أحدث الأخبار
  • 12:25 . محمد بن زايد يزور أنغولا لتعزيز التبادل الاقتصادي... المزيد
  • 12:06 . انسحاب فرق موسيقية من مهرجان في بريطانيا بعد إزالة علم فلسطين... المزيد
  • 11:41 . الإمارات تعلن إدخال أكثر من 300 شاحنة مساعدات إلى غزة منذ فتح المعابر... المزيد
  • 11:31 . وزارة التربية تكشف عن التوقيت الرسمي المعتمد للمدارس الحكومية... المزيد
  • 12:18 . اليمن.. مقتل ما لا يقل عن ثمانية جراء السيول... المزيد
  • 12:50 . "التعاون الخليجي" يدعو المجتمع الدولي إلى إلزام "إسرائيل" بفتح المعابر فوراً... المزيد
  • 12:44 . جيش الاحتلال يواصل جرائمه بحق المدنيين في غزة... المزيد
  • 12:43 . استقالة وزير خارجية هولندا بسبب موقف حكومة بلاده من العدوان الصهيوني على غزة... المزيد
  • 12:11 . عبد الله بن زايد ورئيس وزراء مونتينيغرو يبحثان تعزيز العلاقات والتعاون المشترك... المزيد
  • 12:10 . "إيكاد" تفضح تلاعب الناشطة روضة الطنيجي بمصادر أمريكية لتشويه الجيش السوداني... المزيد
  • 11:29 . زيارة سرية لمساعد نتنياهو إلى أبوظبي لإصلاح العلاقات وسط مخاوف من هجمات محتملة... المزيد
  • 11:26 . الإمارات تسلّم مطلوبَين دوليين إلى فرنسا وبلجيكا في قضايا اتجار بالمخدرات... المزيد
  • 09:55 . واشنطن تستهدف شبكات وسفن مرتبطة بالنفط الإيراني بينها شركات في الإمارات... المزيد
  • 09:54 . حماس: إعلان المجاعة بغزة يستدعي تحركا دوليا لوقف الحرب ورفع الحصار... المزيد
  • 09:53 . بريطانيا: منع "إسرائيل" إدخال المساعدات لغزة "فضيحة أخلاقية"... المزيد
  • 06:25 . "هيئة الطيران" تصدر لائحة جديدة لإدارة الأزمات في المطارات... المزيد

