كشفت أحكام قضائية إسرائيلية وتقرير استقصائية غربية عن تورّط شركة حجازي وغوشة، كبرى شركات اللحوم الأردنية والشرق الأوسط، في نزاعات مالية ممتدة مع مستوطنة "إيلوت" قرب إيلات، بعدما أقامت عام 2004 محطة حجر بيطري على أراضي المستوطنة بكلفة قاربت 6 ملايين شيكل.
المنشأة تحوّلت لاحقًا إلى مركز رئيسي لتجارة المواشي في المنطقة، وبلغت مبيعات الشركة معها نحو 100 مليون دولار سنويًا، قبل أن تتحول العلاقة إلى نزاع طويل الأمد منذ 2007، انتهى بصدور حكم عام 2020 عن المحكمة المركزية في حيفا، قضى باعتبار المحطة ملكًا للمستوطنة وإلزام الشركة الأردنية بدفع تعويضات تجاوزت 300 ألف دولار.
الحكم الأخير الذي صدر هذا الشهر ضد الشركة، بتعويض مستوطنة أخرى في منطقة أم الرشراش (إيلات) على خلفية نزاع استثماري، أعاد تسليط الضوء على شبكة العلاقات الاقتصادية التي تجاوزت الطابع التجاري العابر لتتحول إلى شراكات بنيوية مع مؤسسات إسرائيلية، ما جعل الشركة الأردنية رهينة للبنية التحتية الإسرائيلية وأداة لتعزيز اقتصاد المستوطنات.
ما علاقة إمارات المستقبل بالشركة الأردنية ؟
لكن اللافت أن توسع "حجازي وغوشة" لم يقتصر على الأردن و"إسرائيل"، إذ أسست عام 2012 شركة مشتركة في الإمارات حملت اسم "إمارات المستقبل"، عبر شراكة مع كيان إماراتي يُعرف باسم "إكساب".
ورغم غياب الأسماء الرسمية، فإن تحقيقًا استقصائيًا نشره موقع ميدل إيست آي البريطاني أكد أن 40% من أسهم الشركة مملوكة للشيخ منصور بن زايد آل نهيان، النائب الثاني لرئيس الدولة، مائب رئيس مجلس الوزراء.
ووفقًا للمصادر ذاتها، لعبت "إمارات المستقبل" دورًا محوريًا في تصدير الماشية إلى "إسرائيل"، عبر أسطول ضخم للشحن البحري تديره عائلة غوشة من أستراليا، حيث كانت الشركة حتى 2012 المورد الحصري للأبقار لـ"إسرائيل" عبر ميناء إيلات.
تشير تقارير إسرائيلية إلى أن هذه التجارة استمرت بوتيرة عالية رغم محاولات التكتم عليها.
الشبكة تكشف تداخلًا معقدًا بين الاستثمارات العربية التطبيعية والإسرائيلية، حيث تتحول المبادرات الاقتصادية ـ تحت عناوين التجارة والانفتاح ـ إلى أدوات للتطبيع العملي، تعزز من وجود المستوطنات بدل عزلها.
كما يُبرز ارتباط الشيخ منصور بن زايد بشركة "إمارات المستقبل" جانبًا من التشابك الاقتصادي الإماراتي ـ الإسرائيلي الذي سبق اتفاق التطبيع العلني عام 2020، ليتحول لاحقًا إلى أحد أعمدة العلاقة بين أبوظبي وتل أبيب.
اقرأ ايضاً:
"نيويورك تايمز": منصور بن زايد يقود أدواراً سرية ومؤثرة في حروب المنطقة بعيداً عن أضواء الرياضة