أحدث الأخبار
  • 08:47 . روسيا وأوكرانيا تتبادلان 186 أسيراً بوساطة إماراتية... المزيد
  • 07:20 . فرنسا تعلن وقف التأشيرات لموظفي شركة الطيران الإسرائيلية "إلعال"... المزيد
  • 06:49 . ارتفاع أسعار الزي بمدارس خاصة يرهق أولياء أمور الطلبة في الإمارات... المزيد
  • 10:42 . هكذا يحصد الاحتلال أرواح الفلسطينيين في غزة من خلال التجويع... المزيد
  • 10:35 . إنشاء نيابة جديدة في أبوظبي تعنى بقضايا العمال... المزيد
  • 10:27 . إدانات واسعة لتصريحات نتنياهو بشأن "إسرائيل الكبرى"... المزيد
  • 10:21 . ترامب يعتزم لقاء بوتين وزيلينسكي بعد قمة ألاسكا... المزيد
  • 07:02 . ما المقاتلة التي تراها أبوظبي بديلاً مثالياً لإف-35 الأمريكية؟... المزيد
  • 12:11 . الكويت والأردن يبحثان تعزيز التعاون الثنائي وتطوير الشراكة... المزيد
  • 12:09 . عُمان تجدد التزامها بدعم الأمن البحري وتعزيز التعاون الدولي... المزيد
  • 12:08 . المجموعة العربية والتعاون الإسلامي: احتلال غزة "تصعيد خطير وغير مقبول"... المزيد
  • 12:04 . "الإمارات للدواء" تعتمد علاجاً مبتكراً لمرضى "الورم النقوي المتعدد"... المزيد
  • 12:03 . الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران... المزيد
  • 11:03 . الحوثيون يهاجمون أهدافا إسرائيلية بحيفا والنقب وإيلات وبئر السبع... المزيد
  • 12:29 . قرقاش ينسب لأبوظبي الفضل في اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا... المزيد
  • 12:23 . 673 شركة ذكاء اصطناعي في أبوظبي بنمو 61% خلال عام... المزيد

