أحدث الأخبار
  • 12:51 . وزارة التربية تفتح باب مراجعة الدرجات لطلبة الفصل الدراسي الثاني... المزيد
  • 12:39 . تونس تصدر أحكاما بالسجن تصل إلى 66 عاما على زعماء من المعارضة... المزيد
  • 12:28 . إيران والولايات المتحدة تعقدان جولة محادثات نووية ثانية في روما... المزيد
  • 12:18 . انطلاق الجبهة البرلمانية الدولية لدعم فلسطين في إسطنبول بمشاركة خليجية وعربية وإسلامية... المزيد
  • 11:33 . هل يتجاوز لقاء رئيس الدولة بنظيره التشادي العلاقات الثنائية إلى محاولة لاحتواء تداعيات حرب السودان؟... المزيد
  • 11:24 . الجيش الأمريكي يسحب جنوده من ثلاث نقاط عسكرية شمال شرق سوريا... المزيد
  • 12:13 . من حميدتي إلى الأسد.. هكذا خسرت أبوظبي رهاناتها الإقليمية الواحدة تلو الأخرى... المزيد
  • 09:50 . الرئيس الإيراني: نسعى لحل خلافاتنا الإقليمية والعالمية ولا نريد الحرب... المزيد
  • 09:41 . الحوثيون يعلنون استهداف مطار إسرائيلي وحاملات طائرات أمريكية... المزيد
  • 09:40 . "القسام" تعلن إصابة قوة إسرائيلية واستهداف خمس جرافات جنوب غزة... المزيد
  • 08:41 . الحوثيون يتوعدون الإمارات والسعودية إذا دعمتا أي هجوم جديد... المزيد
  • 06:46 . التربية تتخذ إجراءات عقابية ضد الطلاب المتأخرين عن دفع الرسوم... المزيد
  • 06:02 . أبوظبي تُوسع رقعة التضييق على الأنشطة الدينية تحت ذريعة "مكافحة التطرف"... المزيد
  • 05:54 . تحقيق: أبوظبي متورطة في تهريب أكثر من 100 ألف قنبلة بلغارية إلى السودان... المزيد
  • 10:35 . بعد أيام من زيارة الشرع أبوظبي.. الخطوط السورية تستأنف رحلاتها إلى الإمارات بدءا من الأحد... المزيد
  • 10:30 . "وول ستريت جورنال": ترامب يشترط طرد الفصائل الفلسطينية من سوريا لتحسين العلاقات... المزيد

من حميدتي إلى الأسد.. هكذا خسرت أبوظبي رهاناتها الإقليمية الواحدة تلو الأخرى

أرشيفية
خاص – الإمارات 71
تاريخ الخبر: 19-04-2025

في تحليل مطول، كشف الناشط الإعلامي حمد الشامسي، نائب رئيس الرابطة الإماراتية لمقاومة التطبيع، عن صورة قاتمة للسياسة الخارجية لأبوظبي منذ 2011، التي تحولت من نهج حذر إلى مغامرات إقليمية كلفتها سمعةً ومواردَ وعلاقاتٍ استراتيجية.

وتحدث الأستاذ الشامسي عن أبرز الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبتها السياسة الخارجية الإماراتية منذ ذلك الحين، والتي تحولت من سياسة حذرة إلى تدخلات عسكرية ومالية واسعة، تسببت في انتكاسات إقليمية وارتدادات سلبية على سمعة الدولة.

الشامسي أشار إلى أن أبوظبي تبنت سياسة خارجية أكثر جرأة بعد موجة "الربيع العربي"، حيث شاركت في "ثورة مضادة" لدعم الأنظمة العسكرية وإسقاط الديمقراطيات الناشئة. لكن هذه السياسة أدت إلى استنزاف الموارد وخلقت أزمات إقليمية دون تحقيق النتائج المرجوة.

وفي سلسلة تغريدات، تناول الناشط االشامسي أبرز المحطات التي وصفها بـ"الأخطاء الاستراتيجية" في السياسة الخارجية لأبوظبي، مسلطًا الضوء على تداعياتها الإقليمية والداخلية.

فضائح التجسس في عُمان

في عام 2011، كشفت سلطنة عُمان عن تفكيك شبكة تجسس تابعة لجهاز أمن الدولة الإماراتي استهدفت نظام الحكم والجيش العُماني. تكرر المشهد في 2019 مع ضبط خلية تجسس إماراتية جديدة ضمت 5 ضباط إماراتيين ومتهمين عُمانيين.

ورغم محاولة وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي التقليل علنًا من الحادثة بقوله إنها أمور تحصل “بين الجيران”، فإن هذه الفضائح هزّت الثقة بين البلدين.

