أحدث الأخبار
  • 06:03 . بين التنظيم القانوني والاعتراض المجتمعي.. جدل في الإمارات حول القمار... المزيد
  • 01:22 . "رويترز": لقاء مرتقب بين قائد الجيش الباكستاني وترامب بشأن غزة... المزيد
  • 01:06 . فوز البروفيسور ماجد شرقي بجائزة "نوابغ العرب" عن فئة العلوم الطبيعية... المزيد
  • 12:53 . اعتماد تعديل سن القبول برياض الأطفال والصف الأول بدءًا من العام الدراسي المقبل... المزيد
  • 12:05 . ترامب يوسّع حظر السفر إلى أمريكا ليشمل ست دول إضافية بينها فلسطين وسوريا... المزيد
  • 11:59 . السعودية تدشّن تعويم أول سفن مشروع "طويق" القتالية في الولايات المتحدة... المزيد
  • 11:53 . محكمة كويتية تحيل ملف وزير الدفاع الأسبق للخبراء... المزيد
  • 12:45 . ميدل إيست آي: هل يمكن كبح "إسرائيل" والإمارات عن تأجيج الفوضى في المنطقة عام 2026؟... المزيد
  • 12:40 . أمطار غزيرة تغرق مستشفى الشفاء وآلافا من خيام النازحين في غزة... المزيد
  • 11:59 . طهران ترفض مطالب الإمارات بشأن الجزر المحتلة وتؤكد أنها تحت سيادتها... المزيد
  • 11:30 . ترامب: 59 دولة ترغب بالانضمام لقوة الاستقرار في غزة... المزيد
  • 11:29 . الإمارات تدين الهجوم على مقر للقوات الأممية بالسودان... المزيد
  • 01:04 . مرسوم أميري بإنشاء جامعة الفنون في الشارقة... المزيد
  • 12:14 . "الأبيض" يسقط أمام المغرب ويواجه السعودية على برونزية كأس العرب... المزيد
  • 09:21 . غرق مئات من خيام النازحين وسط تجدد الأمطار الغزيرة على غزة... المزيد
  • 07:15 . روسيا تهاجم سفينة مملوكة لشركة إماراتية في البحر الأسود بطائرة مسيرة... المزيد

الموصل: الموت على أيدي «المحرِّرين»!