ليست الأنظمة وحسب فلبعض الجماهير بؤسها أيضاً

الكـاتب : ياسر الزعاترة
تاريخ الخبر: 11-01-2015

مورس الكثير من الهجاء، وسيتواصل الأمر، بحق الأنظمة الحاكمة، والنخب التي تمثلها في العالم العربي، كما مورس الكثير من الهجاء أيضا بحق النخب المثقفة التي قبلت بدور المحلل لسياسات تلك الأنظمة، لكن القليل من الهجاء هو ذلك الذي وُجه للجماهير التي تمنح الشرعية لأولئك، وتساعدهم في الحفاظ على مكتسباتهم.
عندما يحصل مرشح الثورة المضادة في مصر (أحمد شفيق) على ما يقرب من نصف الأصوات في مصر، ويحصل حزب رموز النظام السابق على حوالي 40 في المئة من أصوات الناخبين في تونس، ثم يحصل السبسي على حوالي 55 في المئة من الأصوات في انتخابات الرئاسة، والأمر تكرر في ليبيا خلال الانتخابات الثانية. وعندما تجد أنظمة طاعنة في القمع والتخلف نسبة معتبرة من الجماهير تطبّل لها، وتدافع عنها، فهذا يعني أن الأمر ينطوي على أزمة تتعلق بالإنسان أيضا، وليس فقط بالسلطات الحاكمة، أو بالنخب المثقفة التي يجري إفسادها بالمال والمصالح (المشايخ والدعاة والعلماء هم جزء من تلك النخب بطبيعة الحال).
نفتح قوسا هنا كي نشير إلى أننا نتحدث عن نسبة من الجماهير تزيد وتنقص بحسب الظروف الموضوعية في كل بلد، فيما ثمة نسبة أخرى، قد تكون أكبر في كثير من الأحيان ما زالت تنحاز إلى الحق والصدق.
ما ينبغي قوله إننا لا نتحدث هنا عن حالات ملتبسة يمكن النقاش بشأنها، بل عن حالات يبدو الحق فيها واضحا إلى حد كبير، فالنخب التي جرى التصويت لها هي جزء من أنظمة سابقة لا يماري عاقل في فسادها وقمعها، ولا نتحدث مثلا عن نخب لها بعض المزايا مثلا في دول ريعية، مع أن بعضها واضح الفساد أيضا.
من الممكن الدفاع عن الاجتهاد السياسي، لكننا نتحدث هنا عن انحياز واضح للباطل لا يسعفه أي تبرير، وهو انحياز ذو صلة باعتبارات تتعلق بالمصلحة الشخصية أو الخوف أكثر من أي شيء آخر.
هنا على وجه التحديد، يمكن الحديث عن سقوط للإنسان، تماما كما هو حال سقوط النخب المثقفة مثلا، مع فارق أن الأخيرة تسقط في ظل إغراءات أكبر، بينما يسقط أولئك في ظل مكاسب أقل، بل في ظل توفر إمكانية أن ينحاز أحدهم في نهاية المطاف إلى الحق، حتى لو أظهر غير ذلك رغبا أو رهبا.
إننا نتحدث هنا عن انحيازات قد تكون لأسباب عرقية أو طائفية أو قبلية، وفي الغالب ذات صلة بالمصالح الشخصية، وربما في بعض الأحيان ذات صلة بمخاوف شخصية، مع تبريرات لا تخلو من جانب شخصي مثل الحديث عن الأمن والاستقرار وما شابه من مصطلحات يبرر المرء من خلالها وقوفه مع أطراف دكتاتورية وفاسدة.
لا قيمة هنا للحديث عن النجاح والفشل، لأن فرصة اختبار حقيقي لم تتوفر للطرف الآخر، بينما حصل الطرف الأول على فرصة عقود لم تنتج إلا مزيدا من الفساد والدكتاتورية. ثم إن كون الخيارات الجديدة ليست زاهية تماما، لا ينفي أنها أفضل من السابقة، مع العلم أن الخيار هنا هو بين دكتاتورية باقية، وبين تعددية يمكن أن يختار من خلالها الإنسان فريقا آخر في المرة المقبلة.
إن من يصوت لفئات من اللون القديم «المجرَّب»، أو يدافع عنها بقلمه أو لسانه يحتاج إلى التنقيب عما في داخله ليعالج ضميره الخرب قبل أي شيء آخر، بصرف النظر عن المنطلقات التي انطلق منها ما دامت تتعلق بمخاوف أو مصالح شخصية.
هي ليست ظاهرة حديثة بكل تأكيد، وللتذكير مرة أخرى، فنحن هنا لا نتحدث عن الاجتهاد السياسي، حتى لو كان ذلك الاجتهاد خاطئا، ونتاج التضليل الإعلامي، لكننا نتحدث عن قطاع يدرك في قرارة نفسه حين يواجهها بالحقيقة أن أكثر المبررات التي يسوقها كاذبة، ولا تمنحه حق الانحياز لباطل مجرَّب، أو حتى ما هو أقل من الحق، بمعنى الخيار الأقل سوءا من الناحية المبدئية والأخلاقية، فضلا عن الاختيار بين مسار تعددي، وآخر غير ذلك.
ولعل الكارثة الأكبر أن يحدث ذلك من قبل أناس متدينين يؤمنون بالله واليوم الآخر، ويعلمون أنهم مأمورون بالوقوف مع الصادقين، وأقله نبذ الباطل وأهله، ولا قيمة للحديث عن تبعيتهم لمشايخ يدرك العاقل أن أكثرهم يفعلون ذلك تبعا لمصالح أيضا.
إن من يبيع صوته أو موقفه رغبا أو رهبا وهو يعلم أنه ينحاز لباطل (نستثني مرة أخرى من اقتنع حقا بغير ذلك)، لا يستحق الاحترام بأي حال، وعليه أن يراجع نفسه ليكون في صفّ المدافعين عن الحق، والمدافعين عن مصالح الشعوب وحريتها وحقها في اختيار حكامها، ولا يظنن أحد أن صوته أو موقفه بلا قيمة، لأن مسيرة الشعوب والأمم هي حصيلة مواقف الآحاد.