لم يكد يستوعب الإماراتيون الأزمة مع تركيا في قضية (عبدالله بن زايد- فخر الدين باشا)، حتى أدى قرار إماراتي بمنع دخول التونسيات الدولة بدون مبرر غضبا واسع النطاق في تونس واستغرابا في أوساط الإماراتيين والعرب عموما، الذين رأوا أن أنقرة وتونس قد استدعتا سفراء الإمارات لديها للاحتجاج على هذا الاشتباك الذي لم يعرفه الإماراتيون من قبل، رغم استمرار التصريحات والتأكيدات من مستويات الحكم العليا في الدولة التي تؤكد على صون صورة الإمارات وسمعتها.

فقد سادت الجمعة (22|12) حالة من الفوضى والسخط في مطار تونس قرطاج الدولي مع إعلام المسافرين التونسيين بشكل مفاجئ بقرار منع التونسيات من السفر إلى الإمارات من قبل الناقلات الإماراتية باستثناء المسافرات اللاتي يحملن إقامات أو جواز سفر دبلوماسي.

وجرى منع العديد من المسافرات التونسيات من ركوب طائرات تابعة للخطوط الإماراتية بما في ذلك المسنات والرضع والمرتبطات بأزواج يعملون في دولة الإمارات. ولم تتضح على الفور أسباب هذا القرار المفاجئ ودون سابق إنذار.

وعلى إثر اجتمع رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد مع سفيرنا في تونس “سالم الزعابي”، الذي زعم أن منع التونسيات من السفر على متن خطوط طيران الإمارات “كان ظرفيًا ويتعلّق بترتيبات أمنية، وأنه تم رفعه وتمكين كل المسافرات من المغادرة”.

ورغم هذا التبرير الرسمي إلا أنه لم يمنع التونسين من الشعور بالاستياء والاستهداف، وصدرت ردود فعل قاسية ضد الدولة وضد جهاز الأمن الذي يقف خلف هذه القرارات، بحسب ناشطين.

ومع استمرار ردود الفعل، كتب وزير الشؤون الخارجية أنور قرقاش على حسابه في "تويتر"، "تواصلنا مع الإخوة في تونس حول معلومة أمنية فرضت إجراءات محددة وظرفية"، مشيرا أن الإمارات "تُقدر المرأة التونسية وتحترمها، وتثمِّن تجربتها الرائدة، وتعتبرها صمام الأمان"، على حد تعبيره، فيما قالت بعض التعليقات إن الإمارات تعتبر المرأة التونسية "صمام تفجير" وليس أمان، مستدلة على قرار الجمعة.

التبرير الذي قدَّمه قرقاش قوبل من قبل البعض بالرفض على موقع تويتر، ووُجهت للوزير استفسارات، عن ما هي الظروف الأمنية التي تمنع النساء التونسيات فقط من السفر على متن الطائرات الإماراتية، وعن سبب تأخير التوضيح، معتبرين أن ما حدث "فضيحة وإهانة" على حد تقديرهم.

وأصدرت أربع منظمات حقوقية تونسية السبت (23|12) بياناً، أدانت فيه الإجراءات الإماراتية التي رأت فيها "تمييزاً وعنصرية"، واعتبرت أنها تنتهك حقوق المرأة التونسية.

أما الانتقادات الأكثر قسوة فقد جاءت من إذاعة "تليسكوب نيوز" التونسية المحلية. 

وقالت المذيعة التونسية: التخلف والجهل والغباء وراثة جينية لا تداويها ناطحات سحاب ولا متاحف لوفر ولا جزر اصطناعية" على حد تعبيرها. زاعمة أن العقلية التي تحكم وتدير في الإمارات "قروية والحضارة جمال وخيمة والمرأة وعاء للإنجاب والمال لشراء الجنس والنساء والرجال والأطفال، والشرف مختزل في طول العباية".

وأضافت الإذاعة التونسية، عندما يكون كل ذلك متوافرا، يكون البحث عن أسباب هذا القرار يفقد معانيه، معتبرة أن قرار منع نساء تونس من صعود الطائرات "قرارات عبث وصبيانية" على حد وصفها.

واعتبرت أن هذا القرار ينسجم مع وصفته "أخلاق وأفعال" السلطات الأمنية، مستنكرة قرار ضد نصف المجتمع التونسي الذي يشكله النساء. وتابعت، أن تنمية المرأة التونسية بمثابة "شوكة في حناجر" من اتخذ هذا القرار على حد قولها.

وبالغت المذيعة وهي تخاطب أصحاب القرار من أمنيين وتنفيذيين، قائلة إن 5 ملايين تونسية يقولون لمن اتخذ هذا القرار: اذهب إلى الجحيم على حد تفوهاتها، مشددة ان القرار "عدواني ومتخلف".

ولكن الإذاعة أكدت ترحيب تونس بنساء الإمارات، مؤكدة أن المعاملة بالمثل لا تعني تونس. وختمت المذيعة:" لن نحمل نساء الإمارات هسترة وعربدة بعض حكامها"، على حد انتقاداتها القاسية.