في خطوة تُوصف بأنها تنظيمية أكثر من كونها تطويرية، أعلنت كل من وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في الإمارات عن هيكلة جديدة للتقويمين المدرسي والجامعي، تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من العام الأكاديمي 2025–2026، وتشمل جميع المدارس والجامعات الحكومية والخاصة على مستوى الدولة.
تأتي هذه الهيكلة في إطار توجّه موحّد لتحقيق مستهدفات "عام المجتمع"، من خلال توحيد مواعيد الإجازات والفصول الدراسية بما يوفّر بيئة تعليمية متوازنة تدعم التماسك الأسري، وتسهل على العائلات تنظيم حياتها حول جدول دراسي موحّد لأبنائها في مختلف المراحل التعليمية.
وحسب إعلان الوزارتين، فإن الجدول الزمني، تضمن البدء بالعام الدراسي والجامعي الجديد في 25 أغسطس 2025، على أن تمتد عطلة الشتاء 4 أسابيع من 8 ديسمبر 2025 حتى 4 يناير 2026، في حين ان عطلة الربيع من 16 إلى 29 مارس 2026، وتُستأنف الدراسة في 30 مارس (مع استثناء جزئي للشارقة).
ويتضمن الجدول الزمني الجديد، نهاية العام الدراسي موحّدة في 3 يوليو 2026، في حين أن المدارس التي تطبق منهاج الوزارة تحصل على إجازات منتصف الفصل في أكتوبر، فبراير، ومايو.
كما أُدرجت إمكانية المرونة المحدودة للمؤسسات التعليمية والجامعية، بواقع أسبوع قبل أو بعد التواريخ المحددة، مع السماح للجامعات الدولية بالاحتفاظ بتقويمها الخاص إن كانت مرتبطة بجامعات أم خارج الدولة.
الدلالات والاستنتاجات
رغم أن التعديلات تبدو من حيث الشكل استجابة للنداءات المتكررة لتوحيد الجداول الدراسية وتسهيل حياة الأسر، إلا أن الهيكلة الجديدة تعكس معالجة إدارية أكثر منها تربوية أو تعليمية.
فهي تركز على توحيد الإجازات الزمنية وتنسيق الجداول دون الخوض في صلب القضايا الجوهرية المرتبطة بجودة التعليم، والمناهج، وعبء الواجبات، وتفاوت القدرات التعليمية بين المدارس والجامعات.
كما أن الهيكلة الجديدة، لم تتطرق إلى معالجة تفاوت المخرجات التعليمية بين المدارس الخاصة والحكومية، ولا الفروقات في جودة التعليم الجامعي، ما يجعلها أشبه بإجراء "شكلي" يجمّل الإطار الزمني دون تطوير المضمون.
تجاهل تنوّع حاجات الطلبة والمؤسسات
ويبدو أن التقويم الموحد قد يُربك بعض المؤسسات الدولية، كما لا يراعي تنوّع تخصصات الجامعات التي تتطلب تقويمات مختلفة لأسباب أكاديمية واضحة، رغم الحديث عن المرونة فيه.
كما لا يوجد في الهيكلة أي رؤية للاستفادة من فترات الإجازة الطويلة في تطوير مهارات الطلبة، أو ربطهم ببرامج تدريبية أو مجتمعية، وهو أمر كانت الدولة سبّاقة إليه في مبادرات سابقة.
ورُبط القرار بمستهدفات "عام المجتمع"، لكن من دون وضع مؤشرات أو أدوات تقويم لقياس مدى نجاح هذا الربط في تعزيز التماسك الأسري فعلياً.
ورغم الإشارة المتكررة إلى "الصحة النفسية والذهنية"، فإن الهيكلة لا تتضمن أي معالجة لمسببات الضغط النفسي كحجم المناهج، أو ضغط الامتحانات، أو ضعف الدعم النفسي في المدارس.
خلوّ من مشاركة مجتمعية حقيقية
ولم تُشر أي من الوزارتين إلى وجود مشاورات مع أولياء الأمور أو الطلبة أو المعلمين قبل إقرار هذا التغيير الشامل، ما يثير تساؤلات عن مدى واقعيته أو قابليته للتنفيذ بسلاسة.
وبالرغم من أن الهيكلة الجديدة تسجّل خطوة نحو تنسيق أفضل في نظام التعليم الإماراتي، فإنها تظل خطوة جزئية لا تلامس جوهر تحديات التعليم، خاصة في ظل فجوات قائمة بين السياسات التعليمية وواقع الصفوف الدراسية.
ولتحقيق بيئة تعليمية متوازنة حقيقية، لا بد أن تتكامل هذه الهيكلة مع إصلاحات أعمق تمسّ المحتوى، والمعلم، وطرق التقييم، والدعم النفسي والاجتماعي للطلبة.