أحدث الأخبار
  • 08:42 . مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية... المزيد
  • 07:46 . "التربية" تعلن التقويم الأكاديمي للمدارس الحكومية والخاصة 2025 – 2026... المزيد
  • 07:44 . شرطة أبوظبي تحذر من استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لترويج المخدرات... المزيد
  • 12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد
  • 12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد
  • 12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد
  • 12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد
  • 12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد
  • 12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد
  • 12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد

الهوية.. القوة المعنوية للمجتمع

الكـاتب : سعيد المقبالي
تاريخ الخبر: 13-06-2015

عندما نجح الرسول، صلى الله عليه وسلم، في تأسيس أول دولة للإسلام لم يغير من عادات وتقاليد أهل المدينة، وحتى أهل مكة، إلا ما كان يرتبط بالشرك بالله أو ما كان فيه ضرر على الذات أو المجتمع، بل وساهم بنفسه في تعزيز الكثير من العادات التي كانت سائدة لدى العرب.

هو نموذجنا وقدوتنا الأقرب، عليه الصلاة والسلام، لكن إذا نظرنا إلى الشعوب العريقة في الأرض، ولنأخذ مثالاً على ذلك الشعب الياباني، وبحثنا في مدى تقديسه للعادات والتقاليد، لوجدنا أنه يرى أن علاقته بالمستقبل ونجاحاته المتوقعة فيه مربوطة بماضيه وبعاداته وتقاليده التي تعتبر، هي والإمبراطور، الرمز الذي يحركه.

وغير التجربة اليابانية، هناك تجارب أخرى عريقة كالبريطانية والماليزية.. ينظرون جميعاً للعادات والتقاليد كالعمود الذي ترتكز عليه قوة الهوية، وبالتالي قوة الدولة.

إذن الهوية وما يجسدها من عادات وتقاليد ليست مجرد شكليات، بل هي المحرك المعنوي لعزيمة الشعوب وطريقها للبقاء.

في دولة الإمارات العربية المتحدة أيقن المؤسسون، وحتى قبل قيام الاتحاد، أهمية هذا الجانب، فكانت الهوية الوطنية أهم مرتكز انطلقوا منه للمستقبل، فلم يغيروا من هوية الشعب، رغم الوجود البريطاني الذي كانت مغرياته كثيرة في تلك الفترة، وصاغوا كل مكونات هذه الدولة وخططها بما يتسق مع العادات والتقاليد العريقة لشعبها، وليس من أحد في الإمارات لا يتذكر مقولة الشيخ زايد رحمه الله «من ليس له ماضٍ يعتز به فلا حاضر ولا مستقبل له».

جملة لخصت أهمية العادات والتقاليد وأثرها في قوة المجتمع وديمومته، ولهذه الجملة عمق يتجاوز الشكل الخارجي لأي ممارسة تسمى تقليداً مجتمعياً، فهي توجهنا لاستمداد الطاقة المعنوية من الماضي برموزه ومكوناته، تماماً كالتجربة اليابانية.

عندما تهتم القيادة بتعزيز هوية هذا المجتمع، من خلال الحفاظ على موروثه من العادات والتقاليد الحميدة، فإنها تدعم هذا الشعب ليعزز مكانته بين أعرق حضارات العالم.

ولكن ما يبعث على القلق جهل البعض بهذا المنطق، وتسابقهم للانسلاخ من عادات وتقاليد مجتمعهم، لتتشكل شخصياتهم كنسخ عن أفراد من شعوب بيننا وبينهم قارات ومحيطات، أو أن تكون شخصياتهم مسخاً لا تعرف لها هوية محددة.

مقلق أن ترى البعض وهو على أرض وطنه لا يلبس إلا ملابس غربية، ويُحرج من لبس الزي الخليجي، متناسياً أنه دلالة من دلالات هويته وليس مجرد غطاء للجسم.

مقلق جداً أن تحاول فهم الكلمات التي جاءت من قواميس لغات مختلفة لتكون في جملة ينطق بها شاب أو فتاة من مجتمعك، يحاول أن يخبرك بشيء ما ويستدرك قائلاً مع كل كلمة: «ما اعرف شو يسمونها بالعربي»!

مؤلم أن تكون في محفل ما داخل الدولة وهناك ضيوف من كل مكان، ويظهر من بين المستضيفين من يلغي الهوية المحلية لمراسم الاستقبال والضيافة ويستبدلها بطابع لا يراعي قيم المجتمع وسلوكه الأصيل في الكرم والحفاوة، تاركاً الضيوف في حيرة حول عادات هذا المجتمع، لا يعرفون ما هو أصيلها، فتلتبس عليهم الأمور.

وما يرفع من درجة القلق والألم أن يصل التهاون بالهوية لدى البعض إلى حد الانسلاخ من قيم الدين، بل والقيم البشرية، وذلك فقط ليثبت لنفسه أنه بحسب اعتقاده متحضر ومتماشٍ مع العصر.

إذا تحدثنا عن القدوة الحسنة في هذا الموضوع بالذات، فإننا سنراها تلهمنا في كل مفاصل حياتنا، وليس لنا في هذا الزمان قدوة أفضل من شيوخنا وعلماء العرب والمسلمين، يجوبون العالم ويصادقون أفراداً من شتى بقاع الأرض، ويتعرفون على ثقافات متعددة، لكن هويتهم وعاداتهم وتقاليدهم لم تتغير، بل يفتخرون بإظهارها أمام الجميع، وفي هذا السياق أتذكر دائماً بيتاً شعرياً لسيدي صاحب السمو السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم «رعاه الله» يقول فيه:

ما بدل العادات دامني حي ** يا لين تجري بالفيافي سفنها

افتخار وإخلاص وممارسة مستمرة لعادات وتقاليد تمثل هوية هذا المجتمع الأصيل، درس يقدمه لنا كل يوم قادتنا وشيوخنا «حفظهم الله» ليبنوا فينا شخصيات واثقة وطموحة ومعتزة بدينها وعروبتها وهويتها المتميزة، ومتصدرة للمراكز الأولى عالمياً بهوية إماراتية إسلامية عربية أصيلة.

أخيراً

لنعلم أننا إذا مارسنا سلوكاً ليس له مردود إيجابي علينا، ولا على مجتمعنا، ولا يرتبط بثقافتنا ولا بعاداتنا وتقاليدنا ولا يخدمها، فإننا بذلك نرتضي أن نكون وسيلة لإضعاف هويتنا وبالتالي إضعاف قوتنا الوطنية المعنوية.