العنصرية الشعبوية ومستقبل الغرب

الكـاتب : ماجد محمد الأنصاري
تاريخ الخبر: 12-07-2016


خلال هذا العام المنصرم تصاعدت وتيرة الخطاب الشعبوي في العالم الغربي بشكل لافت بداية من الانتخابات التمهيدية للرئاسة في الولايات المتحدة وانتهاءً بحملة الانفصال عن أوروبا في المملكة المتحدة، هذا الخطاب الشعبوي الذي امتهنته أحزاب اليمين واليسار المتطرف في الأصل واضطرت أحزاب الوسط إلى استخدامه مؤخراً قائم على ركنين هما الجهل والخوف، ونعني بذلك استغلال جهل الناخبين بحقيقة الأمور وواقع الحال وتخويفهم واستغلال تحيزهم في إطار تمرير قرارات سياسية ذات طابع عنصري أو انكفائي، ونتوقف هنا مع مصطلح الشعبوية لنتعرف عليه في السياق السياسي.
الشعبوية مصطلح غربي يشير كما عرفه البرتازي ومكدونل وآخرون إلى أيديولوجية قائمة على دفع الأغلبية إلى مقاومة السلطة السياسية التقليدية ومواجهة «الآخرين» سواء كانوا الأقليات أو المهاجرين أو القوى الخارجية بدعوى الحفاظ على الهوية الوطنية والدفاع عن حقوق الأغلبية الشعبية، بشكل أبسط الشعبوية تشير إلى منهج سياسي يوظف العنصرية والاهتمامات المصلحية الشعبية الضيقة في تحقيق مبتغاه السياسي، مثال ذلك ترمب على اليمين وشافيز على اليسار، كلا الرجلين وظف حنق الشارع على الطبقة السياسية وطرح برامج انتخابية غوغائية غير قابلة للتطبيق بهدف كسب المؤيدين والقضاء على الخصوم، ترمب يعد الأميركيين اليوم بمقاومة الهجرة بكل أشكالها عبر بناء جدار يفصل الولايات المتحدة عن المكسيك، كما يعد بمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة وكل ذلك من الناحية العملية غير قابل للتطبيق، شافيز وعد الفنزويليين أنه سيقضي على مصالح الرأسماليين في الحكومة وسيمحو الفقر عبر تأميم الشركات الكبرى، اليوم فنزويلا تعاني من أزمة اقتصادية خانقة نتيجة سياسات شافيز وما زال خلفه يرفع ذات الشعارات البراقة.
في المملكة المتحدة قام بوريس جونسون عمدة لندن السابق من المحافظين ونايجل فاراج رئيس حزب الاستقلال السابق بقيادة حملة الانفصال عن أوروبا بدعوى مقاومة الهجرة واسترجاع السلطة من أوروبا ومعها الأموال التي تدفع للاتحاد الأوروبي، كما قدموا خطاباً عنصرياً من نوع «إنجلترا للإنجليز» و»اللاجئون يغزون بلادنا» ليحشدوا أصوات اليمين الإنجليزي المتعصب، نجحت حملتهم وخلال ساعات تعرض الاقتصاد البريطاني لأكبر هزة منذ عام 2008 ويتحدث المختصون اليوم عن انكماش اقتصادي خطير، كل ذلك لأن الساسة الشعبويين استغلوا جهل الشارع بالواقع الاقتصادي والتأثيرات الاستراتيجية للانسحاب من منظومة الاتحاد الأوروبي الاقتصادية والسياسية، أما جونسون وفاراج فالأول خانه وزير العدل مايكل جوف الذي وعده بأن يكون شريكه في استبدال كاميرون كرئيس للوزراء ورشح نفسه قبله وخرج الاثنان من السباق مهزومين لتفوز تيريزا ماي وزيرة الداخلية المشهورة بمواقفها المعادية للهجرة والمهاجرين، الثاني استقال من رئاسة حزبه أمام النتائج الكارثية للاستفتاء، باختصار كل من وظف موضوع الانفصال شعبوياً بات اليوم خارج الحياة السياسة تاركين الساسة التقليديين ليواجهوا النتائج.
الشعبوية السياسية اليوم تجتاح أوروبا وتقض مضاجع ساسة الوسط السياسي الذين ظلوا منذ الحرب العالمية الثانية يتربعون على عروش العواصم الأوروبية، اليوم يضطرون إلى تبني مواقف متطرفة لسحب البساط من تحت اليمين واليسار المتطرفين وتحقيق مكاسب انتخابية في الانتخابات المقبلة، هذه الشعبوية بآثارها الاقتصادية والاجتماعية الوخيمة ستغير من وجه العالم الغربي وسيسقط معها الاستعلاء الأخلاقي الذي يمارسه علينا الغرب، العنصرية تدريجياً تعود لتكون مقبولة في الخطاب السياسي الغربي بعد أن باتت من المحرمات، والفواصل السياسية القائمة على أساس عرقي وعنصري تعود لتفصل بين أحزاب اليمين واليسار.
ما يحدث اليوم في الولايات المتحدة الأميركية هو نتاج هذا الخطاب العنصري، حملة ترمب واليمين الأميركي عموماً القائمة على العنصرية تجاه المهاجرين والأقليات وعلى تشجيع العنف أسهمت بلا شك في تشجيع عمليات قتل الأبرياء من السود على يد رجال الشرطة وعلى الممارسات العنصرية خاصة في معاقل الجمهوريين والمحافظين في الجنوب الأميركي، وذلك بدوره أدى إلى ردة فعل عنيفة في المجتمع الأميركي الأسود وخلال الأيام الماضية اعتقلت الشرطة الأميركية المئات من المتظاهرين وفي كل يوم نسمع عن حادث جديد يقتل فيه أو يصاب إما أميركي أسود أو شرطي، أما في بريطانيا فمراصد حقوق الإنسان تنذر من ازدياد ملحوظ في نسبة الاعتداءات على المهاجرين منذ التصويت على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، هذه الممارسات لن ينتج عنها انهيار شامل ولكنها ستتسبب في شرخ اجتماعي واقتصادي في المجتمعات الغربية لن يسهل تجاوزه.
الخطاب الشعبوي السياسي يمثل خطراً ليس على الغرب فحسب بل على كل العالم الذي يتأثر بما يحدث في العواصم الغربية التي تتحكم بالعالم من حولها، أما أولئك الذين يقولون إن هذه مظاهر ديمقراطية طبيعية فنذكرهم بأن الديمقراطية ليست حكم الأغلبية فحسب، الديمقراطية هي نظام حكم دستوري يكفل الحقوق الشخصية والسياسية لكافة المواطنين يختارون فيه مسؤوليهم عبر صناديق الانتخاب، الديمقراطية ليست حكماً غوغائياً تمارس فيه الأغلبية هيمنة على الأقلية وتلغيها بل هي تعايش وتدافع يحافظ على حقوق الأقليات وعلى رأي الأغلبية على حد سواء، ما يحدث اليوم وهذه الممارسات لا تمت للديمقراطية بصلة، هي غوغائية يقوم عليها أصحاب المصالح السياسية الضيقة باستغلال الجهل والخوف.;