أحدث الأخبار
  • 09:13 . مقتل طاقم طائرة تدريب مصرية نتيجة سقوطها في البحر... المزيد
  • 05:57 . السودان.. البرهان يعين المرشح الرئاسي السابق كامل إدريس رئيساً للوزراء... المزيد
  • 05:39 . صحيفة بريطانية: أبوظبي وبكين تعيدان قوات الدعم السريع إلى اللعبة بعد طردها من الخرطوم... المزيد
  • 12:00 . كيف تعود صفقات ترامب "التاريخية" مع الخليجيين بالنفع على حفنة من النافذين؟... المزيد
  • 11:12 . الجيش السوداني يستعيد منطقة استراتيجية حدودية شمال دارفور... المزيد
  • 06:16 . حجم التجارة بين الإمارات وروسيا يتجاوز 9 مليارات دولار... المزيد
  • 01:37 . السعودية تستأنف نقل الحجاج الإيرانيين جوّاً بعد عشر سنوات من التوقف... المزيد
  • 07:33 . الاحتلال يرتكب مذابح في غزة تخلف أكثر من 130 شهيداً... المزيد
  • 05:16 . "الأمن السيبراني" يعلن أول إرشادات وطنية للطائرات بدون طيار... المزيد
  • 05:00 . السودان يتهم أبوظبي بانتهاك الأعراف الدبلوماسية بعد إبعاد موظفين قنصليين من دبي... المزيد
  • 11:44 . سوريا تُطلق هيئة وطنية للعدالة الانتقالية لمحاسبة جرائم نظام الأسد... المزيد
  • 11:43 . إحباط محاولة تهريب 89 كبسولة كوكايين داخل أحشاء مسافر في مطار زايد الدولي... المزيد
  • 11:29 . السفارة الأمريكية في طرابلس تنفي وجود أي خطط لنقل فلسطينيين إلى ليبيا... المزيد
  • 11:28 . السعودية تؤكد ضرورة وقف النار في غزة وأهمية دعم استقرار سوريا... المزيد
  • 11:26 . جيش الاحتلال الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن... المزيد
  • 10:45 . الدوحة تستضيف جولة جديدة من محادثات الهدنة بين حماس والاحتلال... المزيد