وبحسب الشامسي، فإن هذا السلوك دفع أبوظبي ثمنًا دبلوماسيًا عبر فتور علاقاتها مع مسقط، التي باتت تتعامل بحذر شديد مع طموحات الإمارات الإقليمية.

حصار قطر.. نتائج عكسية

في يونيو 2017، انضمت الإمارات إلى السعودية والبحرين ومصر في فرض حصار شامل على قطر، سعيًا للضغط على الدوحة لتغيير سياساتها المتعلّقة بدعم حركات الإسلام السياسي وعلاقاتها مع إيران. لكن هذه المغامرة عادت بنتائج عكسية وأثمان اقتصادية وسياسية.

فقد نجحت قطر في امتصاص الصدمة عبر إيجاد مسارات إمداد بديلة وتعزيز إنتاجها المحلي، رغم تكبّدها خسائر قُدّرت بحوالي 43 مليار دولار خلال سنوات الحصار.

بالمقابل، تكبّد المحاصرون خسائر أيضًا؛ إذ انهارت تقريبًا حركة التجارة البينية التي كانت تربط الإمارات بقطر (والتي بلغت نحو 7 مليارات دولار سنويًا قبل الأزمة)، وفقدت شركات إماراتية فرصًا في السوق القطرية.

على الصعيد الاستراتيجي، أدى الحصار إلى نتائج عكسية تمثّلت في تقارب أوثق بين قطر وكلٍ من تركيا وإيران – الخصمين الإقليميين لأبوظبي – وتعزيز استقلالية القرار القطري.

 وفي النهاية، اضطرت دول الحصار لإنهاء الأزمة بتوقيع اتفاق العلا مطلع 2021 دون أن تحقق الإمارات وحلفاؤها أياً من شروطهم المُعلنة، ما جعل حصار قطر مغامرة مكلفة لم تثمر سوى انقسام الخليجيين وإضعاف اللحمة الإقليمية.

الدعم السريع في السودان

شكّل النزاع الدموي الأخير في السودان اختبارًا جديدًا كشَف تداعيات السياسات الإماراتية. فمنذ سقوط عمر البشير في 2019، انخرطت أبوظبي بعمق في المشهد السوداني، عبر علاقة وثيقة بنائب رئيس مجلس السيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع.

 دعمت الإمارات – لأسباب جيواستراتيجية واقتصادية – قوات حميدتي بالاستثمارات وشراء الذهب السوداني، وحتى بتزويده بالعتاد بشكل غير مباشر. بيد أن اندلاع الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني في أبريل 2023 وضع أبوظبي في موقف حرج.

الصراع تحوّل إلى كارثة إنسانية، إذ تشير تقديرات مستقلة إلى مقتل ما يصل إلى 150 ألف شخص خلال الشهور الأولى من الحرب – رقم يفوق بكثير الأرقام الرسمية المعلنة .

ووجّهت أصابع الاتهام إلى داعمي حميدتي الخارجيين، وفي مقدمتهم الإمارات: وصلت الاتهامات حدّ قيام حكومة الخرطوم برفع قضية ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية بتهمة انتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية عبر دعم مليشيات متورطة في فظائع بدارفور.

ورغم نفي أبوظبي أي دعم عسكري لأي طرف، اعتبر خبراء أمميون ونواب أمريكيون تلك الاتهامات ذات مصداقية . النتيجة أن صورة الإمارات تضررت في السودان وخارجه. هكذا وجدت أبوظبي نفسها متورطة في صراع فوضوي جديد، يدفع كلفته الباهظة الشعب السوداني وسمعة الإمارات الإقليمية

حفتر في ليبيا

في ليبيا، راهنت الإمارات بقوة على الجنرال خليفة حفتر كحصان رابح لإحكام السيطرة لصالح معسكر مناوئ للإسلاميين بعد ثورة 2011. فمنذ اندلاع الصراع الأهلي، قدّمت أبوظبي دعمًا عسكريًا ولوجستيًا هائلًا لقوات حفتر في الشرق، بما في ذلك تزويده بطائرات مسيّرة ومنظومات هجومية متطورة رغم حظر الأسلحة الأممي ، وجلبت آلاف المرتزقة من تشاد والسودان للقتال إلى جانبه .

ساهم هذا الدعم في تأجيج الحرب الأهلية الليبية وتعميقها، وسمح لحفتر بشن هجوم واسع على طرابلس عام 2019. لكن الحملة انتهت بالفشل الذريع؛ إذ تمكنت حكومة الوفاق في طرابلس – بدعم تركي مباشر – من صد قوات حفتر بحلول منتصف 2020، مما أجبره على التراجع شرقًا  .

