زعم تحقيق استقصائي لمركز هنا عدن اليمني للدراسات الاستراتيجية عن نهبٍ واسع النطاق تمارسه أبوظبي للثروات اليمنية، من خلال مشاريع مموّهة تحت غطاء عسكري وتنموي في البر والبحر، وبالتواطؤ مع شخصيات محلية نافذة أبرزها العميدان طارق صالح وعمار صالح.
جبل النار
التحقيق أظهر صوراً جوية حول نشاط تعدين واسع في جبل النار المطل على المخا بمحافظة تعز، وهو أحد أبرز المعالم الجيولوجية في اليمن. الطبقات الجبلية التي كان يفترض أن تشكّل أساسًا لنهضة اقتصادية، تحوّلت إلى هدف لأطماع أبوظبي، بحشب التحقيق.
وتوضح الصور وجود معدات صناعية متقدمة، تشمل محطات تكسير وفرز مزودة بسيور ناقلة شعاعية، وحُفر واسعة وأكوام مواد خام، ما يؤكد قيام عمليات استخراج ومعالجة معادن على نطاق ضخم.
كما تكشف الإحداثيات (13°20′33.14″ شمالًا، 43°27′13.83″ شرقًا) عن تغيرات في طبيعة التربة ومسارات مركبات ثقيلة خلال العامين الأخيرين، ما يعكس استغلالًا متواصلًا للمنطقة.
الأخطر أن هذه الأنشطة تترافق مع إنشاء مدرج جديد في منطقة ذُباب بطول يزيد على كيلومتر واحد، وطريق خاص يربط المدرج مباشرة بجبل النار بعيدًا عن الطرق العامة، بما يوحي بوجود شبكة نقل مغلقة تسمح بتهريب المعادن جواً وبحرًا.
مصادر محلية أكدت أن طارق صالح وشقيقه عمار صالح يتقاضيان مبالغ شهرية تصل إلى عشرين مليون ريال سعودي لكل منهما مقابل منح أبوظبي التسهيلات اللوجستية والأمنية، بينما لا تتجاوز قيمة المشاريع "التنموية" المعلنة 1% من قيمة الثروات المنهوبة.
سقطرى
النهب لم يتوقف عند الثروات المعدنية، ففي أرخبيل سقطرى، كشف الناشط اليمني وأحد أبناء سقطرى سعيد الرميلي عن استغلال جسيم يتعرض له الصيادون المحليون بعد سيطرة شركات أجنبية، وعلى رأسها شركة برايم الإماراتية، على قطاع الأسماك.
وبحسب الرميلي، تُباع أسماك التونة النادرة التي يتجاوز سعر الواحدة منها في الأسواق العالمية 6 آلاف دولار، بمبلغ لا يزيد عن 100 دولار فقط في سقطرى، حيث يُجبر الصيادون على البيع بأسعار زهيدة قبل أن تُصدَّر للخارج بأرباح خيالية.
وحذّر من أن هذا الوضع حرم سكان الأرخبيل من مصدر رزقهم الأساسي، وعمّق تبعية اقتصادية غير مسبوقة، مهددًا استقرار المجتمع المحلي وسبل صموده في ظل الأزمة المعيشية الخانقة.
ثروات منهوبة وشعارات تنموية زائفة
المشاهد من المخا وسقطرى، برًا وبحرًا، تكشف ملامح سياسة إماراتية واحدة: السيطرة على الموارد الاستراتيجية تحت غطاء مشاريع تنموية وإغاثية، بينما تُدار في الواقع عمليات منظمة لنهب المعادن والثروة السمكية بمشاركة أدوات محلية نافذة.
ومع تشديد الحراسة العسكرية ومنع وصول المدنيين أو الصحفيين إلى هذه المواقع، يبقى اليمنيون محرومين من خيرات أرضهم وبحرهم، فيما تذهب العوائد إلى حسابات خارجية وصفقات سرية، تثير أسئلة كبرى حول مستقبل السيادة الاقتصادية لليمن.