فتح الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، الذي استهدف قادة من حركة حماس، جرحاً جديداً في مسار التطبيع الخليجي مع الاحتلال، وأثار تساؤلات حول ما إذا كان من الممكن أن يدفع هذا الاعتداء غير المسبوق الدول المطبّعة إلى مراجعة علاقاتها مع تل أبيب.
وبحسب تقرير لموقع "أمواج ميديا" البريطاني، فإن الضغوط تتصاعد على أبوظبيعلى وجه الخصوص لإعادة تقييم علاقاتها مع الاحتلال. وقد لوّح مسؤولون إماراتيون بخفض مستوى هذه العلاقات في حال مضت "إسرائيل" في خططها لضم الضفة الغربية، وهو ما اعتبره مراقبون أول اعتراف عملي بأن التطبيع بات عبئاً في ظل عدوان متواصل على الفلسطينيين، وصل إلى حد استهداف عاصمة خليجية.
دعوات المقاطعة لم تقتصر على الإمارات. ففي الكويت، شدد الوزير السابق محمد الجار الله على ضرورة وقف التطبيع، وتجميد الاتفاقيات الاقتصادية والثقافية التي استُخدمت غطاءً للتقارب مع إسرائيل، مشيراً إلى مبادرات مثل "بيت العائلة الإبراهيمية" الذي افتُتح في أبوظبي عام 2023. كما طالب أكاديميون بإقامة ميثاق دفاعي خليجي–عربي–إسلامي موحد، يقوم على الردع الجماعي لا على الانفتاح على الاحتلال.
القمة العربية الإسلامية التي استضافتها قطر عقب الهجوم أدانت الاعتداء الإسرائيلي واعتبرته "جباناً وغير قانوني"، لكنها كشفت في الوقت ذاته عمق الانقسام الخليجي. ففي حين رأى محللون أنها أضافت زخماً سياسياً ودبلوماسياً، أكد آخرون أن غالبية المشاركين يحتفظون بعلاقات رسمية مع الاحتلال الإسرائيلي، ما يفسر غياب قرارات جماعية حازمة أو إعلان صريح بقطع العلاقات.
ورغم إعلان مجلس التعاون الخليجي تفعيل آلية الدفاع المشترك لأول مرة منذ حرب الخليج عام 1990، وعقد اجتماع طارئ لوزراء الدفاع في الدوحة، فإن هذه الخطوات لم تقترن بإجراءات مباشرة ضد "إسرائيل". وفي المقابل، برزت مطالب شعبية وإعلامية بوقف كل أشكال التطبيع باعتباره "غطاءً للعدوان"، في وقت أعلنت فيه السعودية وباكستان عن اتفاقية دفاع استراتيجي شملت تعهداً نووياً يعكس توجه المنطقة نحو بدائل أمنية جديدة بعيداً عن تل أبيب.
الهجوم الإسرائيلي على شخصيات من حماس في قلب الدوحة مثّل، وفق وصف التقرير، انتهاكاً غير مسبوق لسيادة قطر، ووجّه صفعة لمسار "التكامل الإقليمي" الذي رُوِّج له عبر التطبيع. ومع ذلك، يظل مستقبل العلاقات رهناً بمدى استعداد العواصم الخليجية للاستجابة لمطالب الشارع العربي بقطع العلاقة مع الاحتلال، لا الاكتفاء ببيانات الإدانة.