دعم الحكومات لا يلغي العمل الخيري

الكـاتب : عبد الرحمن الراشد
تاريخ الخبر: 04-07-2015

معظم الدقيق والرز والتمور والمياه والبطانيات والخيام التي تذهب إلى اللاجئين السوريين واليمنيين وغيرهم مصدرها الحكومات، والقليل يقدمه الناس. في الماضي كانت الأعمال الخيرية في معظمها أهلية، يتم جمعها من المساجد والمدارس والشوارع وعبر حملات التلفزيون والصحف، انخفض معظمها نتيجة دخول الجماعات الإرهابية على خطوط العمل الخيري، وصاحب بعضها تساؤلات حول إيصال المعونات وتوزيعها. هذه الشبهات تكاد تكون قد قضت على عمل الخير الفردي، وصارت الحكومات تتولى معظم المهمة. وبعض ما تقدمه الحكومات من المساعدات اليوم يفوق أضعاف ما كان يتم جمعه من الناس بالأمس، لكن هذا لا يسد الحاجة من ناحيتين، الأولى، أن العمل الخيري نشاط موازٍ، يعبر عن رغبة الناس في التضامن، ومد يد العون، وهو واجب ديني أيضًا. الثانية، أن حجم المأساة التي قهرت ملايين الناس غير مسبوقة في تاريخنا، وتتطلب تكاتف الجميع في تضميد جراح أهلنا في الكثير من دول المنطقة، ودعمهم في محنتهم في كل مكان، دون تمييز في أي معسكر سياسي يقفون. فغالبية هؤلاء الناس ضحايا العنف السياسي، سواء كانوا في صف الحكومة أو المعارضة، في سوريا واليمن والعراق وغيره. مثلاً، اليمنيون المنقطعون، في منطقة صعدة، حيث يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، أو السوريون المحاصرون في مدن الساحل التي تقع تحت حكم نظام الأسد، يستحقون الدعم مثلهم مثل بقية المشردين في داخل سوريا واليمن وخارجهما.. في مد يد العون لن نفرق بين الناس.
الذي لا نرضاه أن يستولي أحد على أموال المحتاجين وخبزهم. وكون هناك من يستغل النشاط الخيري لأغراض إرهابية، أو انتفاع شخصي لا يبرر إيقافه، يجب رصده ومنعه. والحل الأمثل، في نظري، تأسيس منظمات عمل خيرية متطورة فكرًا وإدارة وصناعة، تكون أقدر وأقوى، وبحيث يمكن السيطرة عليها، وتحكيم نشاطاتها، وإلزامها بالشفافية الكاملة. نحن أمام أزمة ستطول لسنوات، وقد تتوسع أو تليها أزمات، وموجات من المشردين. نحن أمام ملايين المحتاجين الذين ينادون علينا طالبين إغاثتهم، ولا يوجد بد من دعمهم، فنحن من بقي لهم في هذا العالم المليء بالشقاء والظلم. إغاثتهم واجب علينا، وسنبادر إليه راغبين ومتحمسين. ونحن ندرك أن هناك آلافًا من الناس مستعدون للعمل الخيري تطوعًا، يفعلونها عن محبة وبإخلاص. ولا يتعارض دعم الحكومات الكريم للمحتاجين مع نشاط المحسنين، فالمجال واسع، والمحتاجون أكثر من قدرتنا على الوفاء بما يحتاجونه.
هذا الانهيار الضخم في أوضاع المنطقة، وما تلاه من مآسٍ مروعة أصابت ملايين الناس، يتطلب منا أن نطور العمل الخيري إلى صناعة متقدمة، هدفها تنظيمه بما يرضي المحسنين ويخدم المحتاجين. فجمع التبرعات عينية ومادية وخدمية من ملايين الأشخاص وإيصالها إلى ملايين اللاجئين عمل جبار يتطلب تنظيما، وقدرات متطورة. ولأننا نمر بمرحلة سياسية بالغة الحساسية تحاسب فيها الضمائر قبل الأفعال، فإن إقامة هذه الجمعيات والمنظمات يفترض أن يبقى بعيدًا عن الجمعيات القائمة حاليًا، وعن الذين سبقوا أن عملوا في هذا القطاع، والتحول نحو بناء مؤسسات متخصصة، يمكن أن تتعاون مع المنظمات الدولية التي تملك الخبرة والآلية لتطوير هذا المرفق المهم والحساس.
وأسباب القلق مفهومة، تلك التي دفعت الحكومات إلى وقف أو تقليص النشاطات الخيرية، ويفترض أن تقف بحزم ضد الذين يريدون العودة للمجال الخيري من المشبوهين. وقد قرأت تعليقًا من أحدهم يقول، نظرًا لأن التهم التي كانت تكال للجمعيات الخيرية ومشاهير العاملين فيها ثبت بطلانها وأسقطتها المحاكم، فإن عليهم العودة للساحة من جديد. وهذه دعوة غير مقبولة، لأنه ليس صحيحًا إسقاط كل التهم ولا تبرئة كل المشبوهين، وبعضهم لا يزال في السجون بعد ثبوت تورطه، وهناك من تم إغلاق جمعياته أيضا بعد إدانتها، ونتذكر أنه سبق أن عثر على صناديق لجمع التبرعات في بيوت إرهابيين. لقد مررنا بمرحلة طويلة فضحت هذه الجمعيات ولا نريدها أن تعود، ولا أصحابها كذلك. ولدى أجهزة التحقيق والأمن الكثير من المعلومات عن كيف استغلت التنظيمات الإرهابية حملات التبرع لدعم نشاطاتها.
نريد أن ندخل مرحلة جديدة لا يسمح فيها إلا لجمعيات كبيرة مبنية وفق أنظمة تسهل مراجعتها ومحاسبتها ومعرفة كل ما يدخل إليها وما تنفقه ولمن وكيف، وأن تكون خالية من النشاطات السياسية والدينية، خالصة لعمل الخير فقط. وتفتح الباب للمتطوعين من أهل المهن الذين يمكن أن يعينوا الغير بأنفسهم، يتقدمهم الأطباء والمسعفون.
والدافع لهذا التحفيز، كوننا نعيش زمنًا صعبًا، ومأساة مروعة قد تبقى معنا طويلاً، ولا بد من أن نعيد فتح العمل الخيري ليساند الدعم الحكومي الذي يحاول أن يسد الفراغ.