شكّل تراجع حفتر خيبة أمل كبيرة لحلفائه الخارجيين – وعلى رأسهم الإمارات – التي أنفقت الكثير لتعزيز نفوذه، وبدل تحقيق نصر سريع، وجدت أبوظبي أنها أسهمت في إطالة أمد النزاع الليبي وتأزيم الوضع الإنساني هناك، حيث سقط آلاف المدنيين ضحية القتال وغارات الطائرات الإماراتية المُسيرة .

كما أدى انخراطها الأحادي إلى توتير علاقتها بأطراف دولية (كالولايات المتحدة التي عارضت هجوم طرابلس) وبقوى إقليمية داعمة للحكومة المعترف بها.

في المحصلة، كشف الملف الليبي حدود القوة الإماراتية عندما تتجاوز قدرتها على فرض تسويات سياسية، وأثبت أن خيار الحسم العسكري المفضّل لأبوظبي قد يرتد عليها بتبديد نفوذها وكسب عداء أطراف ليبية واسعة

شرعنة للمخلوع بشار الأسد

منذ اللحظة الأولى للثورة السورية، كان موقف الإمارات أكثر غموضًا من سواه. ورغم التصريحات المعلنة التي اتخذت طابعًا “محايدًا”، لم تُخفِ أبوظبي قلقها من سقوط نظام الأسد الذي طالما اعتبرته – مع كل وحشيته – جدار صدّ ضد أي شكل من أشكال التغيير الشعبي أو صعود الإسلاميين، فاختارتأبوظبي، مبكرًا، الاصطفاف خلف الستار مع الجزار، بسحب الشامسي.

لسنوات، مارست أبوظبي دور الداعم الصامت لنظام بشار الأسد: معلومات استخباراتية، تنسيق عبر أجهزة أمنية، وحتى تسهيلات مالية وتجارية عبر واجهات.

لم تُعرف الإمارات يومًا بموقف داعم للثورة السورية، بل كانت تخشى “عدوى التغيير”، وترى في بقاء الأسد ضمانة لاستقرار “جيوسياسي” حتى لو جاء ذلك على حساب مئات آلاف القتلى وملايين المهجّرين.

لكن الأسوأ لم يكن هذا التواطؤ الصامت، بحسب سرد الشامسي، هو الانتقال الوقح إلى العلن. ففي 2018، قررت أبوظبي إعادة فتح سفارتها في دمشق، لتكون أول دولة عربية تكسر عزلته، وسط دماء لم تجف، وجرائم لم تتوقف. ثم استُكمل المشهد باستقبال بشار الأسد مرتين في أبوظبي بزيارات رسمية مهيبة، في وقت ما زالت فيه آلاف النساء والأطفال يقبعون في معتقلاته تحت التعذيب.

أبوظبي لم تُخفِ نواياها؛ قالت إن الهدف هو “احتواء النفوذ الإيراني”، وكأن إعادة تأهيل النظام الذي سلّم سوريا لإيران وروسيا على طبق دموي يمكن أن تنقذ سوريا أو تعيدها إلى الصف العربي. الحقيقة أن الإمارات دعمت بقاء الأسد كرمز لتحالف الأنظمة القمعية، وقدّمت له غطاءً عربيًا ودبلوماسيًا قبل أن يتوقف القتل أو يُحاسب المجرمون.

حرب اليمن.. سمعةً دولية سيئة

وفي الملف اليمني، يقول الناشط والإعلامي الشامسي، إن الإمارات دخلت الصراع هناك في 2015 ضمن التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، رافعة شعار إعادة الحكومة الشرعية ومنع تحول اليمن إلى قاعدة نفوذ إيرانية على حدود الخليج. في البداية حققت القوات الإماراتية نجاحات عسكرية مهمة في جنوب اليمن وساحله الغربي، لكنها سرعان ما تورطت في مستنقع الحرب المعقدة.

تكبدت الإمارات خسائر بشرية فادحة – منها مقتل 45 جنديًا إماراتيًا في يوم واحد بهجوم صاروخي للحوثيين في سبتمبر 2015  – وجُرّت إلى مواجهة طويلة استنزافية. ورغم تفوقها العسكري، وجدت أبوظبي نفسها أمام عدو شرس وحرب عصابات لم تحسمها الغارات الجوية.

وبمرور الوقت، بدأت أهداف الإمارات في اليمن بالابتعاد عن أهداف حليفتها السعودية؛ حيث دعمت أبوظبي ميليشيات المجلس الانتقالي الجنوبي الساعية للانفصال، في حين تمسكت الرياض بدعم حكومة اليمينة. هذا التباين ولّد صدامًا بين الحليفين ظهر للعلن في عدة محطات (مثل اشتباكات عدن 2019).