الكـاتب : أحمد بن راشد بن سعيد
تاريخ الخبر: 29-03-2017


كنّا نعرف أنّ «تحرير» الموصل، ثاني أكبر مدن العراق، من قبضة تنظيم داعش سيكون دامياً، وكنّا نترقّب فقط مشاهد القتل الجماعي لأهل تلك المدينة بحجة تحريرهم من الإرهاب. لكن لم نكن نتوقع أنّ المجازرستثير في أذهاننا المقارنة بالمصيرالمروّع الذي آلت إليه شقيقتها مدينة حلب السوريّة. المذابح الأخيرة التي رأينا صورها في حيّ موصل الجديدة غرب المدينة ليست الأولى، ولكنها ما ظهر أمام الكاميرات فقط. أكثر من 500 من المدنيين قُتلوا وهم في بيوتهم إثر قصف أميركي في 17 مارس، وثمّة ألفا مواطن آخرون تحت الأنقاض لم تُنتشل جثثهم بعد.
وبينما تستمرالمذبحة، تستمرالدعاية المألوفة لتسويقها: مسلّحو «داعش» يختبئون في المناطق السكنيّة، ويتترّسون بالمدنيّين. 
تُدار الدعاية من أعلى قمّة الهرم في العراق، حيث صرّح رئيس النظام، فؤاد معصوم، أنّ «ما يحصل في الموصل كارثة إنسانيّة» وأنّ وقوع قتلى من المدنيّين ليس إلا «ضريبة محاربة التنظيم الإرهابي الذي يتّخذ المدنيين دروعاً بشريّة»، لكنّ ذلك غير مقصود، بحسب تعبيره، وتفرضه «طبيعة القتال». تتوارى اللغة الطبيعية، وتبدو اللغة المتوحشة الرديف: قتلناهم وسنقتلهم، ولن نعدم مبرّرات في الحالين.
 رئيس وزراء النظام، حيدر العبادي، أعلن فتح «تحقيق» في المجزرة زاعماً أنّ «صيحات استهداف المدنيّين هدفها إنقاذ الدواعش في اللحظات الأخيرة». لجنة التحقيق في المذبحة تكتيك دعائي لتدارك الضرر، والتشكيك في نزاهة منتقديها تكتيك آخر من نوع «قابل الصياح بالصياح تسلم». سلمان الجميلي، وزير تخطيط النظام، ومن عائلة سنيّة، فعل ما هو أبشع، فقد سأله مراسل قناة «رووداو» العراقية عن جثث أهل السنّة في الموصل التي ما تزال تحت الركام، فأجاب: «ليس هذا وقت السؤال الآن»، وابتعد عن المراسل كأنّما يريد الهرب من عاره.
فظاعات الموصل تنذر بما هوأسوأ. في سعي إلى نصر حاسم، «وسّعت» الإدارة الأميركية الجديدة قواعد الاشتباك سامحةً بضرب مناطق مدنيّة، ما سيجعل الآلاف من الأبرياء يدفعون الثمن. ما الفرق إذن بين التوحش الروسي في حلب والتوحش الأميركي في الموصل؟ كيف اختلف الخطاب الغربي تجاه العدوان الأجنبي على مدينتين من أكبر مدن المشرق وأقدمها؟ عشيّة سقوط حلب، أعلنت صحيفة «النيويورك تايمز» أنّ سفّاحي موسكو وطهران ودمشق هم «مدمّرو حلب» منتقدةً بشدّة القصف العشوائي المكثّف للأحياء السكنيّة. سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة، سامناثا باور، ذهبت أبعد من ذلك مقارنةً سقوط حلب بالإبادة الرواندية، وبمجزرة سربرنتسا. صحيح. تعرّضت حلب لحصار وحشي على مدى سنوات تخلّله قصف مستمر بالبراميل المتفجّرة والقنابل الكيميائية للبيوت والمدارس والمساجد والمستشفيات، مصحوب بقطع تام للمساعدات الإنسانية عن شرقي المدينة، لكن ماذا عن الموصل؟
تبدو المذبحتان متشابهتين. الميليشيات الشيعية العابرة للحدود التي ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في حلب ترتكب، هي نفسها تقريباً، جرائم في محيط الموصل: «بدر»، «النجباء»، حزب الله»، هي فقط أبرز الأسماء. الإعدامات الجماعية المدفوعة بأحقاد طائفية في شرق حلب تجري على قدم وساق في أوساط الهاربين من جحيم الموصل. قصف الروس لحلب لا يختلف عن قصف الأميركيين للموصل الذي طاول أيضاً المواقع المدنيّة والبُنى التحتيّة. في مثال واحد، ضربت طائرات أميركية مركز نينوى الإعلامي ما أسفر عن مقتل 50 مدنيّاً. 
طائرات الأباتشي الأميركية قصفت بالتعاون مع قوّات نظام العبادي بنايات سكنيّة في حي الدواسة، الأمرالذي أدّى إلى مقتل 130 مدنيّاً. قوات «التحالف» استخدمت أيضاً سلاحاً كيميائياً (الفوسفور الأبيض الذي يحرق اللحم الآدمي حتى العظم). 
موقع «أيروورز» قال إن الهجمات الأميركية على الموصل زادت بنسبة 33% خلال شهر كانون الثاني (يناير)، وإنّ أعداد الضحايا المدنيين بلغت مستوى قياسياً «بما في ذلك عائلات بأكملها». في الأسبوع الأول من شهرمارس قتل «التحالف» 370 مدنياً بينهم كثير من الأطفال. سقوط الموصل لن يختلف كثيراً عن سقوط حلب، لكن من دون إدانات ولا مقارنات.
ربما ينزاح قريباً كابوس «داعش» عن صدور الموصليين، لكن من بقي منهم حيّاً لن يحتفلوا بتحرير على أنقاض بيوتهم وأشلاء أحبّائهم، وسيتذكّرون دائماً وجوه القتلة وأسماءهم.;