أحدث الأخبار
  • 06:44 . الرحلة الأخيرة لزعيمة المعارضة البيلاروسية.. كيف أصبحت الإمارات ممراً للاختطاف السياسي؟... المزيد
  • 12:02 . في جريمة جديدة.. الولايات المتحدة تمنع التأشيرات الإنسانية الطبية على أبناء غزة... المزيد
  • 11:58 . الكويت.. القبض على 67 متهما بصناعة الخمور عقب وفاة 23 شخصاً... المزيد
  • 11:50 . بدء دوام المدرسين والإداريين في الإمارات اليوم.. والطلاب من الأسبوع القادم... المزيد
  • 11:44 . 16 شهيداً بنيران جيش الاحتلال في غزة اليوم... المزيد
  • 11:35 . اليمن.. قصف إسرائيلي يستهدف محطة كهرباء بصنعاء... المزيد
  • 01:28 . سفير الاحتلال لدى أبوظبي يواصل إغضاب المسؤولين الإماراتيين... المزيد
  • 08:10 . تعليقاً على لقاء ترامب وبوتين.. قرقاش: للإمارات دور محوري بين روسيا وأوكرانيا... المزيد
  • 05:55 . البديوي يبحث مع نائب وزير خارجية التشيك التعاون الثنائي ومستجدات المنطقة... المزيد
  • 11:55 . "رويترز": جنوب السودان يناقش مع الاحتلال الإسرائيلي تهجير فلسطينيين إلى أراضيه... المزيد
  • 11:50 . 178 يوماً للتمدرس في العام الدراسي الجديد... المزيد
  • 11:18 . إيران: مقتل عنصر أمني في اشتباك مع مسلحين جنوب شرقي البلاد... المزيد
  • 11:18 . قمة ترامب وبوتين في ألاسكا تنتهي دون التوصل لاتفاق لإنهاء الحرب في أوكرانيا... المزيد
  • 11:16 . باكستان.. مقتل أكثر من 200 شخصًا جراء فيضانات وسيول مفاجئة... المزيد
  • 11:15 . إصابة شخصين في إطلاق نار قرب مسجد بالسويد... المزيد
  • 08:42 . مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية... المزيد

متى يغضب الكاتب؟!

الكـاتب : عائشة سلطان
تاريخ الخبر: 20-08-2017


يقول غوستاف فلوبير: «أنا مغتاظٌ من كتاباتي، أنا مثلُ عازف كمان أُذنه ممتازة، لكن إصبعه تأبى إعادة إنتاج الصوت الذي يسمعه داخله»، وفلوبير روائي فرنسي ينتمي إلى المدرسة الواقعية في كتابة الرواية، وعادة ما يتم النظر إلى روايته المشهورة «مدام بوفاري» باعتبارها أول رواية واقعية.

مع ذلك فهو لم يفقد في كل رواياته الأخرى ذلك الخيط الرومانسي الذي ميز كتاباته، إن الواقعية الرومانسية هي ما مثلته روايات غوستاف فلوبير، روايات ذات جذر واقعي، يتتبع المؤلف فيها حياة شخوص واقعيين، معتمداً على أسلوب الملاحظة الدقيقة وتوصيف النموذج البشري بشكل دقيق وموضوعي دون أي جنوح نحو الخيال المبالغ فيه!

حين يقع الروائي أو الكاتب في تلك الحالة التي يجد فيها نفسه يكتب بشكل لا يعبّر فيه عن حقيقته أو عن نفسه فعلاً، فإنه يكون أحد اثنين: إما أنه كاتب قرر أن يكون منفصماً أو منفصلاً عن ذاته وقناعاته فيكتب ما يراد أو ما يطلب منه لأي سبب، بسبب لقمة العيش، الحاجة، الظرف السياسي، الاستلاب والتقليد.. إلخ.

وهنا فإنه يتحول من كاتب موقف وتوجه، إلى مجرد آلة لإنتاج الخطابات على حد تعبير الكاتب التركي الساخر عزيز نيسين، أي أنه ليس سوى آلة تكتب لأجل المال أو لأجل إرضاء الآخرين، بينما الكاتب الحقيقي لا يكتب ليرضي أحداً أو ليُغضب أحداً، إنه يكتب لأن هذا ما يعرفه فقط.

ولأنه وجد ليكتب لا ليرقص بين الفواصل ولا ليقفز فوق السطور ولا ليكون لاعب سيرك، لم تمنحه الطبيعة هذه اللياقة، لذلك فالكتّاب عادة كسولون ومحبون للعزلة وصموتون وغير اجتماعيين، ولا بأس طالما يقدمون لنا كتابة طازجة شهية حارة ويقبل عليها الجميع كما يتهافت الفقراء على رغيف الخبز الساخن!

فهو إن جف وذبلت مصادره ووقع في الملل واليأس، إما أن يبتعد عن الكتابة ريثما يعاود الامتلاء، أو أن يكتب ما لا ينفع ولا يضر، ما لا يحرك ساكناً ولا يسكن متحركاً، ما لا يلتفت إليه أحد أبداً، وهنا فإن هذا النوع من الكتّاب إذا استمر في ذلك يكون كمن يكتب شهادة وفاته!

ولأن غوستاف فلوبير روائي حقيقي وواقعي جداً، فإنه كأي إنسان وكأي كاتب يمكن أن يوصف بالفراغ والجدب، ويمكن أن يكتب ما ليس حقيقياً، لكنه يبقى منتبهاً لذلك، فيقع في الغيظ وفي الغضب من نفسه، فكيف يعزف تلك الموسيقى العظيمة في داخلة، بينما لا تستطيع أصابعه أن تترجم تلك المعزوفات على آلة الكمان؟ هناك إذاً خلل ما في مكان ما في نفس هذا الكاتب/العازف!

الإشكالية حين يعتاد الكاتب حالة الفصام، فيظل يكتب ليبقى تحت الأضواء، ليبقى موجوداً، فلا يفقد اهتمام الناس والصحافة، حتى إن فقد نفسه، ولأننا مجتمعات ما عادت تضع أي اعتبار للنقد أو التوجيه، فهذا النوع من الكتّاب يملأ الصحف، يكتبون وكفى، دون أن يغضبوا من كتاباتهم الفارغة، أو يتلقوا غضب الناس على تلك الكتابات!