ومع استمرار الحرب التي وصفتها الأمم المتحدة بأسوأ أزمة إنسانية عالمية  – حيث تسببت في مقتل مئات الآلاف بين قتيل وجريح وجائع – أعادت الإمارات حساباتها. ففي 2019 أعلنت سحب معظم قواتها البرية من اليمن، في خطوة وُصفت بأنها “إعادة تموضع” لتقليل الخسائر مع الإبقاء على نفوذها عبر وكلاء محليين.

صحيحٌ أن أبوظبي نجحت في تأمين مصالحها جزئيًا (كسيطرتها غير المباشرة على موانئ وجزر يمنية استراتيجية)، إلا أن الحرب اليمنية كلفتها سمعةً دولية سيئة بسبب دورها في كارثة إنسانية ، وأوقعتها في نزاع مفتوح أنهك مواردها العسكرية والمالية دون نصر حاسم. وهكذا أصبحت اليمن مثالًا صارخًا لـ“المغامرة مرتدة التكلفة” التي دفعت الإمارات إلى التراجع وإدراك حدود قوتها أمام تعقيدات المنطقة

ترسيخ حكم السيسي في مصر

بعد الإنقلاب على الرئيس الراحل محمد مرسي صيف 2013، برزت الإمارات كداعم رئيسي للنظام الجديد بقيادة عبد الفتاح السيسي، في إطار حربها المعلنة على الإخوان المسلمين. لم تدخر أبوظبي مالًا أو جهدًا في ترسيخ حكم السيسي؛ فقد قدّمت مساعدات بمليارات الدولارات إلى جانب السعودية والكويت.

وتشير التقديرات إلى أن إجمالي ما تلقته مصر من دول الخليج يفوق 100 مليار دولار منذ 2013  – بينها ودائع إماراتية قيمتها 6 مليارات في البنك المركزي وقرض نفطي إماراتي بـ8.6 مليار دولار لتأمين الوقود .

هذه الأموال الضخمة ساعدت في استقرار حكم السيسي اقتصاديًا خلال سنواته الأولى وكسب ولاء القاهرة السياسي لأبوظبي، مجسدة انتصارًا لمعسكر الثورة المضادة في أكبر بلد عربي. لكن السنوات اللاحقة كشفت عن جانب آخر من الصورة؛ فمصر اليوم ترزح تحت أزمات مالية خانقة رغم كل الدعم، واحتياجها المستمر لحزم إنقاذ جديدة يضع عبئًا متواصلًا على كاهل الإمارات.

بعبارة أخرى، تحوّل دعم الإمارات غير المشروط للسيسي إلى التزام طويل الأمد مكلف ماليًا. أضف إلى ذلك الضرر المعنوي؛ فقطع الطريق على التحول الديمقراطي في مصر رافقه قمع دموي (مثل فض رابعة 2013) وانتهاكات حقوقية واسعة، الأمر الذي ألقى بظلاله على صورة الإمارات وهكذا دفعت أبوظبي فاتورة باهظة لدعم حليفها المصري – اقتصاديًا عبر استمرار نزيف المساعدات، وأخلاقيًا عبر الارتباط بسلطة مستبدة تواجه سخط شعبها المتزايد

المصالحات الشكلية لا تعني تصحيح المسار

يختتم الناشط الشامسي، تغريداته إلى أنه بعد عقد من التدخلات والرهانات الخاطئة، تجد أبوظبي نفسها أمام لحظة مفصلية إذ أن  "المصالحات الشكلية لا تعني تصحيح المسار، بل مجرد تأجيل للاحتقان". 

يؤكد الأستاذ حمد الشامسي في هذا الشأن، أن المطلوب اليوم هو تحوّل جذري في عقلية السياسة الخارجية، يبدأ باحترام إرادة الشعوب، والتوقف عن رعاية الحروب والانقلابات، والتخلي عن دور "الممول المتحكم".

ويشدد على أن استعادة المصداقية تبدأ بتفكيك التحالفات مع أنظمة القمع، والعودة للتعريف بدور الدولة التنموية المحايدة، بعيدًا عن المال السياسي واللوبيات.

المسؤولية - كما يرى الشامسي - تقع على مركز القرار في أبوظبي، الذي اختطف السياسة الخارجية، وحوّلها إلى أداة صدام أيديولوجي، مدعومة بأجهزة أمن وإعلام موجّه ومستشارين أمنيين. وإن لم تُجرَ مراجعة عميقة ومحاسبة حقيقية، فإن القادم قد يكون أثقل ثمنًا من كل ما دفع خلال العقد الماضي.