أحدث الأخبار
  • 08:42 . مرتزقة كولومبيون في حرب السودان.. خيوط تمويل إماراتية تثير عاصفة سياسية وقانونية دولية... المزيد
  • 07:46 . "التربية" تعلن التقويم الأكاديمي للمدارس الحكومية والخاصة 2025 – 2026... المزيد
  • 07:44 . شرطة أبوظبي تحذر من استغلال شبكات التواصل الاجتماعي لترويج المخدرات... المزيد
  • 12:58 . واشنطن توافق على صفقة "صواريخ" مع البحرين بقيمة 500 مليون دولار... المزيد
  • 12:58 . الكويت تدعو لاجتماعين عربي وإسلامي لبحث تطورات الأوضاع في غزة... المزيد
  • 12:58 . رئيس الدولة وولي العهد السعودي يبحثان تطورات المنطقة في ظل تباينات إقليمية... المزيد
  • 12:57 . ترامب يتوقع اتفاقاً بين روسيا وأوكرانيا بعد لقائه المرتقب مع بوتين... المزيد
  • 12:49 . الإمارات تدين بشدة تصريحات نتنياهو حول "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 12:48 . رفض عربي وإسلامي ودولي لخطة استيطانية إسرائيلية تعزل القدس وتفصل الضفة... المزيد
  • 12:47 . الحكومة الانتقالية في مالي تعلن إحباط مخطط لزعزعة البلاد بدعم دولة أجنبية... المزيد
  • 12:46 . أمين عام حزب الله: لن نسلم سلاح المقاومة ما دام الاحتلال الإسرائيلي قائما... المزيد
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد

المثقف في زمن الأزمة

الكـاتب : عبد العزيز الحيص
تاريخ الخبر: 25-05-2015

يحيا العالم العربي أزمات متتابعة، إسقاط أنظمة، وصعود جماعات مسلحة، وحروب وصراعا طائفيا، وإلى غير ذلك من الأزمات الثقيلة. تعب المراقب العربي من ازدياد هذه الأزمات واستطالتها، ويبدو الأمر وكأن «جيفة» الاستبداد التي تم تحريكها عن مكانها في عام الثورات العربية 2011، أثارت، ولا تزال، روائح كريهة لا تنتهي، لأوضاع مختلة أسسها الاستبداد وثبت أوضاعها. تعبت الناس وهي تراقب، وهي محتاجة إلى أصحاب الحلول، مّمن ينظّرون ويخبرون الأمور. تتعاظم الحاجة إلى المثقفين، ممن يساهمون في تنوير الناس حول الأحداث وأسبابها، ويساهمون في تحسين شروط مجتمع المعرفة الذي يحياه الناس اليوم.
لكن ماذا لو كان المثقفون نفسهم في أوضاع متأزمة؟ أولى العلل التي يحياها المثقف اليوم هي أنه مثقف مرتبط بالوضع القائم، فهو موظف وأكاديمي يحرص على أكل لقمة عيشه، ويتجنب النقد الذي قد يثير عليه أشخاصا ومؤسسات وأنظمة لها تأثير قد يطال حياته. تستطيع اليوم ملاحظة هذا الكم الهائل من الدارسين والمتخصصين الذين تمتلء بهم جامعاتنا، والذين تخرجوا في هذه الجامعات من أصحاب الدراسات العليا، والتخصصات الإنسانية، ولا تجد لهم أثرا أو دورا في الإنتاج المباشر لمجتمعاتهم والتفاعل معها. تم اختزال دورهم في عملية إنتاج لطلاب مثلهم يبحثون عن الشهادة والوظيفة فقط.
أواخر الثمانينيات، كتب المفكر اليساري الأميركي راسل جاكوبي، كتابه «آخر المثقفين: الثقافة الأميركية في عصر الأكاديميا»، وكان موضوعه الحديث عن تضاؤل وجود المثقف العام، والمفكر الناقد الحر، والذي يحتاجه الشأن العام دوما للقتال في قضاياه، وبروز دور المثقف الأكاديمي. يعلق نادر كاظم على الأخير بالقول «نموذج هذا المثقف الخصوصي يتمثل بأستاذ جامعي متخصص منغلق على نفسه وتخصصه، ولا يستهويه التعاطي مع العالم خارج حدود قاعة التدريس... وغرضه الأساسي من الكتابة هو الترقي الأكاديمي لا التغيير الاجتماعي أو السياسي».
علة أخرى تكمن في اندماج المثقف مع الصراع القائم كلاحق له، وليس كصانع لأوجه الصراع التي تستحق. الصراعات السائدة في العالم العربي تم تأسيسها على بنية جاهلة، وأوضاع استبداد، استبدت بالمعرفة قبل أي شيء آخر. لذا ومنذ سنوات ما زلنا نرى نفس السؤال: لم لا ينتقد المثقف الشيعي الجماعات الشيعية، ولم لا ينتقد الإسلامي الجماعات الجهادية! لست في محل اجتهاد وعظي، لأخبر بما «يفترض» و «ينبغي»، لكن من الجدير ملاحظة أن الأوضاع الثقافية القائمة، ومنها مسائل الطائفية والتشدد، هي أحوال مستقرة للوضع القائم وتمثل في ذاتها مشكلة، ولا بد للمثقف من إطار ناقد وواع يحكم أفكاره، ولا يجعلها تنتج من ذات المسار.
إن تزايد الصراعات واشتعالها بشكل متجدد في دولنا العربية يعود إلى طبيعة التعوّد الاجتماعي القائم، الذي أسسه الاستبداد، وهو طبع يعمل على إعادة إنتاج ذات المشاكل، عبر ذات العقلية. في كتابه «في البدء كان الصراع»، يذكر خلدون النقيب أن العقلية التآمرية لدى العرب تصور «استهداف العرب، كأمة وجماعة دينية، على أنه صراع حياة أو موت، أي صراع من أجل البقاء. وبذلك تخلط هذه الطريقة في التفكير بين التنافس «الطبيعي»، والصراع الاعتيادي بين الحضارات والجماعات الإثنية، وبين الصراع الذي يكون مجموعه صفراً. فليس كل أنواع الصراع صراعات إبادة، حيث إن ما يكسبه خصم، هو بالضبط ما خسره الخصم الآخر».
الثقف يعني الظفر في اللغة. وفي صراع اليوم، صراع الأفكار والآراء الحادة، والطبائع والنفوس المشدودة، يكون الظفر بالرأي الأنسب والأصلح هو جوهر المعرفة. فحياة الأفراد والمجتمعات تحتاج إلى التيسير والتحفيز والتحريك. المثقف، كما يرى الجابري، هو في جوهره ناقد اجتماعي، ويتجلى عمله الأكيد في «المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظام أكثر إنسانية وعقلانية». قد يوصف هذا المثقف بأنه خيالي لا يعيش واقع الناس، وبأنه متمرد، وهذا من الطبيعي والمتوقع، فالمثقف يواجه سلطة المسؤول، وسلطة المجتمع، وسلطة انسحابه إلى التطبيع مع ما هو قائم.