تصاعد الجدل في الأوساط اليمنية، الخميس، على خلفية تحركات إماراتية متباينة شملت إعلان منح دراسية لطلاب من المحافظات الجنوبية بعيداً عن مؤسسات الدولة الرسمية، في وقت شهدت فيه محافظة أرخبيل سقطرى إضراباً واسعاً للتجار احتجاجاً على ما وصفوه باحتكار شركة إماراتية لقطاع الوقود وفرض أسعار مرتفعة.
ففي عدن، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي عن مغادرة 100 طالب وطالبة من أوائل الثانوية العامة في المحافظات الجنوبية إلى الإمارات، ضمن منح دراسية مقدمة من أبوظبي في عدد من التخصصات العلمية.
وتمت عملية السفر بحضور رئيس المجلس عيدروس الزُبيدي، الذي ودّع الطلاب في مطار عدن الدولي، وسط احتفاء إعلامي رسمي من المجلس.
وذكر الموقع الرسمي للمجلس عضو المجلس الرئاسي اليمني المدعوم من أبوظبي أن رئيسه عيدروس الزُبيدي ودّع في مطار عدن الدولي الطلاب المتوجهين إلى العاصمة أبوظبي، في إطار المنحة المقدمة من دولة الإمارات.
استياء حكومي يمني
غير أن هذه المنح أثارت استياء في الأوساط الحكومية، بعدما نفى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، خالد الوصابي، أي صلة لوزارته بها أو بآلية اختيار الطلاب، مؤكداً أن "هذه منح خاصة، وليس للوزارة شأن فيها".
وأضاف الوصابي، في منشور عبر فيسبوك، أنه تابع خبر سفر الطلاب "عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، ما يثير تساؤلات حول شفافية العملية وغياب التنسيق المؤسسي.

ويرى مراقبون أن تجاوز الوزارات المختصة في مثل هذه الخطوات يفتح الباب أمام اتهامات بالمحسوبية ويقوّض معايير العدالة في توزيع فرص الابتعاث الخارجي.
احتجاجات تجارية في سقطرى
وفي موازاة ذلك، شهدت سقطرى احتجاجات متصاعدة ضد شركات إماراتية، حيث أغلق التجار محلاتهم في العاصمة حديبو، رفضاً لما وصفوه بـ"إجراءات مجحفة" من السلطة المحلية التي تلزمهم بأسعار جديدة للسلع والخدمات، بينما تغض الطرف عن شركة "المثلث الشرقي" الإماراتية المحتكرة للوقود والغاز المنزلي.
وأكد تجار محليون أن أسعار الوقود المرتفعة التي تفرضها الشركة انعكست بشكل مباشر على تكاليف النقل وأسعار السلع الأساسية، ما فاقم من معاناة المواطنين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
وانتقدوا تركيز السلطة المحلية رقابتها على التجار الصغار والأسواق المحلية، دون معالجة جذور الأزمة المتمثلة في احتكار المشتقات النفطية من قبل الشركة الإماراتية.
وتداول ناشطون على مواقع التواصل تسجيلات مصورة أظهرت شوارع وأسواق حديبو شبه مغلقة، في مشهد يعكس حجم الاحتقان الشعبي.
وفي حين أقرت لجنة الأسعار الرئيسية في المحافظة، التي تخضع لسلطات الانتقالي الانفصالية المدعومة من أبوظبي، تسعيرات جديدة لوجبات المطاعم وأسعار المياه، بحجة تراجع سعر الصرف، وهو ما اعتبره التجار تجاهلاً للأسباب الحقيقية لارتفاع الأسعار.
ويرى محللون أن المشهدين في عدن وسقطرى يعكسان ملامح متزايدة لنفوذ إماراتي في المحافظات الجنوبية، يتجاوز الأطر الرسمية اليمنية، سواء عبر مبادرات تعليمية مستقلة عن وزارتي التربية والتعليم العالي، أو عبر سيطرة شركاتها على القطاعات الحيوية في سقطرى، ما يثير تساؤلات حول انعكاسات هذه السياسات على مستقبل السيادة الاقتصادية والتعليمية في اليمن.
يشار إلى أن شركات إماراتية تتحكم منذ سنوات في القطاعات الحيوية بسقطرى، بينها المشتقات النفطية والغاز المنزلي والكهرباء والسلع الأساسية، وذلك في ظل نفوذ المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي، ما أدى إلى تزايد الاتهامات باستغلال حاجة المواطنين لفرض واقع اقتصادي جديد يخدم مصالح تلك الشركات.