12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد |
12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد |
12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد |
12:43 . استقالة وزير خارجية هولندا بسبب موقف حكومة بلاده من العدوان الصهيوني على غزة... المزيد |
12:11 . عبد الله بن زايد ورئيس وزراء مونتينيغرو يبحثان تعزيز العلاقات والتعاون المشترك... المزيد |
12:10 . "إيكاد" تفضح تلاعب الناشطة روضة الطنيجي بمصادر أمريكية لتشويه الجيش السوداني... المزيد |
11:29 . زيارة سرية لمساعد نتنياهو إلى أبوظبي لإصلاح العلاقات وسط مخاوف من هجمات محتملة... المزيد |
11:26 . الإمارات تسلّم مطلوبَين دوليين إلى فرنسا وبلجيكا في قضايا اتجار بالمخدرات... المزيد |
09:55 . واشنطن تستهدف شبكات وسفن مرتبطة بالنفط الإيراني بينها شركات في الإمارات... المزيد |
09:54 . حماس: إعلان المجاعة بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الحرب ورفع الحصار... المزيد |
09:53 . بريطانيا: منع "إسرائيل" إدخال المساعدات لغزة "فضيحة أخلاقية"... المزيد |
06:25 . "هيئة الطيران" تصدر لائحة جديدة لإدارة الأزمات في المطارات... المزيد |
06:24 . رصد هلال آخر شهر صفر في سماء أبوظبي... المزيد |
11:50 . واشنطن تراجع أوضاع 55 مليون أجنبي يحملون تأشيرات دخول سارية... المزيد |
11:41 . نتنياهو يأمر بمفاوضات فورية لإطلاق الأسرى ويعتمد خطة احتلال غزة... المزيد |
10:32 . التربية تعتمد مواعيد الدوام المدرسي للعام الدراسي الجديد... المزيد |
مثلما انقسمت اليهودية إلى ثلاث طوائف: الأرثوذكس والمحافظين والإصلاحيين، انقسمت المسيحية أيضاً إلى ثلاث طوائف: الأرثوذكس والكاثوليك والبروتستانت.
وإن اختلفت المسميات، فإن دلالات التقسيم في الديانتين تعني: المتشددين والتقليديين والإصلاحيين.
لكن الإسلام، المنقسم منذ القرن الهجري الأول إلى طائفتين رئيستين هما: السنّة والشيعة، ما زال متمنّعاً حتى اليوم عن الانقسام إلى طائفة ثالثة كما جرى لليهودية والمسيحية.
والذي يظن أنه من المستبعد حدوث الانقسام الثالث بعد هذه القرون الطويلة من التمنّع في وجه الفتن العظيمة والصراعات الفكرية والجدل العقائدي والفقهي في العصور الماضية، يجب أن يتنبه إلى أن المسيحية التي مرّت بالظروف ذاتها طوال ألفي عام لم تنقسم إلى الطائفة الثالثة إلا في القرن السادس عشر الميلادي، وأعجبُ من هذا أن اليهودية انقسمت إلى ثلاث طوائف في القرن الثامن عشر الميلادي!
حسناً، هل ثمّة إرهاصات تُنبئ بقرب انقسام الإسلام إلى ثلاث طوائف؟
قبل المسارعة في الإجابة ينبغي التأمل في سلامة صيغة السؤال: هل هو انقسام الإسلام أم تقسيمه؟! الفارق هو أن انقسامه يتم بفعل قوة دافعة ذاتية وتلقائية، أما تقسيمه فيتم بفعل قوة دافعة غير تلقائية، قد تكون داخلية أو خارجية، بالتواطؤ بينهما أو من دون تواطؤ.
الملفت أن الطائفة الثالثة التي نشأت في الديانتين اليهودية والمسيحية هي الطائفة الإصلاحية/ التجديدية. بينما الإرهاصات التي تتم الآن بشأن الإسلام ستكون لأجل إنشاء طائفة إسلامية أرثوذكسية (سلفيّة متشددة، كما يراها الإرهاصيّون)، منبثقة عن الطائفة التقليدية (السُنّة).
بات واضحاً أن الطائفة الإسلامية الجديدة (السلفية) ستكون المماثل للطائفة الأرثوذوكسية في اليهودية والمسيحية. ما ليس واضحاً هو: هل سيتم تصنيف (السنّة) بوصفهم التقليديين، و(الشيعة) بوصفهم الإصلاحيين، أم العكس؟
ما لا يمكن إغفاله أن الإصلاحيين في اليهودية والمسيحية جاؤوا برسالة رئيسية واضحة هي تخفيف ضغط المرجعيات لمؤسسات أو أشخاص على أتباع الديانة، وتسهيل الطقوس في الطريق التعبّدي بين الإنسان وخالقه من دون وسائط بشرية تُمنح قداسة إلهية.
