لا أعرف حقيقةً هل كانت مصادفة أن يكون اليوم الرسمي لافتتاح قناة دبي المائية الجميلة هو اليوم ذاته الذي تحدث فيه تلك الضجة حول العالم بسبب انتخاب الرئيس الأميركي غريب الأطوار، دونالد ترامب! أم أن الأمر كان القصد منه إيصال رسالة لنا بأن الناجح والسعيد هو من يعمل ويؤدي وينجز بغض النظر عن التحديات، أو عما يحدث في العالم من حوله، القافلة تسير والحياة تستمر، والحكيم من يجعل قراره وإنجازه بمبادرة منه وليس بانتظار ما سيحدث في عالم متغير يملأه الشك..
كان الفضاء الأثيري - إذا صح التعبير - في حالة من الصدمة بسبب نتيجة الانتخابات، هذا ما لا ينكر، رأيت الصدمة بوضوح على الكثير من الوجوه في مختلف القنوات الفضائية، ولدى المحللين السياسيين، ولدى المهرجين الذين يعتبرون أنفسهم محللين سياسيين، وكانت الشخصية الغريبة لفخامة الرئيس الجديد ورجل الأعمال، هي حديث المجالس ولاتزال، فلقد جربنا ما حدث لنا حين يحكمهم مجنون أو جاهل قبل أعوام قليلة، لكننا لم نجرب ما يمكن أن يحدث حين يحكمهم مجنون وهناك شكوك حول سمعته وسمعة عائلته وزوجته، أو كما تقول عجائزنا بكل تقوى: زوجته الله يستر عليها!
أنا وأنت وهو وملايين المواطنين العرب في هذا العالم العربي المنهك، لن نؤثر في ما يمكن أن يحدث أو ربما سيحدث، وغالباً نحن نؤمن بكل تأكيد بأن العدو العاقل خير من الصديق الجاهل، ولذلك فقد ارتبكنا حين أصبح عدواً وجاهلاً في الوقت ذاته، لأننا لا نملك «كاتالوج التصرف» مع هذا النوع، لذلك فخير طريقة تنام بها مطمئن البال هي أن تستلهم تجربة دبي في اليوم الانتخابي الأميركي.. العمل والنجاح وخلق الفرص.. والبقية ليست من شأني.
ليس لي ولك ـ سواء حدثت حماقات في النصف الآخر من العالم أم لم تحدث ـ سوى أن نستمر بعمل ما نحبه في هذه الحياة، أن نخرج جيلاً يحمل عدداً أقل من العقد التي حملناها نتيجة التحولات الاجتماعية الضخمة التي شهدناها، والتناقضات الفكرية الأكبر التي رأيناها بين النظرية والتطبيق.
ليس لنا سوى أن نعمل ونحاول اللحاق بركب الناجحين والمبدعين والمنجزين والذين أثبتت لنا تجارب محلية كثيرة أنهم هنا في بيوتنا وأحيائنا ومجتمعنا، وأنهم يقدمون نموذجاً فريداً لشعوبنا المحبطة بأن هذه الأمة لا تموت، وأن هناك دائماً من يبث فيها الروح والأمل.. بأننا نستطيع، وأن هناك دائماً أخباراً أجمل في ظل وجود الأخبار المقلقة والشكوك حول المستقبل مهما كثرت.
الفكرة ليست في أن المناظر الجميلة التي كنّا نراها في الصور القديمة على ضفتي دجلة والنيل وبردى، أصبح بالإمكان رؤية ما يشبهها هنا، لكن الفكرة أن الظروف التي كانت هناك يوماً ما بعلومها وآدابها وأشعارها أصبحت موجودة هنا اليوم، وتسير إلى تشكيل نواة قيادات وحضارة ستقود هذه الأمة يوماً للخروج من هذا النفق.. بأي طريقة.. ولو عبر قنوات الأمل!