جدد مركز مناصرة معتقلي الرأي في الإمارات، مطالباته للسلطات الإماراتية، بالإفراج الفوري عن كافة المدافعين عن حقوق الإنسان في الدولة وعلى رأسهم، ناصر بن غيث، الذي كرس علمه وحياته وفكره في سبيل الوطن.
وجاءت مطالبة المركز الحقوقي، بالتزامن مع احتفالات الدولة في الثاني من ديسمبر بالذكرى الـ51 لقيام الاتحاد المكون من سبع إمارات والذي تتأسس عام 1971، وهو اليوم الذي يطلق عليه "اليوم الوطني".
لكن المفارقة، بحسب رأي المركز في مقال له، أن هذه المناسبة تمر في وقت مازال العشرات من أبناء الوطن يرزحون تحت وطأة الاعتقال التعسفي بسبب تعبيرهم عن رأيهم.
وقال المركز، إن، الأكاديمي الدكتور ناصر بن غيث، يعد أول إماراتي يعمل محاضراً في جامعة السوربون – فرع أبوظبي- ، كما يعتبر من أشهر الخبراء الاقتصاديين على مستوى الوطن العربي.
وأشار المركز، إلى أن "المكانة الفكرية والعلمية، ليست هي فقط ما يميز الدكتور ناصر، إذ كان رجلاً وطنياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ويحمل رؤية وطنية متفردة، أراد فيها أن ينقل الإمارات إلى مصافي الدول المتقدمة ديمقراطياً واقتصادياً وفكرياً".
ولفت إلى أن "بن غيث كان من أوائل الذين تحدثوا عن ضرورة تنويع المصادر غير النفطية، في وقت لم يكن هذا الطرح موجوداً في دول الخليج الغنية بالنفط، وكان كذلك أول من قرع الجرس بخصوص الأمن الغذائي وقضية الحبوب قبل أن تندلع أزمة روسيا وأوكرانيا بأكثر من 10 سنوات".
وفي قاموس ناصر بن غيث، الوطن ليس الحيز الذي نسكنه بل الهم الذي يسكننا، وهو أكبر من مجرد فندق أو مطار، بل هو هوية وثقافة وإرث، ولا يجوز تدمير هذه الثقافة والإرث من أجل دراهم معدودة.
كان بن غيث يريد للإمارات أن تتطور مع حفاظها على هويتها العربية والإسلامية، وكان يخشى أن يكون هذا التطور على حساب الهوية الوطنية، ويبدو أنه كان صاحب نظرة ثاقبة، فما كان يحذر منه بالأمس قد بدأ يتحول واقعاً ملموساً.
أدرك بن غيث مبكراً أن الهوية الإماراتية وإرثها الثقافي هم من سيدفع ثمن خطط الحكومة الإماراتية، وكان يسأل من سيسكن هذه المشاريع الكبيرة إن لم يتم استقطاب الأجانب ومنحهم إقامات دائمة، وماذا سيكون مصير الهوية الإماراتية في حينها؟!
ورغم أن بن غيث كان معارضاً لسياسات الحكومة الإماراتية، لكنه لم يؤمن بالتوافق، وكان يؤكد بأن الوطن لا يحتاج إلى التنازع والاختلاف، بل إلى التسامح والإئتلاف، ويردد دوماً بأننا نختلف بالآراء لكننا نتفق على الوطن.
وقد حذر بن غيث مراراً من الحروب الأهلية والصراعات العرقية بين أبناء الوطن الواحد، مؤكداً أنه لا منتصر في هذه الصراعات سوى أعداء الحرية والوطن، لكنه في الوقت نفسه انتقد أولئك الذي يعتاشون على الوطن، ويستغلون الوطنية لضرب أركان الوطن.
وحسب مقال مركز مناصرة معتقلي الإمارات، فقد كانت رؤية بن غيث للوطن جميلة، حالمة ورومانسية، لكن هذا الحلم اصطدم بحملات من التخوين، تبعها اعتقال واضطهاد مازال مستمراً حتى هذه اللحظة، ويبدو أن نبوءة الخبير الاقتصادي صدقت مرة أخرى حينما قال: "في بلاد العرب ..الوطن هو مجرد كذبة فيها طرفان، كاذب ومكذوب عليه".
واختتم المركز مقاله بالقول: "يبدو أن الوطن الذي كان يعتقد بن غيث أنه ليس فندقاً، تحول بالفعل إلى فندق للأجانب وأصحاب الإقامات الدائمة والذهبية، وإلى سجن للمفكرين والمبدعين من أمثاله".