تتعافى الإمارات بقوة من الأزمة المالية التي نشبت في 2008-2009 وعصفت بالسوق العقارية، فيما أعلنت الحكومات والشركات شبه الحكومية عن مجموعة من مشروعات الإسكان والبنية التحتية الضخمة في الأشهر الـ18 الماضية.
لكن مع توقف بعض شركات التطوير العقاري في دبي وأبو ظبي عن سداد ما عليها من مستحقات تلجأ شركات البناء الآن إلى الاقتراض والسحب من الاحتياطيات النقدية لجمع الأموال اللازمة لتنفيذ المشاريع.
في غضون ذلك يجتذب ازدهار قطاع البناء مقاولين جددا وآخرين من الباطن لتقديم عروض من أجل الفوز بالمشروعات أملا بجني أرباح سريعة، لكن ذلك يقلص هوامش الربح، إذ تظهر هذه المصاعب المخاطر التي تواجها سوق البناء في منطقة الخليج.
وبحسب "رويترز" فإن شركات البناء الأجنبية تتدفق على المنطقة لأخذ نصيبها من ثروتها النفطية، لكنها تواجه في بعض الأحيان أوضاعا غير مستقرة في السوق وعدم انتظام في سداد مستحقاتها، حيث تظهر التحديات التي تواجهها شركات البناء في شركات مثل "أرابتك" أكبر شركة مقاولات في دبي التي شيدت أطول برج في العالم.
إذ ارتفعت قيمة المشروعات التي تضطلع بها الشركة ولم تكتمل بعد إلى المثلين تقريبا، لتصل إلى نحو 26 مليار درهم (7,1 مليارات دولار) في نحو عامين. لكن الأموال المستحقة لها عند عملائها قفزت إلى 9.1 مليارات درهم في النصف الأول من 2014 ارتفاعا من 6,6 مليارات درهم قبل عام.
وتظهر البيانات أن الرصيد النقدي للشركة قد انكمش إلى 1,1 مليار درهم في يونيو/حزيران من 2,7 مليار درهم في الربع الثالث من 2013، وأوضح محللون إن ذلك يرجع بالأساس إلى ارتفاع متطلبات رأس المال العامل.
ففي دبي شهد العامان الأخيران طفرة دفعت أسعار العقارات السكنية في الإمارة إلى قرب مستوياتها إبان الفقاعة العقارية التي شهدتها قبل انهيار سوق الإمارة في 2008.
وكشف تقرير أصدرته شركة نايت فرانك العقارية إلى أن إيجارات المساكن الفاخرة في دبي حاليا لا تقل سوى 10% عن ذروتها في 2008.
وفي ظل ارتفاع الإيجارات وأسعار المنازل بنسبة 30% في دبي تشير التقديرات إلى أنها سجلت أعلى وتيرة نمو في العالم في النصف الأول من العام بعد ارتفاعها 25% في 2013. وربما بلغت السوق أخيرا ذروتها حيث تباطأت الزيادات في الأشهر القليلة الماضية.
ورغم ازدهار السوق ما زالت شركات التطوير العقاري تتذكر الأزمة التي نشبت قبل ست سنوات، وهو ما يدفعها لتوخي الحرص والحذر بشأن دفع مستحقات مقاولي البناء.
ويفيد مسؤولون تنفيذيون بالقطاع أن بعض شركات التطوير العقاري تتمهل في دفع المستحقات وتسددها على مراحل بدلا من دفع مبالغ كبيرة مقدما لشركات البناء.
ومن المحتمل أن يصبح تراجع أسعار النفط العالمية مبعث قلق آخر إذا طال أمده. ورغم تهاوي الأسعار إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات في الأشهر الأخيرة ما زال من المعتقد أن أبو ظبي تتمتع بفائض في الميزانية ولا توجد علامات تشير إلى إلغاء مشروعات مدعومة من الدولة؛ لكن مسؤولين تنفيذيين بالقطاع يعتقدون أنه إذا ظل خام برنت قريبا من مستوى 80 دولارا للبرميل لمدة عام أو عامين فإن الإنفاق على المشروعات قد يتباطأ.