ شركة أبوظبي للموانئ على ارتباط وثيق بالحكومة من خلال ملكيتها للصندوق السيادي، وقد بدأت بتوسيع بصمتها الإقليمية عبر مشاريع في مصر، والآن في جمهورية الكونغو وتنزانيا. كما تحتفظ بوجود طويل الأمد في ميناء كامسار في غينيا، أحد المراكز الإقليمية الكبرى للصادرات. وفي عام 2024، عززت الشركة هذا الحضور بتوقيع اتفاق مع الحكومة الأنغولية لتشغيل وتحسين ميناء لواندا، مع خطط طموحة لاستثمار يصل إلى 377 مليون دولار، ما يعكس الطموح الإماراتي المتنامي لتأمين موطئ قدم استراتيجي على السواحل والمنافذ الحيوية الأفريقية.

قبضة الموانئ

نستعرض عبر هذا الإنفوغراف الموانئ التي تديرها الإمارات في أفريقيا، والتي ليست مجرد أصول تجارية، بل شرايين نفوذ استراتيجي تمدّ حضور أبوظبي عبر القارة:

لماذا تستثمر في أفريقيا؟

تروّج أبوظبي لاستراتيجيتها في أفريقيا باعتبارها قائمة بالدرجة الأولى على الأعمال التجارية، لكن هذه الرواية ليست دقيقة بالكامل. يشبّه كينيث كاتزمان، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في دائرة أبحاث الكونغرس الأميركي، شركة موانئ دبي العالمية بشركة غازبروم الروسية ـ أداة نفوذ جيوسياسي ـ لكن من دون الفساد المستشري أو انعدام الكفاءة.

يقول كاتزمان: "هي شركة، لكنها أيضاً تحمل دلالات سياسية واضحة، من حيث إشاراتها إلى نوايا الحكومة واستراتيجيتها، والمناطق التي تختار التدخل فيها، ونوعية الصفقات التي تبرمها".

أما حسام محجوب، الخبير في الشؤون الأفريقية، فيعلّق: "يُظهر التاريخ أن اللاعبين الخارجيين عندما يحصلون على نفوذ اقتصادي كبير في أفريقيا، فإنهم غالباً ما يوظفونه لتحقيق مكاسب سياسية واستراتيجية".

أزمات خلف الاستثمار

هل تحوّل شركات الإمارات "الفرص" الأفريقية إلى أزمات داخل القارة؟

لم يكن الحضور الاقتصادي الإماراتي خالياً من التوترات؛ بل على العكس، أصبح في عدة حالات مصدر إزعاج سياسي داخلي. ففي كينيا، مثلاً، واجهت شركة موانئ دبي غضباً شعبياً خلال حملة الرئاسة عام 2022، بعد إعلان ترشيحها لإدارة موانئ مومباسا ولامو وكيسومو. اتهمت المعارضة الرئيس آنذاك، أوهورو كينياتا، ببيع أصول وطنية سرّاً، ما أدى إلى إفشال الصفقة.

معارك الموانئ

في جيبوتي، احتدمت المعركة الأكبر: اتُّهمت «موانئ دبي» برشوة رئيس هيئة الموانئ، ما دفع الحكومة إلى تأميم ميناء دوراليه وتسليمه لاحقاً إلى منافس صيني. وفي تنزانيا، فجّرت اتفاقية إدارة الموانئ موجة غضب شعبي عارمة في 2023 امتدت إلى العام التالي، وصلت إلى اعتقال 22 ناشطاً اعترضوا على الاتفاق.

الذهب المهرّب وصفقات الظل

في نوفمبر الماضي، كشفت تقارير عن بدء محادثات بين حكومة نيجيريا والإمارات بشأن وقف تهريب الذهب، إذ تُعد الإمارات الوجهة الرئيسية لهذا المعدن المهرّب من نيجيريا. هذه الوقائع تفتح نافذة على التشابك المعقد بين الاقتصاد والسياسة في العلاقات الإماراتية الأفريقية، وسط اتهامات بتورط أبوظبي في غسل الذهب لصالح الكرملين ومجموعة فاغنر في أفريقيا. كما تطالها مزاعم بشراء واردات من مناجم يسيطر عليها المتمردون في دارفور السودانية.

صراع الصحراء والطموح المغربي

في 19 مايو الماضي، وقّعت الإمارات مع المغرب اتفاقاً استثمارياً تاريخياً بقيمة 14 مليار دولار، لإعادة رسم مشهد الطاقة والمياه في البلاد بحلول 2030، عبر ممر كهربائي بطول 1400 كلم يربط الصحراء الغربية بالدار البيضاء، وشبكة متقدمة لتحلية مياه البحر.

وقد أثار هذا المشروع استياء الجزائر، التي تعارض ضم المغرب للصحراء الغربية، وتدافع عن حق تقرير المصير لسكانها الأصليين. اللافت أن الرباط أطلقت استثمارات بمليارات الدولارات في الصحراء الغربية بعد توقيعها اتفاق التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وافتتاح أبوظبي قنصلية هناك، إلى جانب اعتراف واشنطن بسيادة المغرب عليها.

الأرض والماء: استنزاف مزدوج

تواجه أبوظبي أيضاً اتهامات ثقيلة بسبب استثماراتها الزراعية في دول مثل مصر، إثيوبيا، كينيا، مدغشقر، المغرب، ناميبيا، سيراليون، السودان، أوغندا، وتنزانيا، عبر زراعة محاصيل مستنزفة للمياه مثل البرسيم، لتلبية احتياجات الثروة الحيوانية في الخليج، حيث يُنظر إليها كاستحواذ مزدوج على الأراضي والمياه. هذا النمط يؤدي إلى استنزاف الموارد المحلية، وتفاقم انعدام الأمن الغذائي، وتدهور البيئة. كما أن معالجة المواد الخام المستوردة وإعادة بيعها للدول الأفريقية بأسعار مرتفعة تمثل وجهاً آخر لهذا الاستغلال.

نزاعات اجتماعية ومخاطر إقليمية

يتجاوز تأثير تأمين أبوظبي لمواردها الغذائية الحدود الاقتصادية والبيئية، ليطال الديناميات الاجتماعية والإقليمية؛ فقد لوحظ أن للإمارات ودول خليجية أخرى تأثيراً في النزاعات القائمة بين المزارعين والرعاة في السودان والصومال، إذ يسهم تسهيل تصدير الماشية بكميات كبيرة في الإضرار بالاستدامة المحلية وإشعال التوترات.

خلف بريق الاستثمار

ما بدأته أبوظبي كقصة توسع اقتصادي في أفريقيا تحوّل بسرعة إلى شبكة معقدة من المصالح المتشابكة، حيث لا يمكن فصل المال عن السياسة، ولا الموانئ عن النفوذ. وبينما تَعِدُ الإمارات بتعزيز التنمية والبنية التحتية، تظل هناك تساؤلات ملحّة: هل تُترجم هذه الاستثمارات إلى شراكات عادلة تدعم استقرار القارة؟ أم تتحول إلى أدوات نفوذ ترسّخ التبعية وتعمّق أزمات الاستغلال؟