في الإسلام، الطائفتان اللتان ستتنازعان امتياز الطائفة الإصلاحية هما الأبعد عن الرسالة الإصلاحية التي حظي بها أتباع اليهودية والمسيحية، فالطائفة الشيعية غارقة في المرجعيات والوسائط الحية والميتة والطقوس المتكاثرة على الأتباع قرناً بعد قرن. أما الطائفة السُنّية، فبعد استبعاد أتباع السلفية منها، ستصبح الغلبة فيها والهيمنة للصوفية الذين لا يقلّ معظمهم عن معظم الشيعة غرقاً في المرجعيات والكرامات والطقوس والوسائط بين العباد وربّهم.
إذاً نحن أمام حالتين متغايرتين من جدوى الانقسام: فاليهودية والمسيحية انقسمتا عبر حركة إصلاحية تُبسّط الدين من تعقيداته وطقوسه المختلَقة كي تصنع توافقاً بين الإنسان الذي يعبد ربه ويعمّر حياته في آن، وهو الأمر الذي تَمثّل بشكل واضح في دور البروتستانت في صنع المواءمة الفاعلة مع النظام الرأسمالي، في النموذج الأميركي تحديداً.
لكن الذين يُراد أن يُمثّلوا (الإصلاحيين) في الإسلام هم في الحقيقة لم ينجحوا من خلال تراثهم الديني في تقديم نموذج إسلامي مخفَّف وميسّر للعلاقة المباشرة بين العبد وربّه، كما فعل البروتستانت، بل على العكس قاموا قرناً بعد آخر ببناء مرجعيات ووسائط تعقيدية جديدة في طريق الوصول إلى الله عز وجل.
فمثلما أن الحركات الدينية المتشددة غير قادرة على بناء عالم ينعم فيه الجميع بالأمن وحسن الظن، فإن الحركات الدينية الغارقة في الدروشة والخزعبلات لا يُرجى من ورائها قدرة على صنع حراك مؤثر في هذا العالم، بل هي قادرة فقط على بناء علاقات «لطيفة» مع الآخرين، لا تحميها من التهميش!
*******
توجد (مقدمة) لهذا المقال تعمّدتُ تأخيرها:
فكرة تحويل (السلفية) من مجرد مدرسة سُنيّة إلى طائفة ثالثة في الإسلام، هي فكرة غير ناضجة بعد، لكن من المهم أن نعرف أن الذين يُساهمون في إنضاجها ثلاث فئات:
أولا: المذاهب الأخرى من أهل السنّة والجماعة الذين هم ليسوا على وفاق مع السلفية، وقد تكشّف هذا بوضوحٍ غير مسبوق في مؤتمر الشيشان.
ثانيا: المؤسسات الغربية والإعلام الغربي. وقد بدا هذا جليّاً في السنوات الثلاث الماضية، إذ أصبح المسؤولون الغربيون، لا الإعلاميون فقط، يردّدون في خُطبهم اسم (السلفية) بوصفه العدو الأول لهم، عوضاً عن مصطلح (التطرّف) الذي كانوا يستخدمونه من قبل.
من المهم الإشارة إلى أن الإعلام الروسي سبق الإعلام الغربي بسنوات عديدة في استخدام السلفية (الوهابية تحديداً) كعدو أول، إبّان الحركات الانفصالية للجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى والقوقاز خلال التسعينات الميلادية. قد تكون هذه المعلومة مفيدة أيضا لتفسير ملابسات مؤتمر الشيشان.
ثالثا: السلفيون أنفسهم. إذ باستخدامهم الخطاب الإقصائي لفصائل أهل السنّة والجماعة، ووصمهم التعميمي لكل من خالفهم بأنهم مبتدعة أو زنادقة أو خوارج، واحتكار المتشددين منهم لقب (الفرقة الناجية) لهم من دون سواهم، سيعجّل بتأطير (السلفية) في إطار طائفي مستقل، بحيث تكون ساهمت هي بوعي منها أو دون وعي في الإمعان في تقسيم المسلمين. وقد تناولتُ هذه الإشكالية بالتفصيل في مقال قديم عنوانه: «السلفية».. هل هذا وقتها؟!
كنّا نسمع عن نوايا إعادة رسم خرائط المنطقة، ونظن أن المقصود هو خرائط الحدود السياسية. من الواضح الآن أن المقصود هو إعادة رسم الخرائط الدينية والثقافية والاجتماعية للمنطقة، لا السياسية فقط!