أحدث الأخبار
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد
  • 12:11 . الكويت والأردن يبحثان تعزيز التعاون الثنائي وتطوير الشراكة... المزيد
  • 12:09 . عُمان تجدد التزامها بدعم الأمن البحري وتعزيز التعاون الدولي... المزيد
  • 12:08 . المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال غزة "تصعيد خطير وغير مقبول"... المزيد
  • 12:04 . "الإمارات للدواء" تعتمد علاجاً مبتكراً لمرضى "الورم النقوي المتعدد"... المزيد
  • 12:03 . الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران... المزيد
  • 11:03 . الحوثيون يهاجمون أهدافا إسرائيلية بحيفا والنقب وإيلات وبئر السبع... المزيد
  • 12:29 . قرقاش ينسب لأبوظبي الفضل في اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا... المزيد
  • 12:23 . 673 شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي بنمو 61% خلال عام... المزيد

الكتابة في عالم مضطرب

الكـاتب : أحمد عبد الملك
تاريخ الخبر: 14-08-2014

مع تطور وسائل الإعلام وتنوعها، ومع تبدل المواقف السياسية وتقلباتها، ومع استشراس أصابع التخوين والاتهام بالعمالة وعدم الوطنية، ومع ما توفره وسائل التواصل الاجتماعي من فرص للتعبير – وإن كان بعضها منحرفاً – وأيضاً مع ازدياد الحساسيات السياسية، يحتار الكاتب العربي ماذا يكتب؟ ومتى يكتب؟. ذلك أن «الاتهامات الجاهزة» حاضرة في أي وقت. ولا توجد منطقة وسطى في عالم السياسية العربي، فإما أن تكون في «الجنة» وإما أن تكون في «النار»، أي إما أن تكون معي أو ضدي! ودعك من تبريرات استقلالية الكتابة، أو تنوعات الحياد التي اشغلونا بها ردحاً من الزمن في المقررات الإعلامية. ودوما ما تُرجّح كفةُ (أنا وابن عمي على الغريب) كسلوك اجتماعي وسياسي. فإذا أنت صَمَتَّ عن موضوع أو تجاه موقف معين، فأنت اتخذت موقفاً! وإذا تحدثت بما تراه صالحاً وإيجابياً رآهُ الآخرون انحيازاً ضد (الوطنية، والسياق العام، والمصالح العليا، والأمن الوطني)! وتُكالُ لك التهم من دون مبرر.

ولا يدرك كثيرون أنه يوجد في كل بلدان العالم كتّابُ رأي وطنيون ومخلصون لأوطانهم، ولكنهم لا يعولون كثيراً على المدح المُبالغ فيه، ولا يُغالون في تأطير «الإنجازات»، وقد لا يكونون «أبواقاً» للسلطة، قدْر ما يسعون إلى تأكيد المصلحة العامة، ونقد «المِعوجّ » في الأداء العام للمؤسسات، وبما يخدم ويفيد تلك المؤسسات. وللأسف ظهر «عُرفٌ» غريب في البلاد العربية، بأنك لو انتقدت برامج الإذاعة أو التلفزيون، فأنت تعمل ضد وطنك!؟ ولو قلت إن الازدحام الشديد بسبب ضيق المسارات على الطرق السريعة، فأنت «ناكر للجميل»، وتسعى إلى خلق بلبلة في البلاد!

وإذا كنت قد تعلمت واتقنتَ في تخصصك – الذي صرفت عليه الدولة الملايين – وأدليتَ برأي علمي حول الأداء المتعلق بتخصصك، فأنت تقوم ب «تقزيم» الانجازات، ولا يُعجبك العجب، وتؤلب الرأي العام ضد المؤسسات الوطنية!

وتغيب في هذا الاتجاه «الأعمى» أهمية تقييم أداء المؤسسات وتقويمها من قبل المتخصصين، فتكثر بذلك الأخطاء وتتراكم، ويصبح الخطأ صواباً، وتضيع كل القيم والمبادئ التي تعلمتها في تخصصك، لأن الأغلبية مُصرةٌ على ممارسة الخطأ، بل وتقوم بعض المؤسسات الصحفية بتأييد ذلك الخطأ، باعتمادها النشر التنموي، حتى يصبح صواباً في نظر الأكثرية.

الأوضاع السياسية في العالم العربي هي الأخرى تُشكل هاجساً مؤرقاً للكاتب المُحايد، أو الذي ينظر إلى الأمور من خلال منظار خاص، قد لايتوافق مع مناظير الآخرين، ولاينجح هذا الكاتب في مناقشة أية قضية سياسية إلا إذا «تماهى» مع السياق العام، أو سايرَ الاتجاهات العامة للجريدة أو المؤسسة الإعلامية. لذلك شهدنا «تقلبات» في مواقف العديد من الإعلاميين الذين كنا نعتقد أنهم (محايدون) أو أتوا من بيئة حاضنة للحوار وحرية التعبير.

فقضية فلسطين كانت على مدى سبعين عاماً قضية العرب الأولى، ولا خلاف بين كل الدول العربية على تصدّرها اهتمامات القادة والسياسيين، وتأكيدهم على حقوق الشعب الفلسطيني استناداً إلى القرارات الدولية، والحالة الديموغرافية على الأرض، والتاريخ. ولكن مع حالة الاضطراب الواضح في العالم العربي، نجد أن الوقوف مع شعب (غزة) المُعتدى عليه، يُشكل موقفاً سلبياً لدى بعض الإعلاميين، تماماً كما هو صمت الكتاب عما يجري هذه الأيام من تقتيل وتدمير وهدم البيوت بوساطة آلة الحرب الإسرائيلية وعلى مرآى من الإعلام العالمي، ليقول لك أحدهم – وفي قناة عربية -: إن "حماس" سبب المشكلة، وأن ما تقوم به إسرائيل إنما هو ردة فعل لنشاطات "حماس". ولقد انبرى إعلاميون عرب – للأسف – للوقوف في خندق مغاير لتاريخ نضال الشعب الفلسطيني، لدرجة أن يجاهر أحدهم بالقول: «يجب أن تُحرق غزة بمن فيها، مش عايزينكم تيجوا هنا».. وغيرها من الكلمات غير المناسبة في هذه المرحلة من تدهور العلاقات العربية- العربية، وضياع البوصلة، وازدياد حالات «التشظي» بين الأنظمة العربية.

ولقد «تشوّش» الرأي العام العربي بحالات التشظي تلك، وهبّت فضائيات تجاهر بالعداء لنضال الشعب الفلسطيني وحقه في الدفاع عن نفسه تحت الحصار، وظهر ذلك بالصوت والصورة، إيحاءً مرة، وسخريةً مرة أخرى. وضُربت كل القيم العربية والاسلامية في عرض الحائط. وظهر مذيعون ومذيعات يمارسون الصراخ الإعلامي، القريب من «الردح» للتأثير على الرأي العام، دونما إتاحة الفرصة لصوت العقل لأن يوازي الصوت الآخر، بل وتحولت برامج (الهدوء) إلى فوضى وصراخ، لدرجة أنك أصبحت «تشمئز» من بعض الألفاظ والحركات التي يستخدمها بعض المذيعين والمذيعات، بحق بلدان عربية وشخصيات عربية لها وزنها.

نقول الكتابة في هذا العالم المضطرب لعبة خطرة، ومغامرة غير مأمونة العواقب، كما أنك – ككاتب محايد – لا تستطيع أن تحرق كل مراكبك، فقد تحتاجها يوماً. ودخولك معاركَ مؤقتة مع هذا الطرف أو ذاك يفقدك المصداقية والتوازن، إن هبّت (رياح المودة) بين المتخاصمين، وعادت المياه إلى مجاريها، فأنت تفقد نفسك في المقام الأول، قبل أن تفقد ثقة القراء.

لذلك نرجو ألا يُلام الكاتب إن كان حذراً، أو متوجساً، لأن الأوضاع السياسية، والتطورات المتلاحقة في العالم العربي لا يمكن أن تخلق موقفاً واضحاً يتم التعبير عنه بشكل صادق وأمين. وفي ظل هذا الواقع يتم سماع أصداء (الطبول) الكبيرة، والتي تراهن على الموقف، ولا بأس لديها إن غيّرت مواقفها بين ليلة وضحاها، كما تم مع بعض الإعلاميين العرب، الذي يحتكمون إلى (الدولار) أو (الريال)، ويودعون ضمائرهم ثلاجة